مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل العشرون من رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى.
رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل العشرون
اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة
رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل العشرون
ظلا أسفل الماء المنهمر وقد انهار رؤوف تماما وغلبه ألمه السابق ، لازال لديها الكثير والكثير من التساؤلات لكنها لن تطرحها وهو بهذه الحالة .
أصبح منكبا على وجهه فوق ساقيها وبدنه يرتجف لشدة بكاءه .
مسدت ظهره هامسة : رؤوف .. مفيش كلام يواسى وجعك انا مصدقاك .. وانت ماكانش ينفع تقتله .. كنت هتتحول لمسخ .. انت لحد دلوقتي بروحك البريئة .. انت يا رؤوف اقوى من الانتقام .. اقوى من الشيطان نفسه .
مرت مدة طويلة وهو منهك بالبكاء حتى بدأت تشعر بهدوءه نسبيا بينما يزداد شعورها بالوهن كل هذه الأحداث تصيبها بدوار وتشوش .. الضغط نفسى اقوى من تحملها فأصابها بصداع فتاك أغمضت عينيها لتتابع بإنهاك : رؤوف انا تعبانة اوى .
انتفض معتدلا لترى احتقان عينيه ووجهه ، مسح وجهه مع الماء المتدفق ثم أحاط وجهها ليجذبها لصدره : اسف .. اسف حبيبتي .. حاسة بإيه ؟؟
أرخت بدنها وتكومت بين ذراعيه دون حديث متغاضية عن الشغف بملامحه وصوته لينهى تدفق المياة ويسحب منشفة لا تجدى نفعا فى وضعهما ليسحب أخرى يلقى بها فوقها ويحملها للخارج .
******************
حالة من الفزع أصابت الحرس فور حدوث انفجار بالطابق الأرضي ومع صرخات فزعة متألمة نابعة من الداخل اسرع الجميع نحو المبنى ليدوى انفجار اخر تهدم على أثره الجزء الأمامي من المنزل ولم يكن صعبا رؤية سيدة المنزل بين الأنقاض غارقة فى دمائها .
زاد الهرج وبدأ نظام الإطفاء أو ما تبقى منه بالعمل لكنه غير مجدى بالمرة مع كثافة النيران وشدة استعارها وكأن لهبا من جهنم طال القصر يلتهمه ومن فيه .
مر الوقت سريعا مع عجز المحيطين عن التدخل وسرعان ما خبت الصرخات . وصلت سيارات الدفاع المدني وبدأت العمل فورا على إخماد النيران والبحث عن ناجين وسط الأنقاض والحطام .
وصلت قوات الأمن أيضا فصاحب المنزل من القامات الدبلوماسية المعروفة والشبهة الجنائية هى خيارهم الأول الذى يتمنى الجميع أن يكذب .
****************
لم يحظ طايع بنوم جيد رغم أن رؤوف أكد له أنهما سالمين وقد هربا من قبضته بالفعل لكنه لن يشعر بالسكينة قبل أن يراها بعينيه .
لقد ظل برفقة فارس أمس فقط يبثه السكينة ويدعمه فى هذا الموقف المؤلم .
شعر أن الفتى بين شقى الرحا رغم أنه يبدى جلدا واضحا وقوة غير منطقية نظرا لمرحلته العمرية والموقف العصيب الذى وضع به .
فهو مضطر لتحمل فكرة أن والده يتعدى على والدته رغم أنه يجهل الكيفية إلا أن ترصده بها يكفى .
حمد الله على فكرة هذا السلسال الذى مكنهم من تتبع موقعها وإلا لكانت هالكة لا محال .. لقد أخبره رؤوف كل ما حدث بماضيه مما دفعه للمجازفة فقط لحماية ابنته .
فكرة أن يكن السلسال بإسم فارس كانت رائعة فهى لم تكن لتخلع هدية ولدها الوحيد .. يبدو له أن رؤوف يفهمها جيدا بالفعل .
اجتمعت الأسرة على طاولة الطعام لتتأفف ليليان : محدش عاوز يتكلم ؟؟
تبادلوا النظرات وتساءل إياد : يتكلم عن إيه يا ماما ؟؟
أشارت نحوه وحفيده : عن سبب جمعتهم امبارح وسكوتهم الغريب ده .
احتفظ فارس بصمته بينما قال طايع : مفيش حاچة انت بجيتى شكاكة زيادة عن اللزوم .
رفعت حاجبيها بدهشة وقاطع ردها هاتف طايع الذى رفعه مبتسما : كيفك يا ولدى ؟؟
تجهم وجهه وتعلقت عينيه ب فارس الذى بهت ليتساءل : حوصل ميته ؟؟
أنهى المحادثة ليلحظ الجميع ارتعاشة كفه فيتساءل فارس : حصل إيه يا جدو ؟؟ ماما جرى لها حاجة ؟؟
هز رأسه نفيا ثم قال :ده تريم بيجول بيت بسول انفچر الليلة ومات
قبض فارس على حافة الطاولة وزادت وتيرة أنفاسه لتهرع ليليان إلى مقعده وتضم رأسه ويتبعها إياد بلا تردد بينما حمل طايع هاتفه واتجه للغرفة .
أيعقل أن رؤوف له يد فى ذلك ؟؟
*************
تأفف رؤوف لهذا الطنين المزعج الذى يسحبه من سكونه الذى يحتاج إليه بشدة .. تجاهله بداية لكنه لم يتوقف .. حاول فتح عينيه شاعرا بألم يجتاح كل ذرة ببدنه الذى يحيطها بدفء لم يرد أن يبتعد عنه مطلقا .
مد ذراعه يلتقط هذا الهاتف المزعج ثم نظر للشاشة ليجيب بتكاسل : صباح الخير يا عمى
لحظات وانتفض جالسا لتنتبه وتنظر لصدمته بدهشة وهو ينهى المحادثة دون أن يهتم بالصوت الذى تتابعت تساؤلاته لتتساءل : فى إيه ؟؟ فارس كويس ؟؟
لم تحصل على إجابة أو رد فعل لتقترب وتهزه برفق فينتفض وينظر نحوها : مات .. البيت انفجر ومات
أصابها الفزع : مين ده اللي مات ؟؟
لم يحد بعينيه ولم يمنع تكاثر الدموع بعينيه وهو يضغط على أسنانه غضبا مع عجزه عن ذكر اسمه حتى الآن : اللى كان لازم اقتله ..
شعرت بصدمة أولية سرعان ما تحولت إلى راحة تسرى نحو قلبها بلا مقاومة منها .
هل انتهى كابوسه للأبد ؟؟
بهذه البساطة !!
بهذه البشاعة !!
ترى كيف حال صغيرها !!
هو أبيه مهما أخطأ .. بداخله جزء ينتمى إليه مهما أنكر .
ظلا صامتين وكل منهما ينظر للأخر فكان لها الأسبقية وكفها يتسلل ببطء حتى قبضت على قبضته المشدودة .. ألقى بنفسه بين ذراعيها فى لحظة باكيا .
*****"**********
وقفت عبلة فى المشفى ترتدى زيها الأسود الذى لم تنزعه منذ توفى زوجها العام الماضي .. حقا كانت طباعه حادة لكنه زوجها وهى تحبه كثيرا بل تعشقه .
على مقربة منها جلس أشخاص ينتمون إلى زوجة ابنها التى تصارع الموت منذ ساعات .
غادر الطبيب غرفة الرعاية الفائقة لينظر للجميع بأسف : البقاء لله .. انا اسف حالتها كانت صعبة حتى لو عاشت كانت هتبقى معاناة طويلة .
اصوات النحيب تحتل الموقف .. تبعت عبلة الطبيب المغادر لتوقفه بلهفة : يا دكتور
نظر لها لتتساءل : والبنات ؟؟
أشار نحو غرفة على مقربة بنفس الممر : البنات حظهم كان كويس لان الاوضة اللى كانوا فيها بعيد عن الانفجار .. هم مصدومين ويمكن يحتاجوا متابعة نفسية بس ممكن يروحوا البيت النهاردة .
اومأت شاكرة ليغادر فتتجه عائدة إلى حيث ترقد الصغيرتين اللتين فقدتا الأب والأم بليلة واحدة .
*******************
تحرك أفراد البحث الجنائي بموقع الحادث الذى لازالت الأدخنة تتصاعد من جنباته فتزكم الانوف .
نظر أحدهم حوله بريبة : بناته كانوا فى اوضتهم .. جثة مين اللي فى المكتب ؟؟
هز الأخر كتفيه : يمكن حد من الشغالين ؟؟
عاد الاول يتساءل : دى طفلة ماتزدش عن حداشر سنة !! وفرضنا إنها بنت حد شغال عنده نايمة فى مكتبه ليه ؟؟ انت شوفت وضع الجثث ؟؟
زفر الآخر : شوفت هو محروق ومتكوم فى ركن المكتب والجثة التانية على الكنبة
عاد الاول يتساءل : ومش غريبة إن حريق زى ده وتفضل نايمة على الكنبة ؟؟ تتحرق وهى نايمة مكانها ؟؟
مسد الآخر جبهته : هى حاجة تحير .. الحارس برة قال الشغالة ليها بنت عايشة هنا .. بس مش فاهم ايه وصلها لمكتبه ؟؟ وكل اللى كان فى الدور الأول مات .
تطلع الأول لبقايا للأريكة بشرود كأنه يستجوبها لتفصح عما حدث بهذه الغرفة ثم قال : انا عاوز تحاليل دم كاملة وتشريح لبقايا الجثة لا لكل الجثث
اعترض صاحبه : انت عارف ده حريق ممكن يبقى صعب
قاطعه بحدة : يتصرفوا وعاوز تقرير سريع عن وجود شبهة جنائية من عدمه .. انت شايف التليفون مابطلش رن
تفهم الآخر : ما انت عارف هو مين
أومأ بصمت مستنكرا كل هذا الاهتمام لأجل هذا الشخص الذى لا يشعر بالارتياح لمجرد وجوده فى حيز وجد هو به ..غادر المكان يتبعه الأفراد بصمت .
****************"
هزها برفق مناديا اسمها : آيات ... آيات اصحى
فتحت عينيها لترفع كفها نحوهما ، يعلم أن عليها النوم ساعات إضافية فقد يمرر النوم بعض الألم الذى أكد الطبيب استمراره وعجزه عن إنهائه فى القريب . لكنه سيغادر ويريد أن يتأكد من راحتها قبل مغادرته ، هو يفهمها جيدا مهما أنكر ذلك .. ستتألم بشدة لطلب المساعدة . وهو لن يسمح لها بالمزيد من الألم .
يكفيها سنوات ألمه التى اوصلتهما لطريق مسدود .
شهقت وهو يحملها لتتساءل بفزع : واخدنى على فين ؟؟
لم يجب فهو لم يعتد ذلك لكنه سيتدرب ليفعل مستقبلا ، حصلت على اجابتها وهو يدخل بها إلى المرحاض . اجلسها فوق المغسلة قرب المياة ثم بدأ بغسل وجهها بصمت .
شهقت مجددا مع ملامسة الماء البارد وجهها الدافئ ليعتذر برفق : معلهش ماجصديش
وبدأ بخلط الماء ليصبح أكثر دفئا ثم يتابع غسل وجهها متسائلا : تتوضى دلوك ؟
هزت رأسها نفيا وهى تنظر نحو لزاوية أخرى ، فهم أنها بحاجة لبعض الخصوصية .
أحاط خصرها بكفيه ليحملها مجددا حتى وقفت على ساقيها . شعرت بالدوار لتسند رأسها فيقول : اهملك كيف وانت ماجدراش تجفى ؟؟
تحدثت بوهن : لاه انا زينة .
زفر بضيق ، يعلم أنهما رغم زواجهما الذى استمر سنوات ليسا مؤهلين لتلك الدرجة من التقارب ، لذا استسلم متجها للخارج : انى چار الباب
وغادر مانحها ما تحتاج لكنه وقف بالفعل قرب الباب ، لم يمر الكثير من الوقت .. إنها تتقيأ مجددا .
لطالما كانت تفعل مؤخرا وهو أعزى ذلك لرفضها له لكنه ذلك الصغير القابع بأحشائها يصيبها بالغثيان .
حسنا اكتفى ليفتح الباب مجددا ويسرع فيحيطها يمنحها دعما تخلت عنه ساقيها .
حاولت أبعاد كفه : لاه .. اخرچ
شد ذراعه وهى تنحنى لتفرغ المزيد من معدة خاوية لينحنى معها مترفقا : بزيدانا بعاد يا آيات .. ماعاوزش غير احس بالدفا چارك .
التفتت تنظر له وكأنها تستنكر عليه رغبته لتعد سريعا للتقيؤ من جديد . وظل متمسكا بها حتى اكتفت ليساعدها رغم رفضها الظاهر لتتوضأ ويحملها للخارج .
وضع عليها عباءتها وقد بدت مستسلمة له ثم أجلسها : صلى وانت جاعدة .
ثم اتجه للخارج .. نظرت فى أثره بحنين لقربه الذى ترفضه .. تعترف داخليا أنها بحاجة هذا القرب ربما أكثر من حاجته هو .
لكن ألمها منه يحول دون التمتع به .. كسرها منه يجعلهما على حافتين متوازيتين لا تتقابلان .. جدار أصم يقف بين قلبها ورغبته فيه وقربه ورغبته فيها .
أصبحت عاجزة عن المسامحة .. الجسر الذى طالما بسطته سامحة له بالمرور نحوها تصدع وأى خطوة منه للقرب ستهوى به ولا يمكن احتساب النتيجة .
***
وقف يزيد أعلى الدرج مناديا الخادمة التى وقفت أسفله فى لحظة ليتحدث بحدة معروفة عنه : فين فطور الست يا مخبلة انت ؟؟ انى مش منبه عشية فطورها الساعة تسعة !!
تحركت الخادمة : چاهز يا بيه كنت مستنظرة تنادم على أطلعه .
تابع يزيد : هتنادم كيه يا واكلة ناسك وهى راجدة
ضرب كفيه غاضبا : هتراعوها كيه وانتم مخبلين أكده .. هاتى معاك لمون وهمى
غابت عن ناظريه ليعد نحو الغرفة لكنه يقابل أبيه الذى يبتسم : عامل خوتة من صبحية ربنا ليه إكده ؟؟
وقف يزيد : ابدا يا بوى ..
تجاوزه حسين متجها للاسفل : انى نازل لچدك زمانه صحى .. وانت أفطر مع مرتك يا يزيد
أصر عليها أن تتناول الفطور كاملا ثم الأدوية التى أصبح يخشى تأثيرها وهو يراها تزداد ضعفا .
وضع الكوب جانبا ليتساءل : انزلك الچنينة ؟؟
اختطفت نظرة لملامحة : انا إجدر انزل لحالى .. دراعى المكسور مش رچلى .
مد كفه يتلمس موضع أضلعها لينخفض كفه نحو بطنها ، شعر بإرتجافه أسفل كفه لم يقف أمامها وتحدث بهدوء : تعرفى يا آيات !! كنها أول نوبة اخلف .. الولد اللى چاى ده غالى جوى .. غلاوته من غلاوة الغالية اللى شيلاه .
نظرت له لينتقل لجوارها ويحيطها هامسا: خابر إن حديتى شديد وطبعى أشد .. خابر كد إيه وچعتك .. بس لما حسيت انك هتروحى مينى لاجيت جلبى هيوجف .. رچفته كأنى دبحته بسكين ..
انخفضت نبرة صوته بإنكسار : لما اتحدتى وياى يومها كنت فاكر حديتك زعل وبس .. جولت بكرة ولا بعده ترضى وتنسى اللى حوصل كلاته .. بس لما سمعت وصيتك من سعد عرفت أن خلاص كرهتينى .. عرفت انى خسرتك .. عرفت أن الرضا اللى كان بيدى بجا ابعد من السما .. آيات انى ماعاوزش أچبرك على العيشة معايا بعد إكده .. بس خليكى چارى لحد ما تولدى .. خليكى چارى لحد ما نشيل ولدنا سوا ولو لمرة واحدة .. آيات انى خابر إن حديتى دلوك مايعوضش ولا يداوى .. بس ماجادرش اكتمه بصدرى تانى ..
ارتخى رأسه فوق كتفها متأوها : موچوووع يا آيات .. موچووع من وچعك .
صمت دام بينهما لدقائق قبل أن يتحرك فجأة وكأنه شخص آخر غير الذي كان يتحدث منذ لحظات .. انحنى يحملها لكنها لم تفزع .. أرخت ذراعها السليم فوق جبيرتها وأرخت رأسها فوق صدره ليتحرك للخارج ..
أجلسها بالحديقة بجوار أبيه وجده الذى رحب بها : ايوه إكده يا بتى ارچعى نورى الدار .
ابتسمت له : أنوره فين يا چد وانى جاعدة متكسرة إكده .
أتى صوت دينا من الخلفية صارخة بحدة : يا حزنى يا يزيد انت بتاكل اكلها ولا إيه ؟؟
هرولت لتفرج عن كف عمير الذى ركض نحو جده لتقترب هى من آيات : انت كل اللى مزعلك كسر دراعك ؟؟ ده انا هجعد ازغطك النهاردة بدل ما وشك بجى كد اللجمة الناشفة
ابتسمت آيات : لجمة ناشفة يا دينا !!
نظر يزيد لبسمتها براحة : دينا انت اللى بجيتى زى البلونة .
شهقت دينا ونظرت لأبيها الذى ضحك : مالاكش صالح. هى بتاكل أكلك ؟؟
وتابع الچد : ماتسمعيش منيه يا دينا هو بيناكف وخلاص
رفعت دينا رأسها : لأچل خاطرك بس يا چدى .
عقد يزيد ذراعيه بتحدى : ليه انت تجدرى تتكلمى ولا حاچة !!
لكنها لم تجب بل جلست بإسترخاء : مابتكلمش وراچلى واجف .
نظر يزيد خلفه ليجد دياب متسائلا : بتجول حاچة يا نسيبى ؟؟
حك يزيد أنفه : بجول نروحوا نشوفوا اشغالنا .. ديرى بالك على مرتى يا دينا اوعى تاكليها .
ضحك الجميع ودياب يحيط رقبته بحدة زائفة : مرتى تأكل طولى وعرضى عنديك مانع .
تابع يزيد مزاحه : مابلاش طولك دى يا دياب والخلج تاكل إيه ؟؟
غابا عنهم لتربت دينا فوق كتف آيات الشاردة : هونى على جلبك يا خية .. بكرة تطيبى وترمحى فى الدار رمح .
ثم نظرت نحو جدها : اوعى تكون فطرت من غيرى
ضحك زيدان : لاه مافطرتش .. جومى هاتى الوكل .
تحمست دينا للفكرة ونهضت : بينا يا عمير .
ركض الصغير تابعا أمه التى اتجهت نحو المطبخ باحثة عن اكبر قدر من الطعام متوفر بالمنزل .
*************
وصل رؤوف ونسمة لمنزل أبيها الذى لم يغادر لعمله اليوم وفضل البقاء برفقة حفيده الذى صمت تماما منذ تلقى خبر وفاة أبيه .
جلس الجميع عدا إياد الذى توجه لعمله ليتركه جده بين ذراعى جدته ويتجه للباب .
دخلت نسمة ليتحدث براحة : كويس انك جيتى
تساءلت بلهفة : هو عامل إيه ؟؟
زفر طايع : ساكت .. ساكت سكوت يخوف .
اتجهوا للداخل لتنادى اسمه : فارس .
رفع عينيه دون أن يتحرك وكأنه لم يرها .. اسرعت نحوه لتتخلى أمها عن مكانها لها . ضمته لكنه لم يبد أي رد فعل تجاه ذلك .
نظر رؤوف ل طايع : دى حالة مايتسكتش عليها .. انا هطلب له دكتور نفسى اعرفه .
أخرج هاتفه وابتعد ليتحدث طايع : نسمة دخليه يرتاح فى اوضته .
سحبته نسمة للداخل سحبا دون أن يعترض أو يتفاعل بأى شكل كان .
سحب طايع رؤوف جانبا وقبل أن يتساءل تحدث هو مدافعا عن نفسه : كنت أتمنى بس مش أنا ..
تنهد طايع ليتابع : بس ماافتكرش أن حضرتك زعلان .. اظن الموت ابسط من اللى كنتم هتعملوه فيه
رفع طابع عينيه ينظر لعينى رؤوف مباشرة : إحنا مش جتالين جتلة وكنا هنراعوا مهما عملنا فيه أن ابنه يبجى ابننا
ابتعد طايع وصمت رؤوف وكل منهما يريد انهاء هذا الحديث فحتى ذكر هذا الرجل تنفر منه الأنفس .
*************
دفعه أبيه إلى التوجه لعمله الذى غاب عنه لأيام ، الوفاة ليست طبيعية ولن يتم إتخاذ أية إجراءات اليوم حتى تصرح النيابة بذلك .
اتجه إياد فور وصوله الذى تأخر على غير عادته إلى مكتب فيروز فهو لن يقف مشاهدا ضياع فرصته . لم يتوقف رغم طلب مساعدتها واتجه نحو المكتب ليدخل فورا .
كانت جالسة تتابع الحاسوب .. رفعت رأسها ترى من المقتحم تنوى توبيخه لتتوقف تماما حتى عن التنفس .
هو أيضا تصنم بمجرد رؤيتها بينما وقفت المساعدة تبرر موقفا لشخصين لا يستمعان لكلمة مما تنطقه .
تمالكت فيروز نفسها أولا لتشير لها : خلاص روحى انت .
غادرت المساعدة لتتحرك أقدامه تقربه منها ، وقف يحول بينهما المكتب فقط ليتحدث بلا تردد : وحشتينى اوى
عقدت ساعديها ونظرت نحوه بغضب : انت لسه فاكر ؟
لكن رد فعله الغريب رسم على وجهها الدهشة وهو يضحك مشيرا لوجهها : ههههه شكلك وحش وانت زعلانة .
تساءلت بدهشة : انت بتضحك ؟؟
كمم فاه معتذرا : معلش .. معلش .. اضحكى بقا
ارتمت فوق المقعد : إياد الحياة مش بسيطة كده
جلس أيضا متطلعا لوجهها لتنهره : إياد انا بكلمك .. ماتبصش عليا كده
لم يحد بعينيه : شوية صغيرين يا فيروز .. وشك بيخلى الحياة جميلة ..
أرخت رأسها فوق كفيها مستسلمة لبراءة مشاعره : ممكن تقولى كنت فين ؟؟ وماردتش على رسالتى ليه ؟ وجاى تانى ليه ؟
ابتسم بود : كنت عند بسمة فى الصعيد .. ماردتش علشان عاوز اقولك بنفسى .. وجاى دلوقتى علشان اتأكدت انى غلطان .. انت صح . كل الناس بتحارب علشان أحلامها .. انا طول عمرى بحارب علشان حاجات كتير .. انت اهم من الحاجات كلها ولازم احارب علشانك .. انا اسف انى مشيت بس ماكنتش فاهم وكنت محتاج وقت .. انت لسه معايا يا فيروز ؟؟
دمعت عيني فيروز : انا معاك غصب عنك ... حد قالك انى كنت ناوية اسيبك أصلا ؟؟ .
ضحك إياد مصفقا بحماس .. كل هذه المشاعر التى تبثها فيه تثير جنونا لم يعتد عليه لكنه أحبه واحب الشعور به دائما .
استقام واقفا : وانت مروحة لازم أجى معاكى .. انا مااعرفش أسرقك .
واتجه للخارج لتوقفه بلهفة : إياد
استدار ناظرا لها لتتساءل بدلال : هتستأذن بابا علشان تسرقنى ؟ هيقول عليك مجنون
قطب جبينه : لا مش هسرقك .. هخطفك ..ليا لوحدى
عاد للخلف دون أن يحيد عنها بعينيه ليشير نحو وجهها : بلاش تعملى كده علشان بتجيبى لى افكار قليلة الأدب .
شهقت لجرأته لكنه هرول خارجا تاركها تتعامل مع جرأته الصادمة والتى تدل على براءته المفرطة .
***************
اتجهت چودى نحو الباب بحماس : ده اكيد مازن
كانت رنا بالغرفة برفقة خالها الذى يحاول التعرف على سبب بكاءها اليوم منذ الصباح ليتضح له مع مرور الوقت أنها نفسها تجهل السبب لذلك .
وقف مازن بالخارج وقد رحبت به چودى وهمست له بما يحدث أومأ بتفهم ثم رفع صوته : رنا جهزتى الشنط ؟؟
تحرك ساهر يحمل الحقيبة نحوه ليحملها عنه هامسا : ماتقلقش يا عمى انا هقدر اتعامل معاها .
نظر له ساهر بتشكك : اتمنى إنك تقدر .
حمل مازن الحقيبة لسيارته ثم عاد متحمسا ، كانت تقف بالردهة بأعين منتفخة تجاهل ملاحظتها تماما وهرول نحوها : انا هشيل فرح .
لم ينتظر موافقة منها بل انتزع الصغيرة عن ذراعيها ليقبلها بحنان : وحشتينى يا فرحى
نظرت له مستنكرة لكنه لم يهتم وتحدث بهدوء : نور هتيجى بعد المدرسة تتعرف عليكم وتفضل معانا وتروح بالليل مع بابا بعد كتب الكتاب .
اومأت بصمت ليتجه للخارج ويتبعه الجميع .
****************
وصل الطبيب وانفرد ب فارس لكنه فشل فى حثه على التحدث عن مشاعره تجاه وفاة أبيه أو التعبير عن مشاعره .
غادر الغرفة مغلقا الباب ليتجه نحو جمعهم الصغير : صدمته واضحة بس لازم نلاقى حافز يدفعه للتعبير .. سكوته ده هيضطرنا ندخله مصحة لاننا مش عارفين بيفكر ازاى او ممكن يعمل ايه .
تساءلت نسمة بلهفة : يعنى إيه ممكن يأذى نفسه ؟؟
أجاب الطبيب : وارد جدا طبعا .. دلوقتى ممكن حضرتك تعرفينى طبيعة العلاقة بينه وبين والده .
نظرت نسمة أرضا لينهض رؤوف : انا هقعد مع فارس .
اتجه نحو الغرفة بينما بدأت تخبر الطبيب عن سوء العلاقة بينها وبين زوجها السابق وانعكاس ذاك على علاقة الفتى بأبيه خاصة مع عدم إكتراث بسول نفسه لتحسين هذه العلاقة أو تحسين صورته أمام ابنه .. حدثته عن مطاردته لها ليبدأ طايع يتحدث عن رؤيته لمشاعر فارس ليلة أمس حيث تأكد من احتجاز أبيه لأمه وتحدث عن شعوره أن فارس يشكر رؤوف داخليا على ربطه جهاز التتبع بهاتف فارس نفسه ليبثه بعض الثقة فى إنقاذ أمه بل ويشعره بالمشاركة فى ذلك ..
استمع الطبيب لهما ثم تحدث : للاسف كده الحالة أصعب مما كنت اتوقع ..
صمت تام ثم تساءل : حضرتك قولتى ليه اخوات من والده .. إيه علاقته بيهم ؟؟
تنهدت بحزن : يادوب يعرف شكلهم واسمهم .. هم بنتين .
ابتسم الطبيب : هايل .. عندنا نقطة نقدر نستغلها .. فارس بطبيعة التنشئة حضرتك ربتيه إنه مسئول وهو اتعود على كده .. شعوره إن فى حد محتاج مساعدته ده اهم حافز بيحرك حياته .. واحنا ممكن نبدأ من هنا .. حاجة اخواته البنات لوجوده ورعايته خصوصا إن الاب والام اتوفوا يعنى الطريق مفتوح علشان نمهد علاقة قوية بينهم تفيدهم كلهم .
احتفظت ليليان بصمت تام حتى غادر الطبيب على وعد بالعودة فى الغد لتفقد فارس الذى لقن والدته كيف تمهد له ليتقبل المساعدة التى ستمكنه هو من تقديم المساعدة .
غادر وعاد طايع لترفع نظرها وتتحدث : ماكنتش فاكرة انى ماليش اى قيمة أو دور فى حياتكم للدرجة دى .. كل ده مخبينه عليا ليه ؟؟ للدرجة دى شايفين انى مش مسؤولة ويتخاف منى ؟؟ للدرجة دى انا برة حياتكم ؟؟
لم تمنح ايهما فرصة للتحدث واتجهت نحو غرفتها وأغلقت الباب بعنف . زفر طايع بضيق ونظر لابنته التى نكست رأسها .
*****
جلس رؤوف بجوار فارس الذى لم ينظر نحوه ، احتفظ بالصمت دقائق ثم تحدث بهدوء : عارف انا مريت بكل ده .. بس انا خسرت مراتى وابنى .. اتقتلوا قدام عينى وماقدرتش اثبت حتى انهم اتقتلوا ولما لاقيت العالم كله ضدى وحسيت انى لوحدى سكت
نظر له فارس ليتابع : عارف انا سكت كام شهر بعدها ؟؟
لم يحصل على إجابة ولم ينتظر وتابع : اتناشر شهر .. سنة كاملة مرمى فى مصحة نفسية من غير ما انطق ولا كلمة .. رفضت الدوا والأكل والحياة لحد ما فى يوم سألت نفسى وبعدين ؟؟
هفضل ضعيف لحد امته ؟؟
يوم ما اتكلمت أول كلمة من يوم الحادثة قولت يارب
عملت اللى انت بتفكر فيه دلوقتى .. سبت اهلى وشغلى وحياتى القديمة كلها بس ده ماكانش سهل ابدا .. سنين من عمري ضاعت .. عندك استعداد تضيع سنين من عمرك ؟
رفع فارس رأسه مع فتح الباب الذى دخلت منه والدته .
************
جلس إياد برفقة توفيق بحديقة منزل الأخير حيث وجده جالسا بينما منحتهما فيروز فرصة للتقارب دون تواجدها ، نظر له توفيق : اخبارك كلها بتوصلنى انا بتوقع لك مستقبل باهر .
ابتسم إياد : انا جاى علشان المستقبل .. علشان فيروز .. انا بحبها .
دهش توفيق لتلك الصراحة بينما تابع إياد : هى بردو .. وانا قابلتها مرة وجيت النهاردة اقول لحضرتك .
عاد توفيق بظهره ليتكأ للخلف وتساءل بحدة : ومين قال انى ممكن اقبل بيك
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا