مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السادس عشر من رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى.
رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل السادس عشر
اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة
رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل السادس عشر
قاد محمود سيارته رغم الإجهاد الذى شعر به لليلته المرهقة ، لقد بحث عن مازن فى كل الأماكن المحتمل وجوده فيها لكنه رغم ذلك فشل فى العثور عليه .
اتبع نصيحة أخيه وبحث عنه خارج القاهرة ربما أراد بعض الاستجمام والبعد فإتجه لإحدى المدن الساحلية لكنه فشل أيضا .
اخيرا التقط عقله فكرة ربما أصابت ومع حلول الصباح رغم المشقة اسرع يتأكد منها .
من الصعب صف السيارة فى هذا الحى المزدحم خاصة مع عدم الإقامة به ، جاهد حتى تمكن من صفها مخالفا القواعد المرورية لأول مرة بحياته .
تحرك مسرعا ، هو يحفظ المكان عن ظهر قلب رغم كل تلك التغيرات السطحية التى لا تؤثر على روح المكان .
وقف أمام المنزل الذى ظهرت عليه علامات السنين وآثار الزمن ، دق قلبه وهو يسترجع ذكرياته هنا ، صور اغلى الناس تركض أمام ناظريه ليبتسم حنينا لهم .
تقدم نحو الباب ليتقدم للداخل برهبة يرجف لها قلبه ، سنوات طويلة هرب من ذكرياته التى تؤلمه وتشعره كم كان ساذجا غرا بلا قلب مبصر بالهروب من موطنها .
وقف بالدور الأول يتلفت حوله مستدعيا ثباته الانفعالى ، كل هذا التزاحم من الذكريات مرهق للغاية ، المكان نظيف رغم خلوه من السكان ، هذا ما تفعله حياة منذ سنوات ؛ تستأجر من يحافظ على سلامة المنزل وأمنه بتفقده يوميا .
أخرج سلسلة مفاتيحه التى لم ينزع منها مفتاح هذا المنزل قط رغم عدم تردده عليه ، دس المفتاح الذى دار بسهولة ليدفع الباب برفق مستنشقا عبير المكان الذى يدفع صدره لأنين مؤلم .
تقدم بحذر ليرى بقايا الطعام فوق الطاولة ، إنه مازن وفوضاه المعروفة .. تقدم مغلقا الباب بهدوء
دخل غرفته القديمة وغرفة أخيه ليجدهما فارغتين فيتقدم فورا نحو غرفة والديه سابقا وهنا وجد مازن ينام بملابسه كاملة محاطا بعدد كبير من الصور الفوتوغرافية يعود بعضها لطفولته وأخيه والبعض لطفولة مازن ومروة وبعضا من صور مجمعة يظهر فيها والديه قبل رحيلهما عن الحياة .
بدأ يجمع الصور وجلس بطرف الفراش ليهز ولده الذى انتفض جالسا .
صدم مازن لرؤية أبيه بالغرفة وفرك عينيه بدهشة : بابا !! بتعمل ايه هنا ؟؟
تابع محمود جمع الصور : انت اللى بتعمل ايه هنا ؟؟ ده وقت تختفى فيه ؟؟ مازن انت امته هتشيل مسئولية تصرفاتك ؟؟
نكس مازن رأسه : طول عمرى يا بابا بتحمل مسئولية تصرفاتى .. وانا اختفيت علشان اعفيك من الحرج مع عمتو چودى وجوزها وكمان أعفى رنا من الموافقة على جوازة غصب عنها .. يا بابا انا مش هفرض نفسى على ست تانى .. مش عاوز اشوف فى نظرة واحدة إنها مغصوبة على العيشة معايا .. انا يا أعيش حياة كريمة قايمة على الاحترام على الأقل يا بلاش هفضل زى ما انا ..
تنهد محمود بإرتياح : محدش غصب رنا على حاجة هى وافقت برغبتها بعد ما فكرت من غير اى ضغط .
انتفض قلبه دون سبب معروف : وافقت ؟؟
تابع محمود : لازم تخطى الحاجز اللى جواك من سنين موقف حياتك .. انت غلطت ودفعت تمن غلطك كبير اوى .. كفاية سنين عمرك اللى ضاعت واحد غيرك كان زمانه متجوز ومخلف .
فرك مازن وجهه بكفيه لائما نفسه ، لا احد يعلم حقيقة ما حدث فى الماضى .. ربما يحمل والديه صورة عما قام به تجاه زوجته لكنها صورة اقل دناءة وحقارة مما حدث فعليا .. يعترف أنه لم يكن يفهم الأمر بشكل كاف .. ليس الزواج ما كان يفهمه فى هذا العمر ..
هو لم يلم إلا نفسه فأقرانه عرفوا معنى الزواج ويعيشون حياة كريمة أما هو فتكبر وتجبر وحصد ما زرعت يداه من ألم سنوات من الوحدة .
ربت محمود فوق ساقه : قوم خلينا نروح نطمن حياة .. انت مابقتش صغير للقلق اللى هى تاعبة نفسها بيه ده .
بدأ محمود يتحرك يعيد تنظيم ما أفسده ولده كعادته وهو يتحدث عن ضرورة احتساب سنوات عمره مجددا ليقنع أمه أنه مسئول عن تصرفاته فحالتها الصحية لم تعد تتحمل كل هذا التوتر ملقيا اللوم على مازن فى تأخر حالتها الصحية
يستمع مازن فيبتسم حينا ويحاول التبرير حينا آخر دون أن يلتفت محمود لذلك وفى خلال ساعة غادرا المنزل ليعيد محمود إغلاقه رغم تألم قلبه لذلك .
*****************
تحركت نسمة بقلق لتقف خلف الباب مباشرة قبل أن تتحدث بإهتزاز واضح : فى إيه ؟؟
سمعت زفرته العالية لكن لم تحدد ماهيتها ، شعرت بضربة خفيفة للباب وكأن رأسه ارتخى فوقه بإرتياح قبل أن يصيح مجددا ضاربا الباب بكفه : افتحى .. نايمة فى بحر ؟؟ انا قولت جرى لك حاجة
فتحت الباب جزئيا دون أن تتخلى عن مخاوفها ضده ليدفعه بحدة ، رأته أمامها بغضب شديد يندفع داخل الغرفة حاملا حقيبته ثم يتجه نحو الخزانة ويبدأ فى تفريغ محتويات الحقيبة بإنفعال واضح لكنه لم يكن إلا زيادة لمخاوفها .
اندفعت نحوه دون قرب : انت بتعمل ايه ؟؟
دار فجأة لترتد للخلف : زى ما انت شايفة .. بحط هدومى اخوكى زمانه على وصول .. ثم انت قافلة الباب ليه هأكلك انا يعنى ؟؟
هزت كتفيها : قافلة الباب عادى علشان اطمن .
اندفع نحوها دون أن تملك فرصة للهرب ليمسك ذراعها فيجذبها نحوه بحدة : انا جوزك يعنى احميكى مش هأذيكى . فاهمة ولا مش فاهمة ؟؟
اومأت بقلق اتبعته برجاء يظهر خوفها : سبب دراعى .
افلتها فجأة كما امسكها فجأة ليعد إلى ما كان يفعله متابعا : انا صحيت على رسالة من عمى طايع بيقول إياد فى الطريق ونفسيته وحشة ..
نظر لها : طبعا لو حس بإضطراب بينا هيضايق اكتر .. بقى لى نص ساعة بخبط على الباب ..وقعتى قلبى
كانت اخر جملة صارخة بقلق وحدة وتخفى ألما لا تدرى سببه ولا تريد أن تفعل .. هى حاليا عاجزة تماماً عن التفكير أو تقييم ما يحدث .. تتخبط وكأنها ليست تلك المرأة التى تجاوزت الثلاثين ووصلت لتلك المكانة الاجتماعية !!
أنهى تفريغ الحقيبة لينزع قميصه بنفس الحدة متجها للفراش وهى جامدة مكانها دون حراك تراقب ما يفعله مع عجز تام عن إبداء أي رد فعل ، تسطح بالفراش ليغمض عينيه وكأنها غير موجودة ثم يتحدث ببعض الهدوء : طبعا إياد هيجى تعبان ومحتاج يرتاح لما يصحى صحينى .
لازالت تراقبه بصمت فيفتح عينيه مجددا ناظرا لها : وغيرى هدومك دى انت متجوزة راجل بيحس بردو
نظرت لملابسها لتنتفض راكضة من أمامه بينما عاد يغمض عينيه مواريا بسمته فرغم فزعه الشديد إلا أن شعوره بالراحة انساه غضبه لعدم ثقتها فيه .
**************
وقفت بسمة والقلق يستعمر ملامحها تنظر نحو باب الخروج فى انتظار ظهور إياد ، يقف سويلم بالقرب منها شاعرا بقلق بالغ لتلك الزيارة غير المتوقعة مع قلة ما قدمه له طايع من معلومات عن أسبابها .
دقائق مرت بطيئة قبل أن يظهر إياد يدفع عربة الحقائب والتى لا تحمل سوى حقيبة واحدة متوسطة الحجم
أشارت له بسمة وهى تنادى اسمه فترى وجهه المتجهم فيزداد شعورها بالقلق
دفع العربة بلا إكتراث ليستقر بين ذراعيها ، اقترب سويلم رابتا فوق كتفه : خبر إيه يا إياد ماهتسلمش على ؟؟
انتقل إياد إلى صدره ليتجمع حاجبيه فى دهشة تتوافق مع دهشة بسمة تساءلت : مالك يا إياد ؟؟
اختطف نظرة لها وانحنى يحمل حقيبته : مفيش .. كويس بس وحشتونى .
حمل سويلم عنه حقيبته : خلونا نروح
سار ثلاثتهم مع صمت تام من إياد لا يتوافق ابدا مع رؤيته بسمة دائما .. مدت كفها تقبض على كفه لتجده يتشبث بكفها منفثا عن بعض احتياجه لها مما زاد مخاوفها عما يواجهه أخيها البرئ .
****************
جلس يزيد بطرف الفراش كما كان طيلة الليلة الماضية ، منذ نقلها لهذه الحجرة فى المساء وإعلان الأطباء استقرار حالتها ينتظر عودتها للواقع دون فائدة .
لم يشعر بالحرج من وجود والديها بالغرفة رغم شعور والدها بذلك وعدم إخفائه إلا أنه لم يهتم .
هو لن يهتم مستقبلا بأى شئ سوى بعودتها للحياة ، رؤيتها تتحرك أمامه ، سماع صوتها يطرب أذنيه .
وحين يتحقق كل ذا سيكون لها ما أرادت وإن كان موته .. لقد رأت عينيه صورة جديدة للعشق الذى طالما هرب منه .
يفهم الأن لما تمنى زيدان الموت ؟؟ يفهم الأن بعضا مما كان يراه بعينيه فيتحامل على همت متهما إياها بإيذاء أخيه ..
لم يكن زيدان يتأذى .. تلك الجملة التى عاشت ترعى بصدره لسنوات طويلة : مد يدك فى صدرى يا چد وطلعها منيه .. أنى كمان ماريدش الوچع ده .
لم يكن زيدان حين نطق بها يقصد انتزاعها من صدره .. بل كان يصبو لزرعها بين أضلعه .
فهو فى هذه اللحظة لا يتمنى إلا أن يزرعها بين أضلعه فهذا هو الشعور الوحيد الذي يسمحى هذا الألم ..
الذى سيخمد هذا اللهيب ..
الذى سينزع هذا الخوف
اقتربت أمها من أبيها هامسة : سعد هيرچع النهاردة من أرض الچبل .. هنسوى كيه ؟
زفر سالم بضيق : لما ياچى يحلها ربنا .. يمكن تكون فاجت .
اومأت وعادت للصمت ومتابعة ما يستجد رغم عدم حدوث مستجدات منذ جلس بموقعه وكأنه تصنم وانتزع روحه طواعية فقط ليبقى بهذا القرب .
*****************
وقفت نسمة تتطلع للخارج بقلق بعد أن بدلت ملابسها المنزلية ، لقد تسللت للغرفة لتجده يغط فى نومه كأنه لم ينم منذ ايام ، حصلت على ملابسها وأحكمت إغلاق الغرفة ليحظى بقسط كاف من النوم .
عادت تنظر للخارج لتلحظ اقتراب سيارة سويلم فتتوجه نحو الباب فورا فتحته ووقفت حتى دخل إياد يرسم ابتسامة خجلة لتتساءل بلهفة : إياد انت كويس ؟؟
أومأ وذابت ابتسامته ليغير سويلم دفة الحوار : رؤوف فين ؟؟
نايم
أجابت فورا بتلقائية وهى تمسك كف إياد تدفعه للدخول فتقاطعها بسمة : نسمة ما تيجى فوق مادام جوزك نايم !!
لم تشعر بالراحة للفكرة فإعترضت : لا انت روحى شغلك وعلى ما تيجى يكون إياد ارتاح ورؤوف صحى
اخذ إياد فورا جانب بسمة : هروح اوصل بسمة واجى علطول .
احتفظ سويلم بالصمت واتجه للداخل ليضع الحقيبة ثم غادر دون أن يلتفت : انا رايح المزرعة لو احتاچتم حاچة
لاحظت بسمة عدم توديعه لها لكنها مررت الأمر وهى تنظر نحو نسمة : حبيبتي ارتاحى انت كمان .
أشارت نسمة نحو إياد : لما إياد يجى .
سار للخارج وسارت بسمة لجواره ، ظلا صامتين لفترة حتى قطعت الصمت متسائلة : مش هقول مالك ؟؟
نظر لها وهو رأسه نفيا دون أن يتحدث لتتابع : طيب مش عاوز تتكلم ولا مش قادر ؟؟
تنهد إياد : مش قااادر
ربتت فوق ذراعه وهى تتعلق به مبتسمة : يبقى انسى كل حاجة دلوقتى وخليك معانا هنا .. فاكر زمان يا إياد ؟؟ كنا أنا وأنت حافظين النجع ده من كتر اللف وراء سويلم هههه
أخفى إياد فمه بتلقائية : ايوه صح يا كنا وراه يا كان ورانا ههههه
تمكنت بسلاسة من سحبه خارج دوامة أحزانه تلك التى تراها ولا تفهمها . صحبها وظل معها حتى وصل مساعديها ليغادر عائدا للمنزل فهو بالفعل بحاجة ماسة إلى الراحة .
**************
دخل هاشم لغرفة ابنته التى تلزمها منذ عودتهم من المشفى . رغم أنها لم توجه له لوما لكن صمتها فعل .
ثلاثة أيام لم تتوجه له بكلمة واحدة فى سابقة لم تحدث منذ زواجهما مطلقا .
تم تأجيل احتفال الجمعية حتى يستردا رباط جأشهما بعد ذلك الحادث الذى كاد ينزع منهما صغيريهما معا .
كانت غافية بجوار ابنتها تحيطها بذراعيها ، اقترب يربت فوق ذراعها لتنتفض وتشد ذراعيها حول الفتاة .
فتحت عينيها تنظر نحوه فيقول : بزيداكى يا عفاف .. جومى رايدك برة .
أحكمت الدثار حول الصغيرة ونظرت نحوه فلم تجد نية لتزعزعه .. لا يبدو هذه المرة مستعدا للاستسلام والمغادرة كما الأيام الماضية .
تحركت ونهضت عن الفراش ليتحرك للخارج فتتبعه بصمت . أحكمت إغلاق الباب لتتجه نحو غرفة الفتى مهرولة .
وقف عاقدا ذراعيه منتظرا نهاية تهربها منه ، يعلم أنها تنتظر أن يستسلم ويتركها فى صمتها لتتابع تجاهله لكن ليس هذه المرة .
دقائق وعادت نحوه بصمت تنظر أرضا ، مد ذراعه ورفع رأسها متسائلا : وبعدين ؟؟
رفعت حاجبيها بدهشة ليتابع : لحد ميتة هتلومينى إكده ؟؟
إلتقى حاجبيها فى حيرة ؛ تلومه !!!
لقد ظنت أنه يفعل .
تحركت شفتيها دون صوت ليهز رأسه يحثها أن تتابع المحاولة ، نطقت اخيرا بصوت أبح : ألومك كيه واللوم على انا ؟؟
نال على نصيبه من الحيرة : عليك كيه يعنى ؟؟ المفروض ماكنتش هملتك تمشى بالعيال لحالك .. انى غلطان ..
قاطعته : بس انا اللى نشفت راسى وصممت امشى لحالى بالعيال .. ماكنتش اعرف إن هيحصل إكده ..
بدأت دموعها تشاركها الحديث متابعة : كنت هضيع عيالنا يا هاشم
جذبها هاشم ليحيطها بدفء هامسا : انى اللى كنت هضيعكم كلكم .. عفاف ماتشيليش روحك الحمل كلاته .. كل حاچة فى الدنيا تستنى وانت وولادى اهم شي عيندى . التلت ليال دول عدو عليا عمر بحاله وانت مهملانى أكده .. انى بلوم روحى وانت بتلومى روحك .
تنهد وهو يزيد فى ضمها : الحمدلله الولد بخير وانت بخير خلص يا عفاف بزيادة بكا .. انا ماعدليش غيرك يا عفاف ماتهملينيش تانى ابدا .
أغمضت عينيها لتتساقط دموعها الصامتة ، هى تعلم جيدا أن زوجها يعتمد على وجودها كليا لكنها احتاجت وقتا تتعامل فيه مع الحادث .. منذ زواجهما وهى تولى نفسها دور القيادة والذى لم يمنعها إياه هاشم لشدة حاجته لها ، عليها الأن أن تدع له هذا الدور ، عليها أن تستمع إليه ، عليها أن تمنحه فرصة ليحتويها كما احتوته مسبقا ..
هى فعليا فى أضعف حالاتها على الإطلاق ، تحتاج دعمه
قوته ..
رؤيته ..
حمايته ..
احتوائه لها .
غاب هاشم عن الواقع متلمسا نشوة قربها الذى تاق إليه فى ليال ثلاث .. مجرد ليال ثلاث أوصلته لشوق مهلك .
عليه ألا يسمح بتكرار هذا الأمر .
لن يسمح بإعادة الخطأ الذى قد ينزع منه حياته التى لم يملك سواها وما تمنى أن يفعل .
سيحيطها بولايته منذ هذه اللحظة حتى نهاية عمره ، سيتأكد من سلامة أسرته الصغيرة بنفسه .
لن يتخلى عن دوره فى متابعة كل خطوة بحياتهم التى تحرك حياته .
اغمض عينيه محتفظا بكل ذرة انفعال تتولد كلما قبض على أنفاسها الدافئة لتحرق حطام أنفاسه .
شعر بها تستزيده قربا ليلبى رغبة اجتمعت عليها روحيهما معا
***************
طرق خضر الباب ودخل دون انتظار إذن فيروز التى رفعت رأسها تطالع مقتحم مكتبها ، أشارت لمساعدتها لتغادر : اقعد يا خضر .
تنهد خضر وجلس متسائلا : ممكن اعرف حصل ايه قلب حال إياد بالشكل ده ؟؟
نقرت بالقلم فوق سطح المكتب : انا نفسى مااعرفش حصل إيه زعله كده .. انا اتكلمت معاه بصراحة وفكرت إنه هيقدر صراحتى ويقف معايا .
احتد عليها خضر : فيروز من غير ألغاز احكى لى حصل ايه
بدأت تقص عليه ما حدث بالأمس حتى غادر إياد .
استمع لها بإنصات مطرقا حتى انتهت لينظر نحوها فتتنهد بحزن : كنت فاكراه ...
فاكراه إيه ؟؟
قاطعها بحدة لتنظر له بدهشة فيتابع : انت عاوزة تقولى ل إياد انت مختلف عن بقية الناس وتقولى فاكراه ؟؟ إياد اللى طول عمره بيعانى من نظرة الناس ليه على إنه مختلف !! إياد اللى أمنية حياته يعيش حياة طبيعية حتى لو مااعلنش أمنيته دى !! انت شيفاه مختلف ازاى عاوز افهم ؟؟
رفعت كفيها تستوقف سيل حدته : انا مش قصدى اختلاف يعنى أقل .. كل بنت فى الدنيا بتحب راجل بتشوفه مختلف عن باقى الرجالة .
علت نبرة صوتها : لو زيه زى الباقى هحبه ليه يعنى ؟؟
صمت خضر مع ظهور رؤية جديدة تتراءى من خلف حجب الانفعال بينما تتجمع سحب انفعال فيروز : إذا أسأت التعبير من حقى يدينى فرصة .. يسألنى .. لكن يسبنى ويمشى ويقول ما اقدرش احارب ؟؟ ده فى الوقت اللى انا عاوزة أوصله إن فى ناس هتحارب علشان تفرقنا هو ماعندوش استعداد لأى مواجهة .
كما سمح لها مسبقا برواية ما حدث سمح لها أيضا بتفريغ شحنة الغضب التى تستعر بصدرها منذ أمس .. لقد انتظر كل منهما من الآخر أن يتقدم مع استعداده للتراجع فلم ير اى منهما سوى التراجع .
لم يتحمل اى منهما فكرة خذلان صاحبه ، لا زالا يحتاجان الكثير من الوقت والتفاهم .
مد كفه يلتقط ورقة وهو يضع كل الأعذار لابن عمه فى سوء تفهم حديثها .. ويضع لها أيضا كل العذر فى هذا الغضب .
خط عدة ارقام وقدم لها الورقة وهو يستقيم : اسف انى فهمتك غلط وفهمى الغلط يبرر فهم إياد غلط .. من حقك تزعلى ومن حقه تعذريه انت جيتى على اكبر مشكلة فى حياته ورفعتى سترها فى الوقت اللى هو مش مستعد إنك تشوفيها .. إياد إحساسه بالاختلاف بيوجعه وانت من غير قصد وجعتيه .. ده رقمه من حق كل واحد منكم على التانى فرصة جديدة .. انتم محتاجين وقت وصدقينى لولا أن جواكم لبعض مشاعر ماكانتش فرقت لا معاكى ولا معاه .
اتجه نحو الباب ليغادر فيتوقف قبل بلوغه ودون أن ينظر لها مجددا : لو عاوزة تحاربى علشانه اعرفى إن اكبر الحمل عليكى مش لضعف فيه .. لبراءة مش هتصدقيها غير لما تعيشيها معاه .
وغادر تاركها فى حربها الخاصة مع نفسها التى اتخذت من حديث خضر ذريعة لتضع آلاف الأعذار ل إياد .
لم تطل حربها الداخلية وامسكت هاتفها تسجل الرقم ثم ترسل له رسالة قبل أن تعود للعمل بقلب منشرح وقد تولدت داخله الكثير من الأمانى التى ستعمل على تحقيقها .
*************
شعرت بالخدر يتسلل لبدنها ، لقد قضت ليلة مرهقة سادها الخوف من رؤوف الذى اتضح لها صباحا ألا أساس له .
السكون المحيط بها وعدم تمكنها من مراسلة فارس زاد شعورها بالرغبة فى النوم .
تأففت وهى تعتدل مجددا أملا فى الهرب من سطوة النوم اللذيذة لتفشل مجددا .
دقائق وسقط جفنيها معلنين نهاية المقاومة ، حاولت فتحهما مجددا .
تشعر بتسرب وعيها شيئا فشيئا حتى لفها الظلام وطوتها أمواج الاسترخاء لتغرق فى نوم هانئ .
***
فتحت عينيها تنظر حولها بتكاسل لتكتشف اختلاف المشهد تماما ، لم تعد مستلقية فوق الأريكة بل هى مستلقية بمكان ما .
دارت عينيها لتراه بأحد الأركان قرب الخزانة يرتدى قميصه ، انتفضت جالسة لينظر لها وكأنها هنا منذ دهر مر : صح النوم .. انت نومك تقيل اوي علفكرة .
ارتفع كفيها تتلمس ملابسها لتنشق شفتيه دون أن تفهم إن كان مستهزءا ام متألما قبل أن يتحدث : ماتخافيش ..
دار ليواجهها كلية ثم تابع : مش انا الراجل اللى يغصب مراته أو يستغلها بأى شكل .
هدأت مخاوفها ليس لحديثه بل لتأكدها منه فعليا بوجود كامل ملابسها عدا الحجاب الموضوع فوق الوسادة بحرص .
اتجه رؤوف للخارج : انت مضطرة تتعاملى مع وجودنا فى اوضة واحدة .. إياد معانا فى الشقة .. خدى راحتك انا هحاول اوفر لك خصوصية على حسب ما تسمح الظروف .
وصل للباب لتستوقفه : أخدت الأنسولين ؟؟
ورغم أنه يعى أنها تخشى سقوطه لعدم إلمامها بحالته إلا أنه شعر بلذة لمجرد هذا التساؤل .. أومأ مجيبا : ايوه والمفروض اكل دلوقتى لو تحبى تعالى ناكل سوا
وغادر مغلقا الباب لتعود للاستلقاء وهى تراجع كل تصرفاته وتحاول أن تحللها بشكل عقلاني منحية مشاعرها جانبا رغم انتفاض قلبها رفضا .
*************
قبل دياب رأسها مودعا : ديرى بالك على روحك
اسرع مغادرا لتدور ناظرة نحو غرفة عمير ، لقد أخبرها زوجها كل ما حدث وطلب منها أن تحسن رعايته .
الأمر جديد عليها إلى حد ما ، صهيب كان سعيدا للغاية لحصوله على اخ مرتقب حين اكتشفت حملها ب عمير .
لكن يبدو أن الأخير لا يحمل نفس الشغف .
ربما لوجود صهيب فعليا وربما لعدم تفهمه وجود طفل اصغر منه سيحصل على رعاية مضاعفة .
ربما مخاوفه من إهمالها لها حال وصول هذا الصغير المرتقب .
هناك عدة زوايا للموضوع لكنها ستحرص على نزع كل السلبيات من عقله الصغير .
فتحت الباب لتتقدم من الفراش وتهزه برفق : عمير .. عمير
فتح الصغير عينيه ونظر لها مبتسما لتبتسم بالتبعية : جوم اجعد معايا ولا ماتوحشتنيش ؟؟
تحرك الصغير بتثاقل : ما أنا هروح الحضانة
عبثت بخصلاته : لاه المعاد فاتنا النهاردة .. إيه رأيك نعمل حاچة چديدة ؟؟
نظر لها بنعاس : نعمل ايه يعنى ؟؟
اقتربت برأسها : تعالى نخبز فطيرة .. ولا اجولك تاچى نروح لچدك حسين ؟
اعترض الصغير : لا بدى اجعد إهنه
ابتسمت دون أن تنتبه لخوفه الظاهر : خلص نجعد .
افسح الصغير لها مجالا لتتسطح بجواره . هو لم ينس تشديد أبيه بالأمس على عدم إطلاع أمه ما حدث مع زوجة أخيها .
ظلا يتحدثا لفترة لم يحصياها حتى غفيا دون تعمد .
*********"**
جلس يطالع وسائل التواصل ليكتشف سرعة انتشار خبر زواجهما مع العديد من رسائل التهنئة .
رفع رأسه ليرى إياد يتقدم منه بتكاسل فيبتسم : انت كنت محوش النوم تنامه هنا يا إياد ؟
ابتسم إياد : لسه عاوز انام .
وضع الهاتف جانبا : لا كفاية نوم فوق زمان سويلم وولاده جايين من المدرسة
أومأ بصمت وهو يتجه نحو الغرفة مجددا ليستغل رؤوف الوقت فى تنبيه نسمة لتيقظ إياد
***
دخل الغرفة وأمسك هاتفه ليجد رسائل من رقم غير مسجل .
فتح الرسائل ليرى لومها له : انا فيروز وزعلانة منك ..
لو انت مش مختلف فى نظرى ليه اهتم بيك بالذات عن باقى الناس ؟؟
لو انت زيهم ماكنتش بقيت مهم عندى ..
الأختلاف شرط أساسى عند كل بنت فى الراجل اللي تختاره ..
الاختلاف مش عيب .. الاختلاف ميزة
ظل ينظر للشاشة شاعرا بعدم استيعاب الأمر وسرعان ما نهض يهرول نحو المرحاض عليه أن يسأل بسمة فى هذا الشأن وهو يثق أنها ستصدقه قولا .
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا