مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية إجتماعية مصرية مليئة بالأحداث الرومانسية للكاتبة رانيا صلاح والتى سبق أن قدمنا لها رواية أسرار البيوت علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الخامس من رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح.
رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح - الفصل الخامس
رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح - الفصل الخامس
ليل...
"نتوارى دائمًا خلف حجابهُ الساتر، نلهو ونمرح مع ما يؤلمُنا مُرتدين قِناع الصمود رغم الغليان، ولكن مع عقارب الثانية عشر تسقُط الأقنعة مع مرور الطيف وأنهار الدمع.."
بدأت الشمس وكأنها تُعانق كبد السماء، والأرض تزدهر بتلك الطبقة الصفراء، فتُصبح كطبقٌ طازج انتهى نضجهُ لتو....أنهت" وداد" دوامُها المدرسي وفرت هاربة من تلك المُديرة البغيضة، بعينها الصغيرة، وقامتها المُكتنزة، وتنورتها المُميتة بالون الرمادي، ولكن قبل أن تصل قدمها نهاية الدرج، كانت تتوقف مع صوت....
ببسمة خلابة تُزين وجهها الطفولي، وبصياح شبة عالٍ، كانت "ريتا" تركض صوبها :
-ms…
توقفت "وداد" عن السير وابتسمت بعمق، حتى أن عينيها تم اغلاقهم، وبنبرة مرحة :
-ايوة يا "ريتا".
احتل وجهها الطفولي عبوس طفيف :
-أنتِ لية مش بتقولي حبيبتي زي زمان؟.. أنا زعلتك....
رق قلبها لحال الصغيرة ، فجثت على رُكبتيها، بمُحاذاة طولها ، ويدها تُحاول تنسيق شعرها المُبعثر :
-لا يا حبيبتي، بس خلاص هقولك حبيبتي ديمًا، اتفقنا...
ابتسمت بفرح وصفقت بيديها:
-اتفقنا، وأنا هقولك يا "مامي"...
دلو من الجليد سُكِبَ فوق رأسها، واحتل الذهول عينها، وعُقِدَ لِسانها :
-"ريتا"...
وبفطرتها أدركت وجود خطب ما ، فسارعت بالقول :
-خلاص مش هقول "مامي" بس متسبنيش زيهم..
دمعة من نيران سقطت من حدقتيها، لتُسارع بإزالتها وبنبرة ما تحمل الكثير، مما يعجز اللسان عن البوح به :
-حبيبة "مامي"...لتمتنع عن الاكمال مع صوت حاد ....
تحركت "فادية" بغضب بالغ، تقطع الأرض وكأنها تصبُ جام غيظها، وبنبرة زاجرة :
-"ريتا" تعالي هنا.... لترتفع يدها وتبدأ بتعديل نظارتها... أظن يا "وداد" انك هنا مِس وليس أم، ياريت تلتزمي حدود شغلك....
"فطرة... نخلقُ بها، وتبقى بداخلنا دون أي رتوش، بها نُكمل دون خوف، ومعاها تتأرجح بين الحق والباطل، ولأنها فطرة ستبقى هي جسر الروح إلى النور بعد الظلام.."
**
أسوء شيء أن تحيا وبداخلك سِراج الأمل، ولكن إذا توجب عليك أن تُطفئ السِراج دون أن يرمش لك جفن هذا أقسى شعور سيمرُ بكَ ذات يوم....تركت يداهُ القلم بإنهاك واضح، وبدأت بفرك جبينُه طالباً البعض من التركيز، فمازال لديهِ بعض الأوراق، زفر بتمهل وعندما التقطت يداهُ القلم من جديد كان للهاتف رأي آخر،.... ثوان كان ينظُر إلى الرقم الظاهر على شاشة الهاتف بمشاعر عدة ترقُب ، خوف، اطمئنان، تمنى، رجاء، اشتياق ولكن الأكيد والاقوى قبضة من نيران تقبض على القابع بداخلُه، وبلهفة كان يُجيب:
-أيوه..... سكون، ونصل حاد يستوطن روحه قبل قلبهُ النازف، ليترُك قدماهُ لرياح خوفًا من التأكُد ولكن لا مفر.....
**
ضجيج يحتل البيت، وصوت الأواني يعزف أرق الألحان مع تلك النكهة المُحببة للقلب.....رفعت "فاطمة" يداها لإزالة بعض القطرات الساكنة على جبينها، وبصوت عالٍ:
-"ياسمين"...
ضحكات تملأُ البيت الحزين دفء بعد عدة شهور من الدمع، ليرتفع التذمر مع نداء والدتها :
-يوه يا "ماما" جايه... وبلهجة عدائية... أنا عدة الورق بتاعي، عالله حد يأخد ورقة، وركضت تُجيب النداء. ...
لينفجر كلاهما بالضحك عليها، ليكُن أول من يحاول جاهداً كبح ضحكاتُه "ياسين" :
-لسه زعلانه؟...
لمحة من الحنان طفت بعين "فريدة" :
-خالص، بس دا مينفعش أنك تحكيلى الحكاية....
ببلاهة:
-حكاية أية؟...
بهمس خافت، وعينها تنظُر صوب الردهة التي اختفت بها "ياسمين" قبل قليل:
برعي، وصندوق كُل ليلة....
زفر بإرهاق، وقلة حيلة :
-معرفش غير الي كلنا عرفينوا، و"ياسمين" مبتحكيش أي حاجه...
وهنا بداخل المطبخ كانت تتذمر بوضوح :
-ايه يا طمطم معندكيش عيال غيري؟...
"فاطمة" :
-بطلي غلبة، وشيلي الأكل يلا... وحسك عينك صباعك يتمد على الطبق فاهمة...
بأداء مسرحي :
-بقيتي شريرة أوي، دا أنا زي بنتك برضو...
حركت شفتيها بامتعاض لابنها، وبتقريع :
-بنتي... بلا وكسه أنتِ بتعرفي تعملي لنفسك أكل..
حركت رأسها بتأكيد، وبمرح :
-في دي عندك حق..
تسربت الابتسامة لوجنتيها، وبنبرة تحمل القليل من الشدة :
-خدي الأكل يلا، بدل ما اخبطك بالي في إيدي...
حركت حاجبيها بمشاكسة، وأضافت :
-عنيفة أوي...لتحمل الأطباق مُسرعة إلى المائدة، فرائحتها تُداعب معدتها بشدة، وقبل أن تلتقط احدي أصابع الكُفتة، كانت هُناك صرخة زاجرة تمنعها...
- مش هتبطلي عادتك دي أبداً، يلا نادي المواكيس...
**
ترجل من السيارة مُسرعًا، وعيناهُ بركة من الدماء، وأنفاسهُ حدث ولا حرج عليها، ليركُض على الدرجات، ليطرُق الباب، ولسانهُ لا ينفكُ عن الهمس بالدُعاء، وبتوتر:
-مساء الخير...
الضابط:
-مساء النور... وأشار بيداهُ للجلوس... تشرب أيه؟..
بصوت حاول جاهداً الثبات به :
-ولا أي حاجة، ممكن تعرفني أساس كلام حضرتك؟...وظل يُراقب عن كثب تعابير وجهُه...
ظهر بعض من الأسف على وجه "الضابط" :
-فاهم شعورك جدًا ومُقدر موقفك، لكن المستشفى بلغتني من ساعة بوجود جثة بنفس موصفات زوجتك...
قبض "أيمن" على كرسيهِ حتى أبيضت مفاصلُه :
-هشوفها أمتي؟..
-"الضابط" :
أتفضل معايا....
**
سكون تام يحتل سيارته، وهو يزفر بضجر، لا يُحب الإنتظار قط، وقبل أن تبعث يداهُ بمذياع سيارتهُ، كان الباب يُفتح بعُنف، وبعين يملأُها التساؤل، تُنافي الترحيب :
-"ريتا"....
لم تُلقي لهو بالاً، وظلت تعبث بأطراف زيها المدرسي، بضيق شديد....
-"حسن" :
مين زعل "ريتا" هانم؟..
"فادية" بصرامة :
-يلا يا "حسن"..
يتذمر، وهمس لا يُغادر شفتاهُ:
-منا هطلع، كان مالي....
وبضيق، يشوبه الحنق :
-بطل عادتك دي، وعلى صوتك..
اكمل القيادة، وحرك رأسها في تأكيد مع قوله :
-حاضر....
-"ريتا" :
"حسن" عاوزه أروح "لبابا"...
ابتسم لها بحنان :
-عنيا، هنوصل تيتا ونروح مع بعض..... ليبتلع المُتبقي مع نبرة زاجراه....
كانت تشتعل من الغيظ من تلك الوداد، ليتهادى إلى أُذنيه صوت الصغيرة بطلب الخروج، وبانفعال :
".... Home work” – مينفعش في
قرر التزام الصمت، فهو على علم بقوانين والدتهُ الصارمة :
-طيب... ليعلوا رنين هاتفهُ... وما هي الا ثوان وتتحول ملامحهُ المرحة لأُخري مُلبدة، وكأن البُساط الأزرق تحالف الغيوم عليهِ فاخفت بريقُه....
**
دقت الساعة الثانية والنصف عصراً، ليرتفع صوت المذياع على تردد القرآن الكريم" كيف تقرأ القُرآن"، ليبدأ بجذب انتباه البعض من الجالسين، حتى لو لم يعرف الكثير منهم الحفظ يومًا، ولكن تلك النبرة التي تتغير من آن لأخر بذاك التردُد تُصيب قلوبهم بالاطمئنان، ولكن من لم يعرف الأيمان لقلبهُ درب لن يُبالي..... ظل ينفُث دُخان الأرجيله بنهم، وعيناهُ تنظُر لأول الشارع بين الفنية والأخرى، ليقطع نظراتُه صوت....
-"سيد" :
أنا هطلع فوق شوية...
زفر "فرج" باستياء، وترك الخرطوم، وبعينهِ تساؤل صريح :
-لية أن شاء الله؟..
بنفاذ صبر، ونبرة حاول جاهدًا جعلها هادئة:
-الجو برد، هطلع اتقل على نفسي وانزل، ولا ممنوع..
بسمة صفراء أظهرت نواجذهُ :
-لا عيب تطلع، وقبل أن يُكمل حديثُ كان...
"صبي الفكهانى" :
-مساء الفل يا معلم...
امتل وجهه بالامتعاض :
-مساء زي وشك، جبت الطلبات..
"صبي الفكهاني" :
-كُلوا يا معلم...والحساب...
التقطت عيناهُ طيفيها من بداية الشارع، فتُحرك مُسرعاً ليلحق بها، تاركًا الصبي خلفه، وهو يُخبرهُ ان الحساب عندما يعود.
في قانون الحرب والحب كُل شيء مُباح، فسارع باستغلال ملامح الضيق على وجه "صبي الفكهاني" :
-سيب الطلبات، وقولي الحساب كام؟...
-"صبي الفكهاني" :
100جنية يا "أبو السيد"..
أخذ الأكياس وصعد للأعلى، وهو يتمنى رؤيتها والاطمئنان عليها.....
حرك يداهُ على شاربهُ بتفاخر :
-مساء الفل يا أبله...
-"وداد":
مساء النور، خير؟..
-مالك يا ابله أنتِ شوفتي عفريت ول ايه؟..
زفرت بضيق، وبنفاذ صبر :
-ما عفريت الا بني أدم، خير يا معلم كل يوم والتاني هتوقفنى؟...
-في دي عندك حق يا ابله ، لكن ملحوقة، صلى على النبي في قلبك... ولم يترُك لها مجالًا لتنفُس فأكمل....
ربنا عرفوه بالعقل ، وأنا راجل دوغري ما أحبش العوق.. . وأنا ريدك، ها قولتِ ايه يا أبلة ؟....
اتسعت عينها من الذهول، وفرغ فمها من الصدمة، وبسخط :
-"جاء للأرملة جوز قالت أعور ما ينفع"... عن إذنك.... وبتهكم..... يا معلم..
**
زفرت "بدرية" بضجر، وبنبرة شبة حازمة:
-بطلي غلبة، وقومي يا "مريم"..
بصوت يغلبهُ النعاس:
-شويه صغيره وهقوم.... ليقترن هذا مع رفعها الغطاء على وجهها..
-يابنتي باقلك ساعتين، تقوليلي شوية ومبتصحيش، قومي كُليلك حاجه، وتعالي نامي براحتك..... لتنقطع الكلِمات مع صوت جرس المنزل.... بصياح :-
ايوه جايه.....
كاد قلبهُ أن يُفارق موقعه، وعيناهُ تضع الألف الحكايات لرؤيتها، وقبل أن يُعاود طرق الباب من جديد.....
وضعت حجابها المنزلي بإهمال، وببشاشة :
-أزيك يا "سيد".
ابتسم تلقائياً لرؤيتها، وبنبرة مُماثلة :
-أزيك أنتِ يا "خالتي"..
-فضل ونعمه، تعالي حماتك بتحبك ..... وتحركت لتُفسح لهُ المجال بالدخول...
وباعتذار :
معلش مرة تانية...
بلوم وعتاب يقطر من عينها :
-لا تانية ول تالته، تعالي يا بني متبقاش بخيل، انا هروح أجبلك الرز بلبن، وأنت حط الحاجات براحتك.... لتختفي داخل ردهة المطبخ...
لم تكد تمر ثواني، وكان يضع الأكياس على مائدة الطعام، ليسحب احدي الكراسي ويجلس بهدوء، يُنافي خذلان قلبه لعدم رؤيتها، ظل عقلهِ يُحيك الكلِمات من أجل الاطمئنان عليها، ولكن حروف اللُغة تخزلهُ من جديد، فيلعن حظهُ...... انقطع العقل عن الاسترسال وانفرجت شفتاه عن بسمه عاشقة، وتحولت عيناهُ لعُشبٍ نادي ....
خرجت "مريم" من الغُرفة، وتستند على عُكازها ، و النُعاس يحتل وجهها بجدارة، وشعرها يروي ألف خريطة لمتاهة الصحراء، وبصوتٍ عالٍ :
-"بداره"... وبابتسامة رائعة :صباح الخير...
خرجت من المطبخ، وهي تحمل طبق الأرز بالبن، لتُعلق بسخرية :
-نموسيتك كُحلي، العصر قرب يأدن...
وثب قلبهُ فرِحٍا لرؤيتها، يُقسم أنه يسمع قرع الطبول بداخلُه، ليستجمع أنفاسُه الضائعة، وبنبرة حاول جاهداً ثباتها :
-مساء النور...
وضعت طبق الأرز أمام "سيد"، وبحنان أموي :
-كُل يا حبيبي بألف هنا..
ابتسم لها بود، وأخذ الطبق يأكل بنهم عل هذا يُخفف من توتره، وقبل أن يلتهم الأخرى كان الطبق اختفى من أمامه، و المعلقة سُحبت من يده....
انفرجت شفتاه بلهجه ناهرة :
-"مريم"..
اكملت التهام الطبق غير مُباليه لحديث امها، ول نظراتُه العاشقة....
**
وصل "حسن" مبنى المشرحة وهو بالكاد يستطيع التقاط أنفاسُه، لتقع عيناهُ على اخيهِ بنهاية الممر وكتفاهُ مُنكسرين، وكأن الجبال تقبع فوقهم، ليُكمل الركض، وانفه تنفُر من تلك الرائحة العطبة، رائحة الموتى بمزيج من مُطهر لم يُعرف سوي بجلب الغثيان،.... جلس بجوار أخيهِ والصمت يرنو عليهم، فملامح وجه اخيهِ تحكي الكثير، لم يرى أخيه بتلك الحالة من قبل، هل يُمكن لهُ بالانكسار، وهو من لا يُبالي بأحد، يُقسم أنهُ لم يرى أخيه بتلك الحالة سوي مرة قبلها؛ يوم وفاة والدهم، وبعدها.... اكتفي من النظرات مع...
لن يشعُر "أيمن" سوي بتيار حاد من الجليد يُصيب سائر جسدهُ، مع دمعة من نيران تحرق عيناهُ، قبل أن ينفي أن زوجته صاحبة الجثة، ليجلس بالخارج لا يقوي على جمع أنفاسُه، ليتصل بأخيهِ دون أن يُزيد حرف عن المكان..... زفر بنيران تكوي روحه وهو يستند بذراعيهِ من الهُلام على كتف أخيه ِ، وهمس لا يعلم هل سمعها أم لا :
-يلا..
تحرك بهدوء، فهو يعلم عن حجم المُعاناة التي بها أخيه، سار بمُحاذة كتفه دون أن يتفوه بأدني حرف....
"في بعض الأحيان لا نُريد سوي أنفاس تُشاركُنا دون جِدال ينتهي بأن المُخطئ هو أنا، نُريد عين ترفقُ بنا، ويدٌ تحملُ أثقالنا، وهمس خافت ينبعِثُ أننا سنكون بخير..."
**
اسدل الليل ستائرهُ السوداء، وازدهر المصباح الأبيض فبات أشد توهُجً، لتكتمل اللوحة الفنية، بدفء المكان وقاطنيه، وانبعث احدي المقطوعات الكلاسيكية من "الجرامافون "... كانت تتحرك بثوبها السماوي، وخصلات شعرها تُسافر هُنا وهناك دون رأفه بقلبه العليل، ود لو يستطيع غلق عيناهُ على تلك الصورة، بسمة تُزين شفتها، فتُصيب قهوتيها بالانغلاق مع ترنيم ضحكاتُها الخافت.... زفر عدة مرات وهو يحاول جمع شتات قلبهُ التائه في محرابها، لترتفع يداهُ بتلقائيه لتلك الحلقة الفضية حول عُنقه، ليقبض عليها برفق، وقبل أن تبحث عيناهُ عنها من جديد، كانت....
"أن تُحقق حُلماً لأمرٌ رائع، ولكن أن وجِدَ من نتمناه بالجوار!.. تُصبح السعادة حروف لا تُقارن بقرع الطبول في قلُبنا...."
تحركت بثوبها السماوي، وعيناها تلتقط الكثير من الذكريات له، بتلك البَدْلة الزرقاء، وعيناهُ التائه في إحدى الإطارات.... جمعت القليل من أنفاسها الضائعة لتُقرر الحديث معهُ، و غدًا يعود الجفاء،.... تنحنحت بإحراج طغى على وجنتيها:
-أزيك يا" حسن"؟..
رسم تلك الابتسامة الجاذبة، وبنبرة أجاد ثباتها :
-الحمد لله وأنتِ...
-الحمد لله..
أظهر قدرًا قليل من الحفاوة:
-مبروك..
كادت أن تُجيب، لتتلاشي الحروف مع نداء "رقية" لها.... وباعتذار :
-عن إذنك... وتحركت وهي تُتمتم بسخط.....
وعلى الجانب الآخر، وبذاك الجانب المُظلم، كان يجلس "منصور" بعبوس من تلك الأجواء المُحيطة به، ليزفر بضيق من آن لآخر، يُقسم لو لم يكُن هذا لأبنته لما أتى... دارت عيناهُ عن كثب تُراقب الوجوه فلم يجد سوي الجمود والبسمات الزائفة،.... جلس على الكُرسي وهو ينظُر للهاتف بين الفنية والأُخرى، ليقطع ضيقهُ....
تهادت بفستانها القرمُزي، وقرع حِذائُها يُشارك بالعزف على قلوب من يرونها، مرح ونبرة ترحيبه :
" انت مش فاكرني، أنا" فري".. Hi”
لم تُحرك تلك الشقراء بهِ قيد أنملة، لينظرُ لها بضيق لا يُفارقهُ، منذُ بداية الليلة :
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أزيك يا أبله..
شعرت بالضيق من تصرُفه :
-sory
" بين هذا وذاك خفقه، ولكن الجمود سيدُها فيُبكينا،..... كادت "رقية "أن تشتعل من غضبها، وبلهجه شبه مرتفعة ، وهي تُعنف" ياسمين":
-بقى كده، أنا يتقالي أنسة رقية....
انفجرت بالضحك، حتى ادمعت عينها، حاولت جاهدة قتلت ضحكاتها؛ ولكن هيئة" رقية " لم تفعل سوي مزيد من الضحك....
وكزتها بعنف في مرفقها :
-بطلي ضحك، هقول أيه أنتو عيلة باردة يا.... لتشهق بعنف من...
"ياسين "بنبرته الصارمة :
-في ايه يا "ياسمين" بتتخانقوا ليه؟...
ظلت على حالها من الضحك، وهي تحاول الثبات مع رفع حاجبيها بمُشاكسة :
-مفيش أصل...
شعرت أن صديقتها ستبوح، فاطلقت نظرة من نيران نحوها، وبسرعة البرق :
مفيش ما أنت عارف أختك مجنونه، وفرت هاربة من أمامهم....
رأت انطفاء لمعة عيني أخيها وبجدية :
-وبعدين!..
غز الارتباك وجههُ، وارتدى قِناع الجهل :
-وبعدين أيه؟... روحي شوفي ضيوفك وأنا هشوف "أيمن"...وفر هاربً من أمامها وعيناهُ تعود لخيانتهُ من جديد؛ فتبحث عنها، ليراها تتهادي بثوبها الارجواني صوب أخيها، وليلها يُسافر خلفها في هدوء، وكأنهُ لم يعبث بوجدانهُ...
"واه من نيران الهوي، نحيا بها خوفاً من البوح بحروف تُقابل بالخذلان...."
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا