مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة منال محمد سالم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل التاسع من رواية الطاووس الأبيض ج2 بقلم منال محمد سالم .
رواية الطاووس الأبيض ج2 بقلم منال سالم - الفصل التاسع
إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية
رواية الطاووس الأبيض ج2 بقلم منال سالم - الفصل التاسع
بدافعٍ من الحب الغريزي نحو شقيقتها قررت إبقاء الأمر طي الكتمان حرصًا على سعادتها البادية عليها، وحتى لا يُقال أنها أفسدت عليها فرحتها قبل اكتمالها، خاصة في مثل هذا التوقيت الحرج .. دفنت ما عرفته ضمن صفحات الماضي، لا داعي لإثارة الجدل بعد ما اكتشفته مصادفة، لتكن وحدها من يحمل السر إلى القبر .. تلقت أيضًا توبيخًا تستحقه لهروبها خلسة قبل أن تراها والدتها وتطمئن عليها، وكأنها ارتكبت ما تخجل منه، لم تلقِ بالاً لحدة أمها معها، أرادت فقط تخطي تلك الليلة بما احتوته من ذكريات مؤلمة. طوقت "همسة" توأمتها بذراعيها من كتفيها لتحتضنها وهي تتنهد قائلة:
-مش عاوزاكي تزعلي يا "فيرو"، والله ماما بتحبك، وأنا حاولت أفهمها إنك بقيتي كويسة.
ردت بتفهمٍ قبل أن تحرر من حضنها الدافئ:
-عادي يا "هموسة"، ماتحطيش في بالك.
أمعنت الأخيرة النظر في تعبيراتها الساكنة متابعة تبريرها لشدة والدتها معها:
-هي مكانتش حابة إنك تبقي لوحدك بعد اللي حصل، طبيعي تخاف عليكي وتقلق.
كانت "فيروزة" متفهمة لأبعد الحدود، بل بدت مسترخية أكثر من اللازم بما يدعو للشك، استلقت على الفراش، وعلقت:
-الموضوع مش مستاهل.
-طيب.
عادت "فيروزة" لتسألها لمرة أخيرة:
-قوليلي إنتي فعلاً بتحبي "هيثم" ده؟ يعني واثقة إنه هيسعدك؟ يستاهل حبك ليه؟
لاحت بسمة ناعمة على ثغرها وهي تجيبها بتأكيد:
-أيوه.. أنا بأحس معاه إني واحدة تانية، وهي بيعمل كل حاجة عشان يفرحني.
كان ردها كفيلاً بإعلانها الرسمي بالتزامها بما عاهدت عليه نفسها، تحركت شفتاها لتظهر ابتسامة لطيفة حين عقبت عليها:
-ربنا يفرحك يا "هموس"، إن شاء الله تبقي أحلى عروسة.
............................................................
من تطلع إليه في تلك اللحظة ودقق النظر في تعبيرات وجهه المتقلصة لأدرك أنه يخوص الآن حلمًا يعايشه بكل طاقاته اللا شعورية، سحبته آلة الزمن المتحكمة في أحلامه المكبوتة –بإرادته- إلى سنوات مضت؛ حيث الحريق المشؤوم، في البداية بدا كل شيء متداخلاً، ومضات تروح وتجيء بشكلٍ غير مفهومٍ إلى أن استقر المشهد على طفلة تشير بيدها نحو حريق بالخلف، انعقد حاجباه بقوةٍ وهو يحاول تبين ملامحها، كانت مألوفة بدرجة جعلت قلبه يخفق، ونبضاته تتلاحق، نفس النظرات الحادة، والوجه الصارم، حتى أنه تذكر الجديلتين، أما رسمة الطاووس الملفتة التي احتلت صدر ثوبها عززت من إحساسه حول معرفته الشخصية بها، تذكر أيضًا تلك اللمسة الخشنة منه على رسغها الضعيف وهو يجرها للخارج ليمنع ألسنة النيران من الإمساك بجسدها الضئيل.
انتفض "تميم" محاولاً إنقاذ زوج خالته، لكن شرارات النار الجائعة كانت أسبق منه إليه، نالت من جسده وأحرقته حيًا وسط صرخات مفزعة مميتة للقلوب، شخص بأنظاره من هول المنظر المرعب، أحضر دلوًا مليئًا بالمياه لإطفاء ما استعر به، لكن عرقتله الكتلة المؤلمة التي انهالت على كتفه فتدحرج الدلو من يده، وطُرح أرضًا لا يقدر على الحركة، كان في حالة أقرب للإغماء وهو يرى من خلف ضلالاته المشوشة رسمة الطاووس المزركش وهي تدنو من عينيه تحاول شده إليها وسط حشرجة صوته الذي اختنق بالدخان القاتل، غزاه الظلام وهو يشعر بحركة عاجزة من الطاووس يحاول بها جره، أدرك أنها النهاية، لن ينجح ذلك الكائن الضئيل في نجدته، جاهد ليفتح عينيه ليلقي نظرة أخيرة على ما حوله وسط سحب الدخان الرمادية الكثيفة، كان وجهها ملاصقًا له، ساكنًا، مرتخيًا، ملامحها أصبحت واضحة، امتدت أصابعه المرتجفة لتلامس وجنتها المشتعلة بحمرة نتجت من عنف مجهود يفوق قدراتها الجسمانية، لم تتحرك .. بقيت هادئة، حينها فقط خرج صوته هامسًا يحمل أنينًا حزينًا وكأنه يناديها:
-"فيروزة"!
التقطت أذناها صوته الخافت وفتحت عينيها على اتساعهما، حملقت "خلود" في السقفية باندهاشٍ غاضب قبل أن تدير رأسها في اتجاه زوجها النائم إلى جوارها لتحدق فيه بكل ما يتقاذف من عينيها من شرارات الغضب والغل، أرهفت السمع لتتأكد إن كان ما سمعته صحيحًا أم مجرد خزعبلات وهمية أصابت رأسها غير الواعي حين غفلت بعد عناءٍ .. ظل "تميم" صامتًا، لم يتفوه بشيء، راقبته جيدًا وتابعت انتظام حركة أنفاسه، على ما يبدو ما زال مستغرقًا في النوم، انسحبت من الفراش وهي تشعر بقلبها المذبوح يتمزق لعشرات القطع، أيعقل أن يحلم بغيرها وهي تنام في أحضانه على الفراش؟ ربما كان يمنحها حبه الجسدي ويغدق على تلك البغيضة بما ضن عليها به! ضبطت بمجهودٍ عنيف أعصابها حتى تخرج من الغرفة لتستنشق الهواء بعد أن شعرت أنه يطبق على صدرها ويكاد يكتم أنفاسها .. اتجهت للمطبخ لتشرب كوبًا من الماء البارد، ما زالت الشكوك تلعب برأسها بشــأن وجود ما يخفيه عنها.
هجرانه لها أم جفائه معها لا تستطيع أن تحدد تغير معاملته رغم كونها تحمل في أحشائها طفله، يكاد ذلك يصيبها بالجنون، وما ظنت أنها سمعته عظم من إحساسها بالغضب المحقون، تسللت "خلود" بحذرٍ لتجلس في غرفة النوم الأخرى ومعها هاتفها المحمول بعد أن ألقت نظرة عابرة من الخارج على الفراش المتكومة أغطيته معتقدة في قرارة نفسها أن زوجها ما زال مستغرقًا في نومه العميق، يغط في أحلامه المحرمة تاركًا إياها تعاني ويلات برود مشاعره، واربت الباب خلفها واتجهت بخطواتٍ شبه متعصبة نحو الفراش، جلست على طرفه وظلت تهز ساقها في عصبية، لم تستطع صرف ذهنها عن التفكير في "فيروزة"، تلك الحقيرة التي تنسج الخيوط حول زوجها لتجره إليها جرًا، البغاء في أقذر صوره متجسدًا في شخصها اللعوب، التقطت هاتفها بيدها، ووضعته على خاصية السماعة الخارجية ليبدو صوت والدتها واضحًا نظرًا لتعذر سماعها بدون تلك الخاصية بسبب العطب الذي أصاب جهازها، وإغفالها عن إصلاحه، تنفست بضيقٍ قبل أن تنطق:
-أيوه يامه
أجابت عليها "بثينة" باستغرابٍ:
-في إيه يا بت؟ إنتي صاحية ليه السعادي؟
أجابتها بقنوطٍ:
-خلاص معنتش قادرة استحمل، أنا شوية وهاتجنن، جبت أخري.
اختفت نبرة النعاس من صوت والدتها وهي تسألها بانتباهٍ:
-ليه حصل إيه تاني؟ جوزك عرف بحكاية البرشام إياه؟
في تلك الأثناء، نهض "تميم" من نومه على كابوسه المفزع، لكنه منحه إجابات كانت تنتظره حتى ينبش فيها، هو متأكدٌ أنه لم يخطئ في حدسه، "فيروزة" هي الطفلة الصغيرة التي كانت معه، وَلهَها بنقوشات الطاووس وأشكاله المختلفة لا يزال مرتبطًا بشخصها، نفس الملامح لم تتغير كثيرًا، حتى النظرات الحادة التي دومًا توحي بغضبها كما هي، التفت لجانبه ليتفقد زوجته فلم يجدها، دعك رأسه وفرك عينيه وهو ينهض عن الفراش حتى يستفيق، اتجه للخارج باحثًا عنها، صوت همهمات متعصبة كان يصدر من غرفة النوم الأخرى المضيئة، تحرك صوبها وقبل أن يضع يده على الباب الموارب كانت أذناه قد التقطت -بمحض الصدفة- جملةً جعلته يتصلب في مكانه مصدومًا، انزوى في بقعة معتمة حتى لا ترى انعكاس خيال ظله ليسمع بوضوح حديثهما الخطير .. نفخت "خلود" قبل أن ترد بنبرتها المنزعجة:
-لأ، "تميم" مايعرفش حاجة.
ردت "بثينة" ساخرة بعد ضحكة رقيعة مستمتعة:
-وهيعرف إزاي وإنتي كنتي بتحطهوله في الأكل؟ ما تجربي ده تاني، أنا هاجيبلك كام حباية كده تداريهم بمعرفتك.
اتسعت عينا "تميم" في ذهولٍ وقست تعابيره بشكل ينذر بعواقب غير محمودة أبدًا، أطبق على قبضتيه بقوةٍ حتى ابيضت مفاصله من غضبه المكبوت، حافظ على ثباته عله يكتشف المزيد، في حين كزت "خلود" على أسنانها قائلة:
-الموضوع ده عدى وانتهى، ومش هاينفع أعمل كده تاني.
سألتها والدتها بجدية:
-هو مسألكيش تاني عنه؟ يعني دخلت عليه حكاية إنه بتاع "هيثم"؟
أجابت على مضضٍ:
-أيوه.
عاد الفضول ليشغل تفكيرها وهي تسألها:
-أومال في إيه؟
أجابت بضيقٍ وهي تقضم أظافر يدها بأسنانها في توترٍ:
-شكله متغير عليا.
نهرتها والدتها بضجرٍ:
-هو إنتي غاوية تجيبي النكد لنفسك؟ هو كان لونه أصفر وقلب أخضر! يا بت اركزي وخدي بالك من اللي في بطنك، ماتبقيش حمأية وغبية كمان.
هتفت محتجة عليها دون أن ترفع من نبرتها:
-لأ إنتي مش فاهمة يامه، مابقاش زي الأول كده عاوزني وملهوف عليا.
ردت ببرود شبه مستفز غير مبالية بمشاعر ابنتها المحتقنة:
-وإيه يعني؟ مصلحة! ما الدكتور قايلك مافيش داعي للكلام إياه الفترة دي.
استاءت من فهم والدتها المنحصر في مسألة العلاقات الجسدية فقط، كانت تريد الأعمق من ذلك، الاستحواذ عليه في كل شيء يتضمن المشاعر، التفكير، وحتى في اختياراته البسيطة، حاولت أن تفسر الأمر لها، فاسترسلت بتنهيدة مهمومة:
-مش ده اللي بتكلم فيه، أنا حاسة بيه، هو متغير معايا، جمبي أه بس عقله بعيد عني.
علقت ببساطة متجاهلة أحاسيسها:
-ما جايز في حاجة في الشغل قرفاه.
اعترضت بألمٍ شعرت به ينغص صدرها:
-لأ، قلبي بيقولي غير كده.. وأنا شاكة إن البت العقربة إياها ورا قلبته عليا
تحفز "تميم" في وقفته وقد انخلع ما بين ضلوعه في توترٍ بعد استماعه لشكوكها، لكنه لا يقارن أبدًا بغضبه المتأجج فيه جراء الحقيقة المخجلة، ضغط على شفتيه بقوةٍ ليمنع نفسه من التهور، ما زالت الأمور في أولها، تساءلت "بثينة" بصوت وصل إليه:
-تقصدي مين؟
أجابت بغيظٍ واضح:
-الهبابة "فيروزة"! هو في غيرها؟
سألتها والدتها من جديد في استغرابٍ مستنكر:
-وهي مالها بيه؟
ردت بغلٍ بائن في صوتها قبل نظراتها:
-إنتي ناسية يامه المحروس أخويا وشبكته السودة، ما هما ساكنين فوق خالتي، طبعًا في الطالعة والنازلة هتشوف "تميم" وترسم عليه وتشاغله، ونظراته ليها مش مريحاني.
سخرت أمها من خيالها الجامح، وهتفت بتهكمٍ:
-وربنا كتر فرجتك على التلفزيون لحست مخك، جوزك ده زي القطر، مايعرفش لا حب ولا غيره.
تغاضت عن استخفافها بها، وأصرت على ما تقول:
-الحاجات دي تتحس يامه.
هتفت بها تحذرها من تماديها في أوهامها الحمقاء:
-بأقولك إيه اهتمي بصحتك اليومين دول، خلي حملك يكمل على خير، والبت دي سبيهالي، أنا هاشوف شغلي معاها.
أوغر صدر "تميم" في حقدٍ وكره ناقم من المؤامرات الماكرة التي تُحاك من وراء ظهره، والأدهى من يدبرها؟ زوجته بمساعدة خالته! استشاط غضبًا لكونه في موقف الأبله الذي منح ثقته لمن لا تكف عن إيذائه، ناهيك عن إفشاء أسرار بيته مخالفة عهدها معه .. توسلت "خلود" لوالدتها:
-بالله عليكي يامه اقفي جمبي، أنا مش هاستحمل واحدة تانية تشغل بال جوزي ولا تاخده مني، هو بتاعي أنا وبس، أنا صبرت ده كله واستحملت أسلوبه وطريقته عشان نبقى لبعض.
نصحتها والدتها بلهجةٍ شبه حازمة:
-طيب.. قومي نامي في فرشتك جمب جوزك بدل ما يقوم ومايلاقيكش.
تنهدت ببطءٍ قبل أن ترد:
-حاضر.
أنهت معها المكالمة بعد بضعة وصايا أخرى تخص الانتباه لصحتها وتناول الطعام الصحي لتنهض من الفراش وهي غير متوقعة من يقف لها بالخارج، انتفضت متراجعة للخلف في ارتعابٍ حين فتحت الباب وأطلت برأسها لتتفاجأ بزوجها يسد الطريق عليها، شبحت بشرتها، وأحست بتلك الخفقة العنيفة المرعوبة تضرب قبلها، اهتزت شفتاها ناطقة:
-"تميم"..!
لعقت شفتيها واستجمعت نفسها لتبدو طبيعية أمامه، اجتهدت لتبتسم لكن خرجت بسمتها مهزوزة يشوبها الخوف، سألته بعينين تدوران على وجهه القاتم بترقبٍ متوجسٍ:
-إنت هنا من امتى؟
لم يجبها، لكن تعابيره القاسية حذرتها من شيء مهلك، لوحت بالهاتف أمام وجهه موضحة بصوتها المرتبك:
-أنا.. كنت بأكلم ماما .. بتطمن على صحتي، مشغول بالها عليا و.. محبتش أعمل دوشة وإنت نايم، ماهي طلبتني.. وإنت عارفها بتحب ترغي وآ.....
ابتلعت باقي جملتها الكاذبة في جوفها حين صرخ بها بصوتٍ هز أركان الغرفة:
-يعني كنت أنا المغفل اللي بتحطيله الهباب ده؟
تراجعت بخطواتٍ مرتجفة للخلف لتتحاشى اقترابه الغاضب منها، وهتفت ترد في هلعٍ:
-إنت فاهم غلط
واصل صياحه المتشنج وعروقه تنتفض غضبًا وحنقًا:
-وفي الأكل يا قادرة؟
جحظت بعينيها حتى كادت تخرجان من محجريهما من شدة خوفها أمام شراسته المتعاظمة، تابعت تراجعها للخلف وقلبها يدق في عنفٍ، بينما أضــاف "تميم" بصوتٍ متهدج من انفعاله الكبير:
-شغل ولاد ليل بصحيح، أل وأنا اللي مفكر إن أخوكي بيبلبعه عمال على بطال.. طلعت أنا الخرع اللي بأخده ليل نهار.
هزت رأسها نافية وهي تشير بيدها أمام وجهه:
-لا يا "تميم"، إنت غلطان..
شعرت أن قلبها على وشك الاقتلاع من صدرها حين سألها بصوته الجهوري، ونظراته النارية:
-وكنتي بتحطهولي كام مرة في اليوم؟
ارتعشت وانكمشت على نفسها وهي بالكاد تحاول الصمود أمام بطشه المهدد، ابتلعت ريقها وردت بصوتٍ لاهث:
-مش كده خالص..
هدر بقوة أرعبتها أكثر:
-مجاش في بالي أبدًا إن مراتي بتديني برشام عشان أنام معاها لأنها شيفاني منفعش!!
نفت بصوتها الذي بح من شدة خوفها من وحشيته المتجسدة أمامها:
-أبدًا والله، إنت سيد الرجالة كلهم.
ارتطم ظهرها بالدولاب، لم يعد هناك مهربًا لها، خبأت بذراعيها وجهها خوفًا من اعتداءٍ سافر عليها جراء مصيبتها، لكنه قبض على رسغيها يشدها منهما بعد أن قيدهما بكفه ليظهر وجهها، وبيده الأخرى أطبق بغلظةٍ على فكيها يعتصره تحت قوة أصابعه، هزها بخشونة مؤلمة وهو يسألها:
-عملتي كده ليه؟
ردت من بين شفتيها وهي بالكاد تحاول الكلام:
-أنا .. كنت.. بس آ...
بدت كمن يحاول اختلاق كذبة سريعة علها تنطلي عليه، صفعة أولى قوية هوى بها على خدها أصابتها بألم شديد قبل أن يتبعها بأخرى فقدت خلالها إحساسها بذلك الجانب، كما نزفت خيطًا رفيعًا من شفتها التي جرحت بأسنانها، وقبل أن يفكر في إكمال ضربه لها، صرخت ترجوه:
-حرام عليك.. هاموت في إيدك، أنا حامل ماتنساش ده، عاوز ابنك يموت؟
ألجمته تلك الجملة فتجمد في مكانه دون أن يحررها، وكأنه يعيد التفكير في شأنها لأجل مصير ذلك الجنين، لكنه لعنها بكلمات نابية جرحت كرامتها بشدة:
-يا بنت الـ.........، مافيش (...) منك!
اعتذرت منه ببكاءٍ اعتقدت أنه سيجدي نفعًا معه ويسترق قلبه بعد نجاحها في كبح غضبه المندلع:
-أنا أسفة، أنا غلطت.. بس والله ما أقصد أضرك.
دفعها بعنف لتصطدم بضلفة الدولاب التي آلمت كتفيها، انصرف من الغرفة يلعنها وهو بالكاد يكافح لضبط أعصابه قبل أن يعود وينحر عنقها لكونها قد عبثت واستهانت برجولته غير القابلة للتشكيك.
........................................................
ما يقرب من الساعة مكث فيها بالشرفة يحرق سيجارة وراء الأخرى حتى نفذ ما بعلبته، ضرب بقبضته على حافة السور لأكثر من مرة، فكلما تذكر كلماتها كلما تجدد حنقه عليها، ظلت مشاعره الثائرة تغلي في صدره حتى أوشكت أن تجهز عليه، اعتقدت "خلود" من سكونه الزائف أنه هدأ قليلاً، وربما يمنحها ذلك فرصة لتبرير الحقيقة وإعادة سردها بشكلٍ يخدمها أكثر، بدلت قميصها المنزلي القطني بآخر حريري بنفسجي اللون يبرز مفاتنها، وأفرطت في وضع عطرها المغري لتضمن تأثيرها الأنثوي على تحفيزه جسديًا، وضعت الروب على كتفيها لتغطي بشرتها، ثم وقفت عند أعتاب الشرفة تناديه بتنهيدة بطيئة:
-"تميم"
امتقع وجهه من حضورها المقيت، وشعر بالغثيان من صوتها المنفر وهو يهدر بها مهددًا:
-ابعدي عن وشي السعادي.
تلمست جانب عنقه بأناملها بحركة مغرية ومحفزة في نفس الوقت هامسة له:
-حبيبي، خليني أشرحلك الحكاية، إنت فاهم غلط.
استدار نحوها يرمقها بنظرة احتقارية قبل أن يغرز أصابعه في لحم ذراعها ليدفعها للداخل وهو يصيح بصوته الأجش:
-حكاية؟ ده إنتي كدبتي عليا لما سألتك! لأ وأنا الحمار اللي صدق كل حرف قولتيه، طلعتلك الملاك الغلبان، وأنا المفتري الظالم.. يا شيخة ده إنتي إبليس يتعلم منك.
كان لا يزال في ذروة غضبه، لم يتبدد أو ينتقص شيئًا، لكنه لم يؤذها، مجرد دفعات بسيطة، أو سباب مهين لها، وذلك طمأنها أكثر .. لذا استعادت جأشها لتقول:
-غصب عني يا "تميم"، أنا بأحبك أوي.. أنا عاوزاك ليا وبس.. نفسي في حضنك أوي.
مل من سماع نفس العبارات المستهلكة التي لم يشعر بصدقها أبدًا، كيف لرجل أن يقبل ببساطة أن تدس له زوجته في طعامه دواءً قد يقضي على رجولته لمجرد أنها وسيلتها لجره للفراش واستنزافه؟ استنكر بشدة ما فعلته، وهاجمها بكلماتٍ عدائية:
-بالطريقة الـ ..... ده؟ فكرك إن البرشام هايجبني ليكي راكع؟ هيخليني تحت رحمتك، ما جايز إنتي أصلاً ماتمليش عيني؟ وأكيد كنت هادور على واحدة تانية غيرك.. أخونك معاها.
أهانها بكلماته الجارحة التي ذبحتها، وردت محاولة جمع ما بعثر من كبريائها النازف مؤكدة على إخلاصه:
-إنت مش كده، إنت بتحبني لوحدي زي ما أنا بأحبك.
ربما لم يقدم على الخيانة فعليًا، لكنها لا تستحق شفقته أو عطفه، استمر في ضغطه على ذراعها حتى أنت من الألم وهو يواصل تعنيفه بها:
-لأ وأمك.. اللي هي خالتي، بدل ما تقولك لأ، موالسة معاكي في الليلة دي من الأول، وأنا ليه مستغرب؟ ما هو طبعًا إنتي بنتها وتربيتها فكان ده المتوقع منكم..
دافعت عنها بوقاحةٍ استفزته وجعلت الدماء تثور في عروقه:
-هي عايزة مصلحتي، ماتلومهاش
رمقها بنظرة تحتقرها وهو يرد:
-ماهو باين.. جوز أبالسة!
واجهته بأسلوبٍ اعتبره فجًا للغاية:
-"تميم" قدر موقفي بقى.. أنا استنيتك كتير، محبتش حد في حياتي غيرك، اتولدت عشان أحبك إنت وبس، رضيت ببعدك، واستحملت كل حاجة عشان تبقى ليا، وكنت مستعدة أعمل أي حاجة تخليك على طول جمبي وليا لي لوحدي.
ترك ذراعها الذي التهب، ثم أولاها ظهره رافضًا النظر إليها، كأنها عاهرة رخيصة ارتكبت فاحشة مبينة، وقال بسأم دون أن تخبو نبرته المنفعلة:
-يادي أم الأسطوانة المشروخة دي! زهقت، غيري منها.
لحقت به، وقالت بجراءةٍ، ويدها قد امتدت لتلمس ذراعه المشدود في عضلاته:
-"تميم" استنى، أنا معملتش حاجة حرام.
انتفض في نفورٍ جلي من اقترابها، وكأن قاذورات قد ألقيت عليه، ثم صاح بها:
-بس.. ماتلمسنيش! أنا مش عايز أقولك أنا حاسس بإيه دلوقتي ناحيتك!
ترقرقت العبرات المقهورة في مقلتيها بعد عبارته تلك، استطاعت أن ترى بوضوح مدى بغضه لها، ومع ذلك قاتلت لتستجدي عشقه بتسولٍ:
-أنا بأحبك يا "تميم"، ليه بتعذبني؟ ليه قاصد دايمًا تجرحني وتقلل من حبي ليك؟
اكتسبت نبرته المزيد من الخشونة عندما سألها باستنكارٍ:
-هو اللي إنتي عملتيه ده بتسميه حب؟
قالت على الفور:
-أنا بأعشقك.. إنت بس لو تسمعني هـ...
قاطعها بحدةٍ رافضًا السماح لها بخداعه:
-يا شيخة ده أنا كان ممكن أموت من البرشام ده ومش دريان.
هتفت نافية والدموع تُذرف من عينيها:
-استحالة كنت أذيك.. إنت حياتي..
ثم كفكفت عبارتها، وأضافت موضحة بغباءٍ مستحكم:
-ده كان كل كام يوم لما بأحط قرص، ومش كله.. بيكون مطحون.
لم يعلم "تميم" إن كان من المفترض أن يضحك على جملتها تلك أم ينقض على عنقها يخنقه، رد في تهكمٍ ووجهه يكسوه علامات الغضب الشديدة:
-والمفروض أنا أفرح كده؟
ردت ببساطةٍ:
-اعتبره فيتامين.. لو ده يريحك، مش عيب إن الواحد ياخد حاجة تخلي صحته أفضل
كان من المستحيل أن يظل ساكنًا دون ردٍ رادع يؤدبها، كل ما كان يفعله هو كبح جموحه العنيف قبل أن ينفجر فيها ويزهق روحها بلا ندمٍ، شعرت باحتدام عدائي مهدد يغلف نبرته عندما قال وهو ينظر لها باستهجانٍ:
-يا برودك، الموضوع عادي بالنسبالك.. إنتي تحمدي ربنا إنك حامل، لأن لو مكونتش كده، أنا مش عارف كنت هاعمل فيكي إيه!
تطلعت إليه في خوفٍ محسوسٍ، وسألته:
-قصدك إيه؟
أجاب ملوحًا بذراعه:
-جوازتنا من الأول غلط.
تناست في لحظة ما ارتكبته من إهانة رجولته، وحولت الأمر لاتجاه مغاير بالقول بصراحةٍ ملقية اللوم كله على "فيروزة":
-إيه؟ أنا كده فهمت! إنت عاوز تلبسني الغلط عشان الست هانم بتاعتك!
غامت نظراته وتجهم وجهه أكثر وهو يرد بإنكارٍ:
-نعم؟ هو أي هبل بتقوليه والسلام، هانم مين دي؟
قالت بضحكة مفتعلة متهكمة، وكأنها أصابت بصحة افتراءها:
-إيه وجعك الكلام؟ فكرك أنا مش واخدة بالي من اللي بيحصل؟
تدلى فكه السفلي في امتعاضٍ عجيب من قدرتها الرهيبة في قلب الحقائق وتزييف الأمور، بدت كما لو كانت قرينة للحرباء المتلونة، سألها بصوته المليء بالدهشة:
-إنتي بتتكلمي عن إيه؟
بوقاحةٍ فظة أجابته:
-عن الزفتة اللي اسمها "فيروزة"، بترسم عليك وبتشاغلك وإنت مبسوط بكده، عاوز تحس إن في واحدة غيري مهتمة بيك، لأن اللي قايدة صوابعها العشرة مش مكفياك ولا مالية عينيك!!
تجدد غضبه أضعافًا مضاعفة، لم يتحمل أبدًا أن تمسها بالسوء، أو أن تزج باسمها في أكاذيبها، اندفع "تميم" نحوها كالمجنون ليمسك بها من ذراعها، ضغط عليه بقوةٍ وكأنه يريد خلعه من كتفها وهو يسألها:
-إنتي مجنونة؟ إنتي سامعة نفسك؟
حاولت التملص منه، وردت تهاجمه وقد أقنعت عقلها بذلك اقتناعًا تامًا لتبدو في نظر نفسها كالمجني عليها لا الجانية:
-وطبعًا هتلاقيلها أي مبرر، المهم إنك تحس بنفسك معاها.
رفع سبابته يحذرها بوجه قاتم تحولت فيه نظراته للإظلام:
-"خـــلود"! لحد دلوقتي أنا ماسك أعصابي بالعافية، مش عايز أتغابى عليكي!
استفزته بسؤاله:
-قولي؟ اتجوزتني ليه طالما مش طايقني؟ اتجوزتني ليه؟ رد عليا؟
اعترف بصدقٍ مزيحًا ذلك الثقل الجاثم على صدره:
-غلطت يا ستي، مكانش المفروض أتنيل أعمل كده!
حز بشدة في قلبها ما قاله، كأنه طعنها بخنجر حاد النصل قاصدًا قتلها، ومع ذلك رفضت تصديقه موهمة نفسها أنه يفعل ذلك لتعذيب روحها العاشقة له، وبكل غيظها تابعت ادعاءاتها:
-أقولك أنا، لأني الغبية اللي مشيت ورا قلبها، ورضيت تتجوزك وإنت مش بتحبها.. ما أنا اديتك فرصة وقولتلك سيبني وبلاش تظلمني معاك، بس إنت وعدتني تفضل معايا ورضيت بيا على عيوبي، ماتجيش دلوقتي تقولي غلطة، إنت بتحبني لوحدي.
نظر لها بازدراءٍ، بدت في تلك اللحظة كاللعنة المهلكة، وقال بنبرة مفعمة بالندم:
-مكونتش أعرف إن كل ده هيحصل!
أصرت على تصديق ما رسمه عقلها، وأضافت.
-لأ .. وإنت عارف كويس إني زي ما أنا، بأحبك من زمان، وحبي ليك مانقصش حاجة، ومستعدية أضحي بنفسي عشانك.
ضاق ذرعًا بأسلوبها المذل لاستجداء مشاعره، ورد بقساوة:
-كل الأفلام دي عشان تداري على عملتك السودة، مافيش واحدة محترمة تعمل كده في جوزها!
علقت بمرارةٍ وقهر، وقد تجمعت الدموع بكثافة في مقلتيها:
-أنا عاوزاك ليا، غلطت في إيه؟ قولي.
لم يجد ما يعلق به عليها، لكن سريعًا ما اِربدت قسماته بالمزيد من الغضب الثائر حين بررت بوقاحة:
-كل ده عشان كام مرة حطيتلك فيها برشام جايز تحس بمشاعري وتديني حبك؟ ما أنا كنت زي زيك؟ مقصرتش معاك، وشوفت مزاجك على الآخر!
أسلوبٍ رخيصٍ لا يصدر إلا من امرأة بائسة تحصر مشاعر المودة والحب في تلاحم الأجساد، لوح بإصبعه أمام وجهها ينذرها وقد تمكن منه غضبه الأعمى:
-ماتستفزنيش بكلامك، بدل ما رد السجون اللي جوايا يطلع، وتشوفي الوش التاني!
نظرت له بعينيها الدامعتين وقد ارتفع نحيبها، منحها نظرة باردة قبل أن ينطق بعزمٍ:
-ولا أقولك أنا سايبلك البيت وهاغور في داهية!
لم تتحمل فكرة ابتعاده، وانفجرت ثائرة فيه بيأسٍ غير مبالية بتبعات لسانها السليط:
-أيوه، عاوز تروح عندها.. جايز تحسسك إنك راجل وتنفع من غير برشام.
تخشب في مكانه مستنفرًا ودمائه المغلولة تندفع بغزارة لكامل جسده تزأر بقوة وطالبة بالثأر لرجولته التي استهانت بها وحطت من قدر إمكانياته، تخطى ذروة غضبه ليلفت نحوها قائلاً بزمجرة قادمة من أعماق الحجيم:
-إنتي طلبتيها ونولتيها!
انخلع قلبها من نظراتها التي توحشت، وتعابيره التي تحولت للشراسة، سألته والذعر يقفز من عينيها:
-إنت... هتعمل إيه؟
توحشت عيناه أكثر قبل أن يجيب بصوتٍ أجفل كامل بدنها:
-هاعرفك أنا راجل إزاي.. ومن غير برشام!
..................................................................
أطبقت على جفنيها بقوةٍ وهي تئن من الألم الذي انتشر في جسدها، لم تبكِ آسفًا على حالها بعد تعامله البربري معها، اعتبرت تلك الحالة الغرائزية الوحشية التي أطلق فيها العنان للحيوان القابع في الظلام بداخله تجربة شعورية جامحة غير اعتيادية بالنسبة لها، وأن لقائه الحميمي بها بالأمس توثيقًا آخرًا لمشاعره الذكورية المفرطة، وإن كان على حساب إهانتها وتحقيرها لتعامل كامرأة لإشباع الشهوة وليس زوجة محبة، المهم أنها نالت مرادها واستنزفت قواه أيضًا، ظنت أنها خرجت من تلك المعركة المؤسفة منتصرة بجره إلى الفراش بعد هجران طويل، هكذا أقنعت نفسها! رغم كون الحقيقة أنه لم يقدم لها حبًا عاصفًا، وإنما وحشية لا إنسانية تحت غطاء الغرام، أجبرت نفسها على النهوض والسير بتمهلٍ لتتفقده بعد أن رحل عنها، كان بالخارج يرتدي حذائه، تصنعت الابتسام، وقالت:
-صباح الخير.
نظر لها باشمئزازٍ قبل أن يشيح بوجهه بعيدًا عنها، دنت منه قائلة ببرود امتقع منه أكثر:
-ها.. اتبسط معايا امبارح؟
تحفز في وقفته، وحاول ألا ينساق في حوار معها، لكنها تابعت بنفس الأسلوب المنفر:
-ده أنا مراتك وقومت بواجبي معاك، مش المفروض تشكرني؟
كانت بائسة للحد الذي تتباهى فيه باعتدائه عليها، سدد لها نظرة احتقارية قبل أن ينطق بصوت اقشعرت من مجرد تخيل تكرار الأمر:
-حلو.. عشان من هنا ورايح هابقى كده!
ابتلعت ريقها الذي تحول لعلقمٍ مرير، ورغم خفقات قلبها المفقهور إلا أنها حافظت على ثبات ابتسامتها الباردة وهي ترد:
-وماله يا حبيبي، طالما يرضيك.
رمقها بنظرة دونية مشمئزة منها، لم يتخيل أن ينتهي بها الحال لتقبل ذلك وإن كان على غير رضاه، أطلق سبة لاعنة قبل أن يخرج من المنزل صافقًا الباب خلفه بعنفٍ انتفضت فيه على إثر قوة الصوت، تخلت "خلود" عن جمودها الزائف لتتحول تعبيراتها للاحتقان، ونظراتها للاشتعال، تهدل كتفاها في خزيٍ ونهج صدرها علوًا وهبوطًا في انكسارٍ، أي حياة وضيعة ارتضت بها الآن لتضمن أن يكون لها وحدها بجسده لا بروحه!
..........................................................
لم يتخيل مطلقًا أن يتصرف كذئب مفترس ينهش طريدته بلا رحمة، خاصة في طقوس الحب الحميمية، اخترق جسدها لا لمنحها الرضا والسعادة الأبدية، وإنما لإذلالها، لجرح كبريائها أكثر معتقدًا بذلك أنه يلقنها درسًا لاستهانتها برجولته التي تعد خطًا أحمرًا لا يُسمح بالمساس به أو تخطيه، ظلت المشاهد العنيفة حاضرة في ذهنه بالرغم من ابتعاده عن محيط المنزل وما يذكره بوحشيته المفرطة، تلك التي طالما استخدمها في محبسه لدرء الخطر، وكأن لـ"خلود" تعويذة مميتة لا تنتهي إلا حينما تزهق الأرواح البريئة، بدا الترياق الشافي لنفسه المعذبة هو رؤيتها، ودون ندمٍ تواجد منذ الساعات الأولى أمام محل عملها آملاً أن يتحدث معها، شعر بتلاحق دقاته فجأة قبل أن يلمحها، استشعر وجودها بالقرب منه، وصوتها الرنان عبر الهاتف داعب أذنيه كنغمة مخصصة لتحفيز الحواس، أدار رأسه في اتجاهها، وتلك الابتسامة الحزينة قد شقت طريقها في وجهه، تعجب "فيروزة" من وجوده، ورددت بدهشةٍ حين وقفت قبالته:
-إنت!
ارتكزت كامل نظرات "تميم" على وجهها ليملي عينيه منها متأكدًا بنفسه من كونها الصغيرة صاحبة الملامح المبهمة التي كانت تزوره من آن لآخر، تجددت بسمته بقليلٍ من الإشراق حين رأى حقيبتها مزدانة برسمة الطاووس المميزة وهي تدس بها هاتفها وتخرج المفاتيح منها، هزت رأسها في استغرابٍ من تحديقه المطول، لم تنكر أن طريقته في التطلع إليها باسترابةٍ قد أقلقها، توترت من احتمالية كشف هويتها، لامس قلبها تيارًا خفيًا جعل تلك الرجفة تسري في عروقها من تلك النظرة العميقة التي نفذت إليها من عينيه .. انفرجت شفتاها في صدمة وهو يسألها مباشرة ليبدد شكوكه:
-إنتي كنتي موجودة في حريقة محل عم "غريب" أو نقول "أبو هيثم" الله يرحمه ......................................... ؟!
تابع من هنا: جميع فصول رواية دموع هواره بقلم لولو الصياد
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا