مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثانى عشر من رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى.
رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل الثانى عشر
اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة
رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل الثانى عشر
يجلس خالد بمكانه منذ ساعات ، لزمت هى غرفتها بعد تناول الغداء الذى عادا به .
فكر خالد بتلك الكلمات البسيطة التي همس بها تاج ؛ إنه محق
عليه أن يعترف
إن رأى كل رجل أن زوجته كانت يوما ما اهم أحلامه وأغلى امانيه لوجد دائما سبيلا يصل به لقلبها بسلاسة ، ولأسس دون مشقة جسور من الود يمكنه أن يعبرها إليها مهما اشتدت الخلافات ولمد بكل قوة جذورا لعلاقة مشتركة تصمد مهما عصفت الخلافات .
هل فشل فى ذلك ؟؟
ام هدمت هى أسس محاولاته بأفكارها الغريبة !!
عليه أن يكتشف ما الذى أوصل رأسها لهذه الأفكار التى تفوهت بها .
نهض ليتجه نحو الغرفة عازما على فك طلاسم قلبها مجددا كما فعل سابقا .
***
كانت جالسة فوق الفراش وقد غفت الصغيرة ، جلس أمامها متسائلا : ممكن نتكلم من غير عصبية ولا خناق .
نظرت له بصمت ليتنهد : إيه جواكى يا سيلى !! اتكلمى كأنك بتكلمى نفسك .
رأى الخجل يحتل ملامحها ليتابع : سيلى إنا بحبك .. وانت بتحبينى .. حياتنا مستقرة .. من اول جوازنا .. لا من اول خطوبتنا واحنا متفاهمين .. محددين أهدافنا .. إيه اللى حصل .
نظرت نحوه وتحدثت بحدة : انا اللى اتغيرت .. اللى حصل انى ماكنتش اعرف يعنى إيه حب .. يعنى إيه اشتاق لجوزى وهو مش جمبى .. يعنى إيه اشتاق لكلمة حلوة تحسسنى بأنوثتى .. يعنى إيه اشتاق لحاجات مجنونة عمرى ما عيشتها .
صمتت لحظة وتابعت : إحنا حددنا أهدافنا بالعقل ونسينا مشاعرنا .. اذا انت قادر تتحكم فى مشاعرك انا مش قادرة .. انا محتاجة وجودك يا خالد .. عارفة إن أبحاثك مهمة
لكن انت اهم
تحدث بهدوء مقاطعا استرسال حديثها لتتبدت الحدة فيتابع : مش هقول عنك أنانية انا كمان بحتاج وجودك
عادت تقاطعه : مش الاحتياج ده يا خالد .. انا حاسة إن قلبى بيدبل .. انوثتى بتموت .. انا محتاجة دفا .. كلمة حلوة .. حضن مشتاق .. نومة مرتاحة .. مطمنة لانك موجود .. عارفة انى هفتح الاقيك .. عارفة انك مهتم بيومى .. بوجودى .. بمشاكلى التفاهة ..حتى بجنانى ودلعى .
تنهد خالد ودفن وجهه بين كفيه لتصمت ، يعلم أن كل ما تطالب به هو حق لها ، لكنه يعلم أنه عاجز عن الوفاء بهذا الحق كاملا .
لحظات من الصمت قبل أن يرفع رأسه وينظر لها : ممكن تساعدني ؟
نظرت له ليتابع : ساعدينى اقدر اكون زى ما انت محتاجة .. ساعدينى من غير حدة ومن غير سكوت .. طول ما بنتكلم كل واحد هيحاول يعمل اللى التانى محتاجه لأننا بنحب بعض
اهتز صوته متسائلا : ولا انت مشاعرك ...
قاطعته مؤكدة بحدة : لو كملت السؤال رد فعلى مش هيعجبك .
ابتسم بحب : يبقى هنقدر يا سيلين .. هنقدر لأنى واثق انك تقدرى تساعدينى .
***************
انفرد طايع بنفسه ، ما أخبره به رؤوف مرعب حقا ، عليه أن يتأكد ، عليه أن يثق أن ابنته ستكون آمنة .
هو لا يفهم لما تخفى عن الجميع مطاردات بسول لها مؤخرا ؟
أخبره فارس بكل ما أقدم عليه والده وهو يبكى حزنا إلى ما وصل إليه . كان الصغير يتأمل من أبيه خيرا رغم كل أخطائه .
أمسك هاتفه وطلب ريان ، هو الوحيد القادر على مساعدته ، يعلم أن تريم له علاقات قوية بأشخاص ذوى نفوذ اكتسبها من عمله ك وكيل نيابة .
سرعان ما وصله صوت ريان ليقول : ريان انا لازم اقابلك بكرة ضرورى ...
**************
ترقد آيات بالمشفى منذ يومين لم تره خلالهما نهائيا ، كان انين الجروح يخفى انين الروح وتتظاهر هى أن الأمر لا يشغلها .
زارها والده مرتين ولا يخفى عليها تهرب عينيه .
لقد قرر يزيد أن يذبحها مجددا .
لكن هذه المرة الأمر يختلف ، هذه المرة لن تقاوم ، بل ترحب بالموت ، الحياة بدونه هى الموت ، وهى ماتت بين ذراعيه منذ سنوات ، رضت بالموت بين ذراعيه فحكم عليها أن تحيا الموت طيلة حياتها .
فتحت عينيها مع صوت الطبيب : اخبارك ايه النهارده ؟
تمتمت بالحمد ليثنى على قوة تحملها ، هى لم تطلب تسكين الألم قط . لكنه لا يعلم أن هذا الألم الذى يتحدث عنه هو أقل ما يمكنها الشعور به .
أغمضت عينيها مجددا بعد مغادرة الطبيب ، لن تسأل مطلقا عن سبب تغيبه عنها . يكفيها ما تعانيه .
*************
اوقف حسين مقعد والده بحوار طاولة الطعام حيث أصر على أن يتناولا الطعام سويا رغم خلو المنزل من الجميع .
رفع زيدان رأسه متسائلا : وبعدين يا حسين ؟
جلس حسين بجوار أبيه : ماخابرش يا بوى .. هو جاعد فى مزرعة خوه الله يرحمه من يوم اللى حصل ..
نظر زيدان نحو الطعام الذى تضعه ام على أمامهما ، لا يشعر جديا برغبة فى تناوله إطلاقا لكنه مضطر لذلك .
خطوات حازمة يعلم صاحبها دون الحاجة للنظر نحوه ، نظر نحو ولده لتؤكد السعادة المتراقصة بعينيه الخبر رغم أنه لم ير القادم بعد .
ظهر صاحب الخطوات لينتفض حسين : إيه الدم ده ؟؟
دار زيدان يبحث عن حفيده ليراه واقفا وقد تشبعت ملابسه بالدماء التى بدأت تجف ، اكفهر وجهه ليتحدث يزيد : مفيش حاچة يا بوى كنت بدبح ..هتسبح و هغير خلجاتى ونازل طوالى .
اتبع قوله بالتحرك مباشرة ليعود حسين للجلوس متسائلا : بيدبح !! يدبح بمناسبة إيه ؟؟
مد زيدان كفه يلتقط الخبز الذى يصنع خصيصا لأجله : وماله يدبح .. يداوى مراضاه .كل يا ولدى ولدك بخير ماتخافش .
نظر حسين نحو والده لحظات ثم بدأ يشاركه الطعام
*****************
استقام طايع ناظرا نحو ابنته : نسمة ماتنسيش معادنا النهاردة .. الساعة تلاتة عند خالك .
نظرت نحوه بحيرة : حاضر يا بابا بس مش حضرتك تعرفنى فى إيه ؟؟
ابتسم بود : مفيش حاچة المهم ماتتأخريش وانت يا إياد
تنهدت ليليان : انا مش فاهمة إيه الغموض ده ؟؟ ما كلنا هنيجى فى نفس المعاد .. فيها إيه لو فهمنا ؟؟
غادر طايع الطاولة لتزفر ليليان معترضة وتنظر نحو الجميع رغم أنها غاضبة لإخفائه ما يرتب له عنها لكن يكفى أنه يخفيه عن الجميع أيضا .
*************
وصل إياد للعمل وكان الشوق قد أتى على كل مقاومته ، أيام قلائل تمكنت فيها تلك الفيروزة النادرة من تحويل دفة حياته لاتجاه لا يرى مرساه .
لكنه رغم مخاوفه والقلق الذى ينهش صدره ويشوش على رؤيته يشعر برغبة فى الاستمرار .. لا يريد أن يبتعد عن تلك العاصفة التى تلطمه بمشاعر هو حديث العهد بها لكن قلبه ينبض لها فرحا .
اتجه نحو مكتبه مباشرة وهو يثق أنها ستأتى إليه حال وصولها ، لازال هناك بعض من الشوق عليه أن يتجرعه ، التفت نحو خضر الذى يسير بجواره بوجه بشوش فقال خضر : شكلك فرحان النهاردة يا إياد .
زادت بشاشته وهو يقول : اوى يا خضر .. فرحان اوى .
ابتسم خضر : انا هروح مكتبى لو احتجت حاجة اطلبني .
وغادر عازما على البحث عن طريقة ينزع بها هذا الألم عن صدره ، إن اختارت اى شخص اخر ، لكانت المغادرة سبيلا مريحا ، لكنها اختارت إياد الشخص الذى لا يمكنه مغادرته مطلقا .
تنهد حين ألقى نفسه فوق مقعده محيطا رأسه بكفيه ؛ يحتاج لنزعها هى عن تفكيره .. نزع تلك الصورة التى تملأ صدره ، عليها أن تصبح مثل الأخريات صورة تمر أمام عينيه فقط .
***************
تقدمت سيلين من القاعة حيث عليها إلقاء المحاضرة ، صمت الحضور بمجرد دخولها لتنظر نحو الجميع .
وضعت الحاسوب أمامها وقبل أن تفتحه سمعت أزيز الهاتف الذى تكتم رنينه أثناء المحاضرات .
عادة يعلم الجميع اوقات عملها ولا تردها مكالمات فى وقت العمل ، نظرت للشاشة لترى اسم زوجها فتسرع بالإجابة بصوت قلق : خالد فى إيه ؟؟ انت كويس ؟؟
سمعت صوت ضحكته لتتجهم ملامحها : كويس يا سيلى الحمدلله ما أنا لسه سايبك من شوية
عادت لها الحدة : عارفة ومش عادتك تتصل بيا فى الشغل . فزعتنى .
اجاب بود : لا اتعودى على عوايد جديدة .. لازم اسمع صوتك كل شوية لو هقول ازيك واقفل .. وبعدين انا عندى تجربة مهمة متعطلة من تلت ايام قولت اخد فال حلو بصوتك قبل ما اشتغل عليها .
تبسمت مرغمة : هو صوتى فال حلو ؟؟
أكد بلطف : صوتك احلى حاجة تحصل وانا بعيد عنك لكن وانا قريب ..
قاطعته : خاالد !!
عاد للضحك : وانا قريب اشوفك احلى من الكلام بلاش قفش انا داخل على تجارب ويوم طويل .
اتسعت ابتسامتها وزاد جنون قلبها الذى ينادى اسمه مع كل نبضة ، أنهت المحادثة لتدور على اعقابها وتنظر نحو الطلاب فلا ترى تلك الثنائيات المتعمدة من قبلهم .
لم تر سوى قربه منها خلال اليوم السابق ، كم الود والدفء والمرعاة فى كل موقف .
يوم واحد فقط ...
تمكن فيه من خلخلة كل أسس غضبها منه ، تمكن من زعزعة الفراغ الذى احتل قلبها ، تمكن من تشويش الصورة المشوهة التى وضعتها لعلاقتهما معا .
هل هو بارع لهذه الدرجة ؟؟
أم هى تعشقه لهذا المدى ؟؟
الفارق ليس كبيرا ، فهى لا تنكر اى منهما ، هو رجل بارع فى مراعاته وهى تعشقه عشقا يسمح لها بالتجاوز عما كان .
ليست المشكلات بمستبعدة ، لكن عليها ألا تصمت مجددا ، هو محق فى هذا . وهى أخطأت فى هذا .
*****************
جلس مازن بمكتبه منذ الصباح ، يشعر أن أمر ما يحدث فى الشركة وهو لا يحيط به .
نظرات الجميع تغيرت تماما ، هناك خلل ما لا يدركه ، لكنه فى الحقيقة لا يهتم .
مادامت أمور العمل تسير على ما يرام فلا يهتم لما يحدث بينهم . ابتسم وترك الحاسوب حين دق هاتفه ليجيب بحماس : نور عين بابى .. قبل اى حاجة سورى الويك اند دى كانت ملخبطة خالص .
ضحكت نور : بتسبق يعنى ههههه ماشى يا سى بابى وانا مااقدرش ازعل منك ابدا .. بس مش عارفة قلبى بيقولى كده إنه محتاج عزومة حلوة .
ضحك مازن : وانا تحت امر قلبك يا قمرى
اقتحم تاج الغرفة ليسمع اخر جملة فينظر له بدهشة لكنه يقول : طيب اخلص شغل واكلمك على ماتخلصى مدرسة اوك
اتسعت ابتسامته : باى بيبى .
عقد تاج ذراعيه ونظر نحوه بحدة : بيبى ؟؟
تعجب مازن : مالك يا تاج ؟؟ بكلم بنتى فيها ايه ؟؟
بنتك !!!
مسح وجهه مستغفرا : اللى بيقولوا انك بتكلمها علطول وتقولها قمرى وبيبى تبقى نور ؟؟
استقام مازن مستنكرا : بيقولوا ؟؟ هم مين ؟؟ هو فى إيه انا مش فاهم حاجة !!
ألقى تاج نفسه فوق المقعد معتذرا : انا آسف يا مازن أسأت الظن بيك .
دار مازن حول المكتب ليجلس أمامه : تاج فهمنى فى إيه .
دخل والده بنفس الحدة : انا افهمك ، انت بتكلم نور دايما وانت خارج أو داخل .. دايما بتقولها يا قمرى ويا بيبى .. انا عارف كده لكن الموظفين مايعرفوش .
نظر لوالده بحيرة : والموظفين يعرفوا ليه ؟؟ هم دخلهم إيه فى حياتى اكلم مين ومااكلمش مين ؟؟
أشار له أبيه : اقعد يا مازن .. اقعد احكى لى حصل ايه قبل ما تنقل رنا المستشفى .
جلس مازن مبدلا نظراته بين والده وصديقه بلا فهم ، زفر ومسح وجه ثم قال : ماحصلش .. طلبتها مرتين ماجتش .. روحت مكتب الدعاية والإعلان وانا أول مرة اعرف إن ليها مكتب لوحدها .. دخلت لاقيتها تعبانة نقلتها المستشفى .
نظر تاج نحو محمود ثم نحو مازن : يعنى مش اترجتك ماتسبهاش وانت مازعقتش وقلت لها اعملك ايه ؟؟
قطب مازن جبينه بحدة : انت عرفت الكلام ده منين ؟؟ المكتب كان مقفول علينا .
زفر محمود بضيق : المكتب كان مقفول لكن صوتكم عالى
اعترض مازن : يا بابا كانت بتولد .. بتصرخ تعبانة وانا متوتر مش عارف اعمل ايه وهى بتقول مالهاش حد اطلبهولها .
دفن محمود وجهه بين كفيه مستغفرا بينما زادت حدة مازن : انا مش فاهم لحد دلوقتي إيه اللى بيحصل !!
تحدث تاج بهدوء : اللى بيحصل إن كل الموظفين بيتكلموا عليكم .. كلام ماينفعش يتقال يا مازن .. كلام يدمر سمعة الست .. رابطين بين مكالمات نور وبين رنا معرفش ازاى .
انتفض مازن : انا هقطع لسان الكل .. هم جايين يشتغلوا ولا جايين ينصبوا نفسهم قضاة ويحاكموا الناس .
نهره محمود : مازن اسكت خالص ..
تعجب مازن حدة أبيه الذى يثق ألا أساس لهذه الظنون بينما تابع محمود : اى كلام فى الموضوع ده دلوقتى هتزيد الكلام خصوصا إن رنا مالهاش حد يدافع عنها وانا كنت مشدد عليها ماتعملش اى علاقات مع الموظفين .. اسكت بقا دلوقتى أما اشوف هعمل ايه .
غادر محمود المكتب فورا محاولا التحكم فى أفكاره المتخبطة بينما قال تاج : يا مازن للاسف كلام الناس ضريبة كلنا بندفعها .. كلنا لازم تمر علينا أزمة سببها كلام الناس .. وإذا كنت أنا صاحبك أسأت الظن بيك .. صحيح ماربطتش بينك وبين رنا بأى طريقة بس فكرت إنك فعلا على علاقة بحد .. يا مازن النفوس ابيار غويطة محدش يعرف جواها خير ولا شر إلا إذا أدلى بدلوه
اقترب معتذرا : سامحنى مرة تانية وارجوك فكر كويس جدا قبل اى تصرف لأن فى سمعة واحدة ست هتضر زيادة مع اى غلطة منك رغم إن مفيش بينكم حاجة .
تنهد مازن : مسامحك يا تاج .. انا مااقصدش اضرها ده انا حتى ماكنتش بطيقها خالص وشايف إنها بتدلع فى الشغل .. ماكنتش اعرف عنها اى حاجة غير يوم الخميس من بابا ..
صمت لحظة وتابع : ماتقلقش مش هعمل اى حاجة ولا كأنى عرفت حاجة من الأساس ..
غادره تاج منذ فترة وقد عزف عن العمل عزوفا تاما لكنه أيضا لم يغادر المكتب .
**************
طرقة واحدة أعقبها اقتحام فيروز : صباح الخير يا إياد .
وقف إياد الذى كان ينتظر وصولها : فيروز اتأخرت ليه ؟ وحشتينى اوى .
توقفت خطوات فيروز ونظرت نحوه ليتلعثم : قص قصدى .. بقى .. بقى لك يو .. يومين ماجتيش الشغل .
عقدت ذراعيها بمشاغبة : الجمعة والسبت إجازة يا فندم
احتد عليها : والخميس !!
تجاوزت الكلمات والحدة ، لقد أخبرها للتو أنه افتقدها ، وهو لن يكذبها مطلقا .. إنه إياد الحب ..
المخلوق الذى لا يعرف الرياء ولا الكذب
المخلوق الذى لا يتقن الغدر ولا الخديعة .
إنه إياد ؛ الصدق فى أكثر صوره براءة .
تقدمت خطوتين بثقة ، وقفت أمامه لا يفصل بينهما سوى المكتب ، راقبت حرجه وتخبطه ، أسعدها تهربه الخجل من نظراتها التى تعلم جيدا كم هى جريئة بالنسبة له .
ابتسمت تحاول بثه طمئنينة وتحدثت بهدوء : لو طلبت مني مش هغيب من الشغل تانى ابدا
أومأ مؤكدا : ماتغيبيش ايوه ..
كان هناك جنونا بصدره يريد إنهاء هذه اللحظة وجنونا اخر لا يريد نهايتها فهو مستمتع بهذه الثورة التى تعيث فسادا بين أضلعه .
جلست بهدوء ليجلس ايضا دون أن يحيد أحدهما بنظره عن صاحبه لتتساءل : نتكلم ؟؟
أومأ موافقا وبدأ ينثر كلماته المبعثرة التى تعبر عن تضارب مشاعره ، لم تختف الابتسامة عن شفتيها لوهلة واحدة ، كانت سعيدة بهذه الخطوة وإن لم يكن واثقا من أمره بعد .
****************
كان محمد بفراشه يشعر بتكاسل وعدم رغبة فى المغادرة اليوم ، حقا تركته رحمة منذ الصباح الباكر وحيدا وهذا يحزنه لكنه ألف هذا الحزن منها .
لم يعد هناك ما يثير خلافا بشأنه ، استقرت الأوضاع منذ سنوات وهى تغيرت كثيرا بالفعل لكن يغلب عليها طبعها احيانا وهو يمكنه التغاضى عن هذه الأحيان محبة .
بداية اثار الأمر غضبه لكنه مع مرور الوقت قدر تلك المحاولات التى تقوم بها ، يكفى أنها تحاول لأجل حياتهما معا ليقاتل هو لأجل هذه الحياة .
استقر أمره اليوم على ملازمة الفراش ، سيغادر لاحقا لتفقد العمل والعودة لمنزل وفية .
لكن تأتى الرياح بما لا تشتهي سفنه ، رنين هاتفه المحمول الذى لا يفارقه .. ما الذى يدفع أخيه لمهاتفته بهذا التوقيت ؟؟
اسرع مجيبا : السلام عليكم .. خير يا حودة !!
كان محمود غاضبا للغاية مما يقال ، وغضبه يشتد لأن رنا بأمانته هو .. يعلم أن ابنه لم يتعمد الإضرار بها ، لكن هذا لم ينه غضبه .
سرعان ما أنهى المحادثة ونهض عن الفراش ليستعد للمغادرة . قبل أن ينتهى دخلت رحمة . ابتسمت حين وجدته مستيقظا : صحيت تعالى نفطر سوا .
اقترب يقبل رأسها : إذا الفطار جاهز اكل لقمة بسرعة .. محمود كلمنى فى مشكلة فى المصنع وانت عارفة محمود طيب زيادة عن اللزوم .
تمتمت بتأكيد : والطيبة ماتنفعش مع الناس .. الفطار جاهز على ما تخلص هستناك على السفرة .
غادر الغرفة بعد دقائق ليجد الطعام ينتظره بالفعل ، جلس بحماس : السفرة الهايلة دى علشان العبد لله .. انا كده هاخد على الدلع .
ابتسمت رحمة بود : ماتاخد براحتك .. هو انا ورايا اهم منك ادلعه !؟
ترك الطعام ونظر لها وقد أزالت بكلمات ما جال بصدره صباحا .. لقد تغيرت رحمة كثيرا لأجله وعليه أن يكون مقدرا لهذا الجهد الذى بذلته .
***************
وصل محمد لإدارة المصنع حيث حدثت كل هذه البلبلة التى تسيئ لأخيه فى المقام الأول .
توجه نحو مكتب محمود ليأمر المساعد : عاوز قسم الدعاية والإعلان فى غرفة الاجتماعات خلال عشر دقايق .
تساءل المساعد بحيرة : القسم كله يا فندم ؟؟
اجاب بحدة : ايوه كلامى واضح .
دخل مكتب أخيه الذى كان يجلس مهموما ، لقد تمكن فى الماضى من التحكم فى تهور مازن والحفاظ على كرامة هيا .
لكنه اليوم لم يخطئ !! وهو لا يعرف كيف يحافظ على كرامة رنا فى موقف كهذا ؟؟
كيف تواجه الموظفين حين تعود للعمل ؟؟
لن تتقبل ما يقال عنها و لا يمكنه أن يتنبأ برد فعلها تجاه ما قيل .
جلس محمد بهدوء : محمود انت اخويا الكبير .. لكن طيبتك بتطمع الناس فيك .. انت فاكر إن سكوتك نفى .. لكن هم مش هيفسروه كده .. الناس اللى نفوسهم وضيعة للدرجة دى سهل جدا يحولوا اى رد فعل لخدمة دناءة أفكارهم .
نظر محمود نحوه بحزن : رنا مش كده يا محمد .. مالهاش ذنب لا هى ولا مازن .. الموقف كان حاجة واتفسر حاجة تانية خالص .
ربت محمد فوق ساقه : ماتقلقش هم كده كده بيتكلموا انا عارف بس انا هعرف اخلى اللى طلع الكلام ده عبرة للمصنع كله .. قوم معايا .
نهض محمود بقلب مثقل يتبع أخيه . دخلا وكان جميع العاملين بقسم الدعاية والإعلان بالقاعة .
دارت عينى محمد بالأوجه التى يسهل قراءة دواخلها .
البعض قلق والخوف يحتله معلنا عن سوء عمل أقدم عليه .
والبعض لا يمكنه اخفاء شماتة ملامحه التى تتم عن أحقاد داخلية وجدت ملاذا لها فيما قيل .
والبعض يداعب الحزن ملامحه حزنا على ما وصلت إليه الأنفس .
مجموعة صغيرة من البشر تعبر عن كلية البشر .
وقف محمد بينما جلس محمود يترأس طاولة الاجتماع . دارت عينى محمد بينهم مجددا ليثير ريبة الجميع .
صمت دقيقة كاملة قبل أن يتحدث بحدة معروفة عنه : من يومين زميلتكم تعبت فى الشغل .. زميلتكم رنا طبعا كلكم تعرفوها .
عاد خطوة للخلف : إحنا مميزين رنا عنكم فعلا بأمر مباشر من محمود .. لأنها فعلا مميزة .. مش بس شغلها المضبوط اللى ضبط شغل القسم كله وزرع فى قلوبكم الغيرة منها ويمكن الكره ليها لا .. رنا خريجة مدارس انترناشيونال .. جامعة خاصة .. اصلا ماتقدرش تتفاهم معاكم ..
عقد ذراعيه : لكن طبيعة البشر بتكره كل ما يتفوق عليها وده اللي حصل معاكم .. وانا هفضل احاسب القسم كله لحد ما اعرف أساس الكلام اللى اتقال على رنا ومازن
سرت همهمات بين الحضور ليتكأ محمد فوق الطاولة مطالعا الأوجه : انا مش فاهم ازاى تتهموا واحد إنه على علاقة بمراته ؟؟
علت الهمهمات بينما تعلقت عينى محمود به ليجد حدة واضحة رافضة ، تحدث اخيرا رئيس القسم : يا فندم محدش يعرف إن مدام رنا زوجة استاذ مازن
استقام محمد وعلت شفتيه ابتسامة متغطرسة : وتعرفوا بصفتكم إيه ؟؟ حد منكم يقرب لنا بحسب أو نسب ؟؟ حد منكم صديق مقرب ل مازن أو ل رنا ؟؟
صمت الجميع واحتقنت بعض الأوجه بينما ظهر الارتياح على البعض الآخر ليتابع محمد بحزم : القسم كله مبدئيا مخصوم منه عشر ايام وإذا ماعرفتش خلال ساعة واحدة اللى قال الكلام ده القسم كله هيصفى حسابه اول الشهر ويجى ناس تانية عاوزة تشتغل مش جاية ترغى وتقطع فى لحم بعض .
أشار بكفه بحدة : اتفضلوا برة .
زادت الهمهمات مع مغادرة الجميع ، ظل محمود صامتا حتى اغلق الباب لينتفض : إيه اللى انت عملته ده يا محمد ؟؟ مين هيوافق على جوازة بالشكل ده تانى ؟؟
أحاط محمد ذراعى أخيه : الاتنين هيوافقوا ماتقلقش .. ابنك مش هيتجوز تانى وهيفضل حابس نفسه جوه شرنقة لحد ما نجبره على الخروج منها .. وانا كده بجبره .. ورنا محتاجة راجل يحميها ويراعيها ومش هتعترف بكده ابدا .. بكرة تشكرنى يا محمود
افلته متجها للخارج ليقف محذرا : محمود بلاش طيبة قلبك مع الموظفين .. اللى قال الكلام ده هيترفد يعنى هيترفد .. والخصم هيتنفذ ابقى عوضهم يا سيدى بمكافأة بعدين بس الشهر ده لا .
وغادر محمد تاركا محمود غارق حتى أذنيه فى تخبطه .
**********
كانت نسمة اخر من وصل لمنزل خالها الذى احاطها بحنان . دخلت لتجد الأسرة مجتمعة حتى عمها مهران الذى لا يخفى غضبه .
جالت بالأوجه لتجد رؤوف بينهم ؛ ما الذى يفعله هنا؟؟ .
وقف أبيها متحدثا : وادى العروسة وصلت .. ابدا يا مولانا .
نظرت نحوه بصدمة ليتابع : قربى يا نسمة هنكتب كتابك انت ورؤوف
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا