مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة منال محمد سالم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الحادى عشر من رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال محمد سالم .
رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال سالم - الفصل الحادى عشر
إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية
رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال سالم - الفصل الحادى عشر
برودها المشهودة به، تبخر مع رؤيتها لوجهٍ، بات مصحوبًا بلعنة فقدان أولادها، انفلتت أعصابها، وفقدت كامل قدرتها على التحكم في تصرفاتها، اندفاعها الأهوج نحو الثلاثة كان كفيلاً بإثارة الفضول. اِربد وجه "حمدية" بعلامات الغضب المخيفة، كما برزت عيناها بغلها الحقود، صرخت "رقية" مع اقترابها منها؛ معتقدة بشدة أنها تريد افتراسها، بأنيابها الحادة التي تظهر من بين شفتيها، توارت خلف "همسة"، وتلك الرجفة تصيب جسدها، خاصة مع صراخ "حمدية" بها، بأنفاسٍ كانت كفحيحٍ من النار:
-جايبين دي هنا ليـــــه؟!
تقدمت "همسة" بجسدها دافعة الصغيرة خلفها، ونظرت إلى زوجة خالها بتوترٍ قلق، ما ضاعف من تلبكها اتجاه أنظار الحاضرين إليها، وشعرت بالتخبط وبتلعثمٍ عظيم يجتاح لسانها، عندما ردت عليها؛ وكأنها تدافع عنها:
-هي مالهاش دعوة بحاجة.
على عكسها اعترت الدهشة الممزوجة بالحيرة ملامح زوجها، فعلى الأغلب، ومن البديهي للجميع، أن "حمدية" لم تلتقِ بالطفلة من قبل؛ وربما إن تقابلت معها مصادفة في الطريق، لم تكن لتتعرف إليها، إذًا لماذا كل هذا الغضب تجاهها؟ لم يدع حيرته تشغله كثيرًا، وسألها مباشرة:
-هو إنتي عارفة دي مين يا حاجة؟
انتبهت له "حمدية"، ونظرت له بعينيها الحمراوتين، فأكمل "هيثم" جملته المتشككة:
-أصل عصبيتك عليها مالهاش تفسير عندنا.
بلعت ريقها، وكظمت غيظها مضطرة، بعد أن تداركت خطئها الأرعن، والذي من المحتمل أن يثير التساؤلات أيضًا، التفتت بظهرها نحو الحشد المتجمع، وبدأت فاصلاً جديدًا من اللطم والعويل:
-عيالي ماتوا، ومحدش حاسس بالنار اللي أنا فيها، ده مش واحد ولا اتنين، دول التلاتة في غمضة عين.
وبالنفس الأسلوب المتسول لمشاعر الغير، نجحت في اكتساب تعاطف المتواجدين، فالتفوا حولها يرثونها بكلمات المواساة المستهلكة، علَّ حزن قلبها المحترق يهدئ قليلاً.
على الجانب الآخر، تجمدت أنظار الطفلة عليها، بقيت محدقة بها بخوفٍ مرتاع، متذكرة ملامحها المألوفة عليها، ربما رأتها لمرة واحدة؛ لكن تجهم وجهها الحاقد، المليء بالغلٍ، لا يمكن نسيانه، انكمشت على نفسها مجددًا، واختبأت خلف "همسة" التي محاولة عدم النظر في اتجاهها، وإن خانتها النظرات.
تابع "هيثم" انسحــاب "حمدية" مع بعض المعزيين، وعودتها لمكانها بالسرادق بنظراته المليئة بالشك، استدار ناظرًا إلى زوجته معلقًا بفضول:
-هي تعرفها منين؟
ردت وهي تهز كتفيها بالنفي:
-مش عارفة.
ضاقت عيناه بشكٍ، وأكمل تعليقه المستريب:
-على ما أظن محدش يعرف إن خالك كان متجوز عليها إلا من ساعة ما دخل المستشفى.
رمقته بنظرة لا تقل في ظنونها عنه، وأضافت:
-مظبوط، ودي أول مرة أصلاً نشوف فيها بنته.
تنفس بعمقٍ، ليردد بعدها:
-حاسس إن في حاجة غلط كده، الحكاية مش راكبة على بعض.
قالت "همسة" بإنهاكٍ بدا متمكنًا منها:
-الواحد دماغه مش فيه عشان يركز.
جاء رده عليها محايدًا:
-عمومًا، كل حاجة هتبان مع الوقت...
ثم استعد للتحرك وأشار بيده قائلاً:
-طب تعالي نطلع بدل وقفتنا دي.
أومأت برأسها بالإيجاب، والتفتت ناظرة إلى الصغيرة، ربتت على ظهرها وهي تدفعها للتحرك:
-يالا يا "رقية".
تجمدت قدماها في مكانها، ورفضت الاستجابة لها، لتهتف بعنادٍ:
-لأ.. مش عاوزة
سألتها "همسة" بتمهلٍ، محاولة إقناعها بالذهاب معها:
-ليه يا حبيبتي؟
ببراءتها السجية أجابت عليها، وعيناها تعكسان خوفها الطبيعي:
-مش عايزة أروح عند عمتو الوحشة.
تمتم "هيثم" باندهاشٍ، بعد سماعه لوصفها المريب:
-عمتو الوحشة؟!!
في حين نهرتها "همسة" بلطفٍ، رغم ظهور علامات الضيق عليها:
-عيب يا "رقية"، متقوليش كده.
لكزت الطفلة بقدمها الأرضية، مقاومة جذبها الخفيف لها، قاصدة الإفلات من قبضتها، وصاحت بصوتٍ أقرب للبكاء:
-أنا عاوزة أروح عند ماما.
حاولت شدها ناحيتها، وخاطبتها بصوتٍ هادئ:
-يا حبيبتي مش هاينفع، ماما مسافرة.
ردت الطفلة بحزنٍ:
-وديني عند بابا.
غصة علقت بحلقها، شعرت بألمها، وهي تقول لها:
-بابا لسه تعبان.
استمرت "رقية" في مقاومتها، وهي ترد:
-أنا عاوزة أمشي من هنا.
ضجر "هيثم" من الجدال غير المجدي، فاقترب من الطفلة، وانحنى ليحملها على ذراعه قائلاً لها:
-يالا يا بنتي، مش ناقصين مناهدة.
صاحت الصغيرة ببكاءٍ فيه إلحاح مزعج:
-ودوني عند ماما، أنا عاوزة ماما.
بدا الاستياء على وجه "هيثم"، الذي واصل السير بها، مقاومًا ركلاتها المتذمرة، وصراخها المؤلم لأذنه، مُحدثًا نفسه:
-شكلها هتبقى ليلة فلة!
.........................................................
على مكتبه الخشبي الأنيق، جلس المحقق الشرطي، المسئول عن هذه القضية تحديدًا، يُطالع بنظراتٍ مدققة الأوراق المفرودة خارج الملف، ركز كامل انتباهه على ما يقرأه، مدونًا ملحوظاتٍ جانبية في ورقة صغيرة. استغرق في تفكيره الاستباطي لوقتٍ لا بأس به، رفع رأسه فقط حينما سمع دقات على باب مكتبه، حينها سمح للطارق بالدخول. ولج أحد الضباط إليه، وفي يده مغلف مغلق، ناوله إياه وهو يخبره بلهجةٍ رسمية:
-تقرير تشريح جثة القتيلة وصل يا فندم، تقدر حضرتك تطلع عليه.
مد يده ليأخذه معقبًا باقتضابٍ:
-تمام.
ثم أشار له ليجلس، وبدأ في فض المغلف، لينظر بعدها للورق الرسمي الموجود بداخله، مضت بضعة دقائق، وهو يقرأ في صمت ما احتوته الأوراق، تساءل الضابط الآخر المعاون له في فضولٍ:
-إيه الأخبار يا باشا؟
أجابه بملامح جادة:
-زي ما توقعت، الرئتين مافيش فيهم دخان، لأن الضحية ماتت بالتسمم قبل ما انفجار الغاز يحصل عندها في الشقة.
ظهر الاستغراب على معالم وجه زميله، في حين تابع المحقق بنفس اللهجة الجادة:
-ده لما نطابقه مع التحريات اللي وصلها رجالة المباحث، وكلام بنت المجني عليها، الشبهات كلها متجهة لأخت الزوج، المدعوة .. "آمنة".
أضاف زميله بهدوءٍ:
-في حاجة كمان يا فندم لازم حضرتك تاخد خبر بيها.
تساءل بتعابيرٍ مهتمة:
-إيه هي؟
بعد زفيرٍ بطيء أجابه:
-أولاد الراجل ده ماتوا بنفس المادة المسممة دي بعد تخديرهم.
برقت نظراته في دهشة، بينما استأنف زميله حديثه مشددًا على نقطة بعينها:
-والزوجة الأولى اتهمت العمة بعمل ده.
قال المحقق بابتسامة صغيرة لاحت على زاوية فمه:
-واضح كده إن الموضوع هيتحل أسرع مما نتخيل، رغم إني عندي شوية تحفظات على أركان الجريمة.
سأله بنبرته المهتمة:
-زي إيه يا فندم؟
كان جوابه عليه مليئًا بالتساؤلات المتعاقبة:
-إيه الدافع اللي يخلي أخت تقتل ولاد أخوها؟ هل خلاف على ميراث قديم مثلاً؟ عداوات بينهم؟ وده ماظنش موجود، بدليل إنهم ساكنين في بيت واحد.
زم شفتيه مرددًا:
-حاجة تحير.
أكمل المحقق كلامه بإراحة ظهره للخلف:
-كمان من الواضح إن "خليل" ده متجوز من ورا مراته، يعني ماتستبعدش إن الزوجة الأولى تكون عرفت، وحابة تنتقم منه.
تساءل الضابط في اندهاشٍ لا يخلو من الاستنكار:
-وتقتل عيالها؟! بيتهيألي لأ يا باشا، ده غير إن أقوال الجيران والبنت الصغيرة بتأكد إن عمتها هي اللي كانت موجودة.
بدت نظراته محملة بالاستهجان وهو يقول:
-هانشوف، بس أنا حاسس إن في حاجة غامضة في الجريمة دي، حلقة مفقودة، رابط مشترك بين حدوثهم، وأكيد هنوصل لتفاصيل كل حاجة.
تحفز الضابط في جلسته، وتساءل بكتفين منتصبين:
-والمطلوب مني إيه دلوقتي يا فندم؟
برسميةٍ بحتة أمره:
-تطلع بقوة على بيت "آمنة" و"حمدية"، وتجيبهم القسم ناخد أقوالهم.
أومأ برأسه قائلاً في امتثالٍ:
-حاضر يا فندم.
أضــاف عليه مؤكدًا:
-كمان عايز دايرة التحريات توسع، ويتم مراجعة كل كاميرات المراقبة في المنطقة، وأخذ أقوال السكان من تاني، وخصوصًا اللي اتعاملوا مع الضحية قبل وفاتها.
هزة انصياعٍ من رأسه، تبعها قوله المعبر عن إطاعته لأوامره:
-مفهوم معاليك.
..............................................................
دقات عنيفة على الباب الخشبي، مع قرع متواصل للجرس كانوا مدعاة للقلق والاسترابة، خاصة مع انتهاء أيام العزاء، وعودة الجميع للبلدة، وانشغالها برعاية ابنة شقيقها اليتيمة. تحركت "آمنة" بخطواتها الثقيلة المتعبة نحوه لفتحه، لم تنكر أن قلبها كان يدق في توجسٍ. بلعت ريقها، وردد لسانها متسائلاً:
-يا ساتر يا رب، إيه الخبط ده؟
استوقفها "هيثم" قبل أن تفتحه بقوله الصارم:
-استني كده يا حماتي، أنا هاشوف مين.
تنحت للجانب، حامدة الله في نفسها، على إقامته معها طوال الفترة الماضية، تركته يتقدم عنها بخطواته الأسرع، أدار المقبض، وتطلع بعينين متسعتين للأوجه الكثيرة المرابطة عند عتبة المنزل، بنظرة خاطفة أدرك من هيئتهم المميزة أنهم ينتمون لجهة رسمية، ازدرد ريقه، ليتساءل بعدها:
-خير يا بشوات؟
أجاب عليه أحدهم، ويبدو من هيئته أنه المنوط بتولي تلك المهمة:
-ده بيت "آمنة العربي"؟
أجابت "آمنة" من خلف "هيثم" بصوتٍ مهتز، ونظراتها تجول على الأوجه المراقبة لها:
-أيوه أنا، في إيه يا حضرت؟
أجابها الضابط وهو يخرج من جيبه، ورقة مدموغة بختم رسمي، ليضعها نصب عينيها:
-معانا أمر بتفتيش البيت، واستدعائك للتحقيق.
لطمت على صدرها مرددة في خوفٍ:
-يا نصيبتي؟ ليه أنا عملت إيه؟
أجاب بصوته الجاف:
-هتعرفي في القسم.
خرجت "همسة" من الداخل، لتتفاجأ باقتحام الغرباء للمنزل، احتوت الطفلة في أحضانها، ورفعتها على ذراعها، قبل أن تتجه أنظارها نحو والدتها التي أمسك بها أحدهم، حينها تحركت نحوه متسائلة في جزعٍ:
-عايزين أمي ليه؟
استدار الضابط ناحيتها، وقال ببرودٍ، ونظرته الجامدة مثبتة عليها:
-مطلوبة للتحقيق يا مدام.
صاحت في استنكارٍ شديد:
-تحقيق؟ ليه؟ ده هي طول عمرها في حالها.
علق بتهكمٍ، ونظرة ازدراء احتلت عينيه:
-مالناش دعوة بالكلام ده ...
ثم خاطب "آمنة" بلهجته الآمرة، وفي طياتها تحذير واضح:
-البسي يا حاجة هدومك، وإلا هناخدك كده.
تساءل "هيثم" بارتباكٍ حائر:
-طيب يا باشا ممكن تفهمنا فيه إيه؟
منحه نفس الجواب المبهم بقوله:
-في القسم هتعرف، يالا يا حاجة متعطليناش.
التفتت "آمنة" نحو ابنتها ترمقها بنظراتها الخائفة، فأردفت الأخيرة تخبرها بحسمٍ:
-أنا جاية معاكي يا ماما، مش هاسيبك لوحدك.
تحركت نحو غرفتها، متمتمة بتوجسٍ متزايد، وابنتها من خلفها تتبعها:
-استرها يا رب.
لم يكن "هيثم" بحاجةٍ لتبديل ثيابه، فما زال يرتدي ملابسه الخارجية، لهذا انتظر بالصالة برفقة الضابط ومعاونيه، تأهبت حواسه، واستدار نحو باب المنزل مع صياح أحدهم بصوته الجهوري:
-لاقينا الحاجات دي يا باشا في كرتونة صغيرة في بير السلم.
أمره الضابط بنبرته غير القابلة للنقاش:
-اتحفظ عليهم لحد ما نشوف دول إيه كمان.
تضاعفت هواجس "هيثم" مع هذا الكلام المثير، انتابه إحساسًا مزعجًا بأن القادم لا يبشر بخير.
.........................................................
شعرت بالحرج لطلب هذا منه؛ لكنه بدا الخيار المناسب مؤقتًا، لإبقاء الطفلة في مأمن من الأذى، ريثما يتفقه أذهانهم لما يدور، خاصة بعد اصطحاب الشرطة لوالدتها، والتفتيش في المنزل، كما لو أنهم ارتكبوا جريمة حقًا. لم يعارضها "هيثم"، فتواجد الصغيرة في مكانٍ يعج بالمنحرفين عن القانون، ومعتادي الإجرام لا يعد أمرًا لائقًا، لمن هم في مثل عمرها، صعد كلاهما إلى منزل عائلة "سلطان". بكلٍ خجلٍ وحياء طلبت "همسة" من "ونيسة"، التي استقبلتها بودٍ وألفة:
-هستأذنك يا طنط ينفع نسيبها عندك شوية؟
ردت دون أن تسألها عن السبب:
-أه وماله.
في حين تساءل "بدير" في استغرابٍ:
-خير؟ في حاجة حصلت؟
أجاب "هيثم" عن زوجته التي انعكس المزيد من الإحراج على ملامحها:
-طالبين الست أمها في القسم، واحنا رايحين نحصلها، بس مش هاينفع ناخد البت معانا.
تفهم للموقف، وعلق عليه بوجهٍ جاد:
-لأ مايصحش طبعًا، خليها معانا، وأنا هاكلم المحامي يروح وراكم على القسم، يشوف في إيه، بس قولي إنتو في قسم إيه.
أدله على العنوان قائلاً:
-احنا في (...)
أشار له "بدير" بيده ليترك الطفلة، وتابع:
-طيب روح إنت يا "هيثم"، وماتضيعش وقتك...
ثم وجه حديثه لـ"همسة" قائلاً:
-ماتخليكي يا بنتي معانا.
اعتذرت منه بتهذيبٍ حرج:
-مش هاينفع أسيب ماما لواحدها، أنا قلقانة أوي عليها.
برر لها سبب استدعائها للتحقيق، بما احتوى على شيءٍ من المنطقية:
-تلاقيه إجراء شكلي بعد اللي حصل، ما هي الحكاية مش بسيطة.
هزت رأسها بحزنٍ، وقالت في رجاءٍ متضرع:
-ربنا يستر ويعديها على خير.
قال معقبًا عليها:
-يا رب.
انحنت جاثية على ركبتها، وخاطبت الطفلة بابتسامةٍ حاولت أن تبدو لطيفة ومطمئنة، وهي تمسك بكفيها بأناملها:
-"رقية" حبيبتي، إنتي هتفضلي هنا مع تيتة "ونيسة" شوية، وجدو "بدير"، واحنا مش هنتأخر عليكي.
تقلصت عضلات وجه الصغيرة، وقالت بعبوس:
-بس أنا عايزة أروح معاكي.
وعدتها بصدقٍ، وهي ترفع ذراعها للأعلى، لتمسد بيدها، على شعرها المعقود في جديلتين:
-وأنا والله ما هتأخر.
مالت عليها "ونيسة"، واحتضنت الطفلة من كتفيها، وأخبرتها بحنوٍ:
-ده أنا هاجيبلك لعب كتير حلوة، وهتشوفي النونو بتاعنا، وتساعديني أأكله مع أمه.
استرعى كلامها الأخير انتباهها، وتساءلت في فضولٍ طفولي:
-النونو؟
ردت عليها "ونيسة" مؤكدة بابتسامة صافية:
-أه ما احنا عندنا واحد صغنن أد كده...
اتسعت ابتسامة "ونيسة" أكثر، ودعتها بنفس النبرة الودية:
-تيجي معايا تشوفيه؟
بإيماءات مشجعة من عينيها، وكذلك بإمداد كفها لها، حثت الصغيرة على الترك معها، فاستجابت الطفلة لدعوتها، وتركت يد ابنة عمتها، لتسير بصحبة مُضيفتها التي أغدقت عليها بالكثير من العاطفة والحب، اطمأنت "همسة" لإيداعها معها، واستدارت محدقة في "بدير" بامتنانٍ كبير، عجزت فيه عن التعبير عن شكرها لمحبته غير المحدودة، ومؤازرته الدائمة لها ولعائلتها، في كل محنة تجابه الأسرة. حبست دموعها المتأثرة، وأردفت تخبره:
-ربنا يخليك لينا يا حاج "بدير".
قال مبتسمًا:
-عيب ما تقوليش كده، هزعل منك، دي زي بناتنا، متقلقيش عليها معانا.
استطرد "هيثم" يقول بجدية:
-بينا احنا عشان نلحق وقتنا.
على الفور تقدمت في خطواتها، لتسبقه، بينما تابع "بدير" من خلفهما:
-أنا معاكو على التليفون، والمحامي هيجيلكم، اطمنوا.
جاءه صوته قبل أن يغلق الباب مباشرة:
-ماشي يا حاج.
.............................................................
بعباءتها السوداء، ووجهها الذابل، وعينان لا تكفان عن البكاء، جلست على المقعد المخصص لها، في غرفة مكتب المحقق الشرطي، تتحاشى النظر إليه. عمدت "حمدية" إلى تنكيس رأسها، والتواري خلف مناديل القماش الممتلئ به كفها، صدر من بين شفتيها نحيبًا خافتًا، كدليل عن استمرار أحزانها العميقة لفقدان أبنائها. استهل الوكيل حديثه بكلماتٍ معزية تقليدية، تقبلتها منه بإيماءة بسيطة من رأسها، ليواصل بعدها متسائلاً بنوعٍ من التمهيد اللبق:
-جاهزة يا ست "حمدية".
ردت عليه متسائلة، وهي ترمش بعينين لامعتين بعبراتها:
-إنتو جايبني هنا ليه يا سعات البيه؟
كرر عليها إجابته بصيغة مختلفة:
-شوية أسئلة عادية وهتمشي.
هتفت في استهجانٍ شديد؛ وكأنها تشكو إليه تكالب المصائب عليها:
-وهو أنا بقى فيا عقل يا باشا؟ عيالي التلاتة راحوا مني دفعة واحدة، بقيت مقطوعة في الدنيا، وجوزي لا حول ليه ولا قوة، من ساعة ما سمع الخبر طب واقع، لا قادر يتحرك ولا عارف ياخد عزا عياله، وسعاتك تقولي بوليس ونيابة، هو أنا فيا حيل للبهدلة دي؟ سيبوني في همي يا باشا!
شبك كفيه معًا، وعلق بإيجازٍ:
-ربنا يصبرك...
للحظة سكت عن الكلام، ليضيف من جديد:
-أنا مقدر الظروف، بس محتاج أسئلك في كذا حاجة، تخص اللي حصل لولادك كمان.
بحثت عن ريقٍ غير موجود لتبلعه، وقالت:
-اتفضل يا بيه.
بأسلوبه المهني الخبير، استطرد مباشرة لصلب موضوع تحقيقه:
-من التحريات اللي وصلنا ليها، عرفنا إن جوزك متجوز عليكي واحدة تانية، اتقتلت من كام يوم.
ادعت دهشتها، ولطمت على صدرها، قبل أن تنفلت منها شهقة شبه مفتعلة، وراسمة على وجهها تعابير مذهولة، لتدمدم بصوتٍ عمدت لإظهار ذهولها المستنكر:
-يا نصيبتي، "خليل" متجوز عليا؟ لأ مش معقول، "خليل" ما يعملش كده!!
تطلع إليها بنظراتٍ مطولة، دارسة لردات فعلها، قبل أن يأتي سؤاله:
-يعني إنتي مكونتيش تعرفي؟
نفت جملةً وتفصيلاً، دون أن تمنح نفسها الفرصة للتردد:
-أبدًا يا بيه، دي أول مرة أسمع الكلام ده...
تحولت نبرته للندب وهي تتساءل ضاربة كفها بالآخر:
-طب عمل كده ليه؟ هو أنا قصرت معاه في حاجة؟
استدعت دموعًا غير موجودة بها، وواصلت نحيبها:
-ده أنا قايمة نايمة بخدم فيه وفي عيالي الله يرحمهم، يطلع في الآخر متجوز عليا، لا إله إلا الله، ناقص إيه تاني يحصلي؟
راقب المحقق انفعالاتها المتزايدة، وطلب منها:
-اهدي شوية...
قاطعته بصوتٍ تبدل للصراخ:
-أهدى؟ طب إزاي؟ عايزني أعرف إن جوزي متجوز عليا ومخلف كمان وأهدى؟!!!
التقط زلة لسانها موضحًا لها بنظراتٍ نافذة تحمل الشك:
-بس أنا مقولتش إنه مخلف!!!
بهتت ملامحها قليلاً، وبدا له كما لو جفت دموعها الزائفة، حتى شفتيها انفرجتا عن دهشة متلبكة، فتابع الضغط عليها:
-أنا مكانش في كلامي أي تلميح عن إن جوزك مخلف، عرفتي ده منين؟
أعطته تفسيرًا ارتجاليًا، تمنت أن ينطلي عليه:
-أنا جوزي بيحب العيال، وكان بيزن عليا من فترة أجيبله عيل كمان، بس أنا صحتي على أدي، معنتش حِمل خِلفة من تاني، ورفضت، وكان هددني إنه لو مخلفتش هيتجوز عليا، تلاقيه عشان كده اتجوز تاني، لاقى واحدة تجيبله بدل العيل عشرة.
لم يبدُ مقتنعًا بتبريرها الغريب، ومع هذا قال بحيادية:
-تمام...
توقف عن الحديث ليراقب ردات فعلها المرتبكة، ثم أكمل بصوته الهادئ:
-لما سألنا الجيران، قالوا إن في واحدة زارت المجني عليها قبل ما تموت بحاجة بسيطة، واتضح من كلامهم إنها أخت جوزك.
صاحت مستنكرة بعصبيةٍ حاولت أن تبدو مقنعة:
-يعني "آمنة" كمان كانت عارفة؟ ومقالتيش؟ بقى تهون عليها العِشرة؟ ده أنا باعتبرها أكتر من أختي، وبناتها هما بناتي.
لم يأبه تلك المرة بصراخها الحاد، وتحدث بلهجة رسمية للغاية:
-ست "حمدية"، ما قولك في إن إخطارات المستشفيات اللي كان فيها الأربع أطفال أكدوا إنهم كلهم تناولوا مادة مسممة، مختلطة بمواد مخدرة، مع اختلاف نسبتها، وأماكن الإبلاغ عن الإصابة؟
تفاجأت من توصله لمثل تلك التفاصيل الدقيقة، وأنكرت بلجلجة خفيفة بائنة في صوتها:
-معرفش .. حاجة عن ده...
تأملها المحقق بنظراته الغامضة المطولة، فاسترسلت توضح له؛ وكأنها توجه التهم بشكل غير مباشرٍ، نحو شقيقة زوجها:
-بس "آمنة" هي اللي على طول بتعمل العجين لعيالي يكلوه ني، وكان في بينها وبين جوزي خناقات كتير، بسبب الإيراد اللي بيجيلها من البلد، ومشاكل كده مكانوش بيحكوا فيها قصادي، أصلاً أنا مابحبش أتحشر بينهم، فأكيد هي اللي قصدت تأذي عيالي، وبنت "خليل" كمان، حبت تنتقم منه.
زلة أخرى من لسانها، أفصحت عنها دون وعيٍ، غافلة عن تدارك نفسها، فأدارت الدفة نحوها. أنصت لها الضابط بلا مقاطعة، ثم علق عليها بهدوءٍ مميت:
-أنا برضوه مقولتش إن جوزك مخلف بنت!
شحوبٌ مريب زحف إلى بشرتها، ورددت في صدمةٍ، وقد ارتفع حاجباها للأعلى:
-إيه؟
سألها بلهجته الرسمية، وكامل نظراته الجامدة عليها:
-عرفتي منين إنه عنده بنت؟
لفقت كذبة ساذجة فورًا في عقلها، وأخبرته بنبرة متأرجحة في ثباتها:
-هو.. كان .. نفسه في بنت، أنا بأقول كده بالحظ.
ضيق عليها الخناق بسؤاله المراوغ ليوقعها أكثر:
-بس إنتي بنفسك قايلة إنك متعرفيش إنه متجوز، يبقى منين خمنتي صح؟
أجهشت ببكاءٍ غريب في غير محله، مواصلة تحسرها المليء بالعويل:
-أنا عيالي ماتوا يا بيه، قلبي متقطع عليهم، بهلفط بأي كلام، حسوا بيا يا ناس، ده بدل ما أقعد اتحسر على عيالي؟ أتجرجر في الأقسام زي المجرمين؟
جاءها تعليقه خاليًا إلى حد ما من التعاطف معها، عندما قال:
-يا ست "حمدية" دي جرائم قتل، مش حادثة عادية والسلام، وماتستبعديش يتوجه ليكي إنتي شخصيًا تهمة الإهمال مع القتل العمد.
هتفت بمزيدٍ من البكاء:
-أنا يا باشا؟ هو في أم تقتل عيالها؟
ثم شرعت في لطم وجهها بقسوةٍ، بكلتا يديها، آملة أن تشتت انتباهه عن أسئلته التحقيقية، التهبت بشرتها، وهدرت بصراخٍ مصحوب بالنحيب المتقطع:
-ليه؟ ده أنا محلتيش إلا هما، دول اللي طلعت بيهم في الدنيا، وخلاص راحوا مني؟ ليه بتعملوا فيا كده؟
أشـار لها المحقق بيده لتكف عن صراخها، مناديًا إياها بصوتٍ شبه مرتفع:
-يا ست "حمدية"...
قاطعته بصراخٍ أكبر، مكملة ضرب وجهها وصدرها بكفيها:
-منها لله "آمنة"، هي السبب، موتت عيالي، وحرقت قلبي عليهم.
ضجر مما تفعله، وقال بحدةٍ:
-مش هاينفع نكمل التحقيق بالشكل ده.
تجاهلته، لتضاعف من عويلها، بهياجٍ أكبر:
-حرام عليها، عملتلها إيه؟ مكفهاش إني كنت تحت رجليها، اللي تطلبه بأعمله من غير ما أتكلم، تاخد مني عيالي ليه؟
ثم نهضت من مقعدها، وجثت على ركبتيها على الأرضية، لتضربها بيديها، وهي تهز رأسها في جنونٍ، هب المحقق واقفًا وصاح بها بعد أن رأى هياجها الكبير:
-يا ست لو سمحتي...
استمرت في ضرب وجهها حتى لم تعد تشعر به؛ لكن لا يهم حاليًا، فإن نالت بعض التورمات به، أفضل من أن يشك بها، صرخت حتى جرحت أحبالها الصوتية:
-ليه كده؟ آآآآآآه يا ولادي، يا ريت كان ربنا خدني، وفضلتوا إنتو عايشين، آآآآآه يا عيالي، هاعيش لمين بعدكم.
ضغط المحقق على الزر الجانبي المثبت في مكتبه، مستدعيًا أحد أفراد القوة الأمنية، ثم أمره بنفاذِ صبرٍ:
-إنت يا ابني هاتلها ليمون، ولا شوفلنا دكتور.
...........................................................
أبقاها المحقق بالخارج، بعد نوبة الجنون الموترة للأجواء، ريثما تستعيد انضباط أعصابها المتلفة؛ لكنها استغلت الفرصة لمهاتفة "اسماعيل" واستدعائه على وجه السرعة، بعد إخباره بالمستجد في قضية مقتل أولادها، حضر الأخير رغم تعبه، مصطحبًا معه ابنه، وبحث بعينين قلقتين عن نساء العائلة المحتجزات في القسم، أبصر "حمدية" جالسة على المصطبة الخشبية بمفردها، في منتصف الردهة، وما إن لمحته حتى انتفضت واقفة لتقول ببكاءٍ يعبر عن جزعها:
-شوفت اللي حصل يا حاج "اسماعيل".
رد بصوته اللاهث، وهو يشير بعكازه نحو ابنه:
-احنا جينا على ملى وشنا.
دون مقدمات نطقت في وجهه:
-"آمنة" قتلت عيالي
سألها "فضل" مصدومًا:
-إنتي بتقولي إيه؟
نظرت في اتجاهه، وأكملت مستخدمة يدها في الإشارة نحو أحد الأبواب المغلقة:
-أهو البيه الظابط بيحقق معاها جوا...
ثم عادت لتحملق في وجه أبيه، وتابعت بلومٍ:
-للدرجادي بتكرهني، أنا عملتلها إيه؟ ده أنا طول عمري في حالي، لا بأهش ولا بأنش.
رمقها "اسماعيل" بنظرة مزعوجة، وقال:
-دلوقتي نعرف في إيه.
توسلته ببكائها:
-ماتسبنيش لوحدي يا حاج "اسماعيل"، ده أنا غلبانة ومنكسرة.
تنهد على مضضٍ، ولم يعدها بشيء، فقط شتت نظراته عنها، ليحدق في الباب المغلق هامسًا مع نفسه:
-لطفك يا رب.
دار بعينيه في المكان فوجد "همسة" تقف مع زوجها عند الزاوية، وقبل أن يتحرك في اتجاهه، انتبه لصرير الباب الذي فتح توًا، حيث خرجت منه "آمنة"، أقبل عليها ومن خلفه ابنه؛ لكن كانت ابنتها الأسبق في الوصول إليها، وبكل تلهفٍ مرتاع تساءلت، وقد رأت أحدهم يدفعها من ذراعها للأمام:
-ماما واخدنيك على فين؟
حذرها الفرد الأمني بلهجته الحادة، مانعًا إياها من الإمساك بها:
-شوية كده يا ست.
سأله "فضل" بسماجته غير المقبولة:
-إنتو قابضين عليها ولا إيه؟ فاهمنا يا شاويش
رمقته "همسة" بنظرة نارية، أبعدتها عنه لتنظر إلى الفرد الأمني، وسألته بتوجسٍ كبير:
-إنت واخد ماما على فين؟
رد بنفس الجمود الصارم:
-وسعوا يا أساتذة من طريقي.
علق "فضل" ببسمة متهكمة:
-شكل أمك عملتها يا بت.
هنا صــاح به "هيثم" يحذره بعدائية:
-وأنا شكلي هاعملها مع أمك لو مالمتش لسانك
هدر به "فضل" مهددًا بإهانةٍ قاسية، وقد استشاط غضبًا:
-إنت بتجيب في سيرة أمي يا (...)؟
تدخل "اسماعيل" على الفور، ليحول بينهما، قبل نشوب مشاجرة عنيفة، بداخل القسم الشرطي:
-ما تلم نفسك يا فضل، إنت اللي بادي بالغلط
اعترض عليه بتبرمٍ:
-يابا...
قاطعه بزجرةٍ حادة ليخرسه:
-خلاص! إنتو هنا في القسم، مش هاتبقى مصيبة تانية كمان.
رد "هيثم" بحنقٍ، وعيناه تتوعداه "فضل":
-لولا وجودك يا حاج، متأخذنيش يعني كنت رقدت ابنك وقتي!
عاد الثلاثة لينتبهوا لـ "همسة" التي صرخت منادية بصوتها الباكي:
-ماما!
أتاها صوت "آمنة" يوصيها:
-خدي بالك من نفسك يا بنتي، وماتقوليش لـ "فيروزة" حاجة.
انخرطت في بكاءٍ أشد، بينما أخبرها "هيثم" بجديةٍ، كنوعٍ من بث الطمأنينة لها:
-المحامي زمانه جاي يشوف في إيه، متقلقيش يا حماتي.
حلت الصدمة المختلطة بالاندهاش، على الجميع مع صياح "حمدية" المليء بالاتهام الصريح، وهي تدنو من "آمنة" محاولة الاعتداء عليها:
-منك لله يا شيخة، قتلتي عيالي وعاملة فيها بريئة.
تفاجأت "همسة" بتصرفها، وأسرعت تمنعها من الاقتراب منها، وصوتها يهدر بها:
-إنتي بتقولي إيه؟ ماما مالهاش دعوة بعيالك، حرام عليكي بطلي ظلم فيها.
ضربتها "حمدية" في كتفها، رافعة نبرة صراخها:
-شيلي إيدك.
التفتت "همسة" باحثة عن زوجها، وجدته في إثرها، يصد بجسده هجمات "حمدية" الهوجاء عليها، إلى أن فصل بين الاثنتين، وسط تدخل أفراد الأمن، اعتذر منهم، وسحب زوجته بعيدًا عن محيطها، نهجت في انفعالٍ، وقالت:
-الحق يا "هيثم" ماما، والله هي مظلومة.
رد بغموضٍ لم تتفقه له:
-أنا عارف، خليكي هنا ثانية كده...
وقبل أن تتبعه واصل تحذيره لها:
-وإياكي تقربي من الولية دي!
اختطفت نظرة حاقدة نحو "حمدية" التي وقفت تشكوها لعمها وابنه، عادت لتحملق في وجه زوجها الذي أكد لها بنبرة مبنية على يقين صريح:
-إن شاءالله براءة أمك على إيدي.
لم يستطع كبت شكوكه لأكثر من هذا، فمنذ ليلة العزاء، وأفكاره عن وجود رابط خفي يجمع بينها وبين الطفلة لم يفارق تفكيره، لم يسترح لتصرف "حمدية" الانفعالي الزائد، والذي نم آنذاك عن معرفة مسبقة بالضحية وابنتها، وإلا لما بدت على تعبيراتها الهائجة كل تلك الكراهية غير المفهومة، لطفلة لم ترها مسبقًا أو تتعرف إليها! احتفظ بصمته، وبأفكاره المتشككة لنفسه إلى أن وجهت اتهاماتها الصريحة، لحماته المغلوبة على أمرها. تأكد حينئذ من احتمالية تورطها في قضية القتل بدرجةٍ كبيرة، وإن لم يمتلك بعد الدليل المادي الملموس على هذا. خرج "هيثم" عن صمته، وقطع الردهة الطويلة أشواطًا بخطواته المتسعة والسريعة، ليعود إلى غرفة المحقق، قاصدًا مقابلته، وإعلامه بما غفل عنه الآخرين، عل بحديثه هذا يضع الأمور في نصابها الصحيح ........................................................... !!!
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا