مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثالث من رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى.
رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل الثالث
اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة
رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل الثالث
وصل إياد لعمله برفقة ابن عمه كالعادة اليومية التى لم تتغير يوما منذ إلتحاق خضر بالعمل بنفس الشركة .
وصولهما سويا مشهد معتاد من الجميع إلا أن اليوم كان هناك من يراقب ويترقب وصولهما بلهفة ظاهرة .
اعترضت فيروز طريقهما لينظر لها خضر محاولا طمر ألمه بعيدا عن نظراته وقسماته ليفشل : صباح الخير
تهلل وجهها رغم ما ترى من ألم بوجه خضر وبراءة بوجه إياد الذى أجاب بود : صباح الخير يا آنسة فيروز
تابع طريقه لتستوقفه : إياد استنى .
وقف مجددا أمامها لتتابع : إيه رأيك نفطر سوا ؟؟
ابتسم بوده الطبيعى : انا بفطر فى البيت مع بابا وماما ونسمة وفارس .. شكرا يا آنسة فيروز .
عادت تقف بطريقه بإضطراب : طيب نتغدى سوا ؟؟
سيطرت عليه دهشته ولم يسعفه عقله ليجيب فيتولى عنه خضر ذلك : إياد مابيحبش يأكل برة البيت .. بيحب ياكل مع أهله وعيلته .
نظرت نحو إياد بخيبة أمل بينما نظر هو ل خضر ممتنا : ايوه صح .
أشار بكفه وهو يتجاوزها مجددا : انا عندى تصميم اسبيشيال اوردر لازم يخلص . سلاااام .
واتجه نحو مكتبه ليقف خضر بطريق فيروز التى اتضحت نيتها فى إتباع إياد متحدثا بحزم : آنسة فيروز ممكن نتكلم شوية فى مكتبك ؟؟
زفرت بضيق وقد دارت الظنون برأسها حول ماهية الحوار الذى يسألها إياه وبدت لها نية سيئة من هذا الفتى الملتصق بإبن عمه وكأنه ولى أمره ، ليست حمقاء لتجهل مشاعره الواضحة نحوها لكنها لم ولن تبادله تلك المشاعر .
قلبها تمنى رجلا واحداً وستسعى لتحقق أمنية قلبها فقط .
***************
وصل يزيد للمزرعة الخاصة بأخيه الراحل ، ليس مضطرا للتواجد بها لكنه يحب التواجد بهذا المكان حال تشوشه أو شعوره بالقلق والتوتر الزائد الذى يصيبه فى العادة مع محاولات آيات للتحكم فى صراعه الذى يصر هو أن يحتفظ به .
أعوام مرت منذ تزوجا ، انجبت له ثلاثا من الذكور وقد سعد كثيرا بوجود احفاد للأسرة خاصة بعد أن أصبح الأبن الوحيد لأبيه والأمل الأخير لجده .
يعلم أنها زوجة مثالية وتستحق أن يذوب عشقا بين ثنايا قلبها الدافئ ، لكنه لن يسمح لنفسه بهذا الخطأ ، لن يقدم قلبه قربانا فى محراب العشق الذى نهايته حتمية .
لقد رأى عشق أبيه لأمه التى غادرتهم واختطفها الموت من بينهم فى توقيت مبكر للغاية .
ورأى زيدان الذى أسقطه العشق فى دوامة همت التى لم تكتف سوى بروحيهما معا .
هو لن يصل لهذا العشق .
بل لن يصل إليه هذا العشق .
****************
تبعها خضر حتى دخلت مكتبها ودارت تنظر له مبتسمة : اتفضل يا خضر أنا عارفة انت عاوز تتكلم في إيه .
دارت حول مكتبها واستقرت خلفه ليقف أمامها عاقدا ذراعيه متحدثا بحدة : كويس إنك عارفة لأن انا طاقتى محدودة .. وبعدين معاك يا آنسة فيروز ؟؟ إياد لحد دلوقتي مش فاهمك ولو فهمك هتكون إيه النتيجة ؟ لما الانبهار يروح فكرتى إياد هيبقى حالته إيه ؟
انبهار !!!
رددت بدهشة واضحة ثم تابعت متسائلة : انت اللى بتقول كده يا خضر ؟
دار على عقبيه رافضا مواجهة نظراتها المتألمة : ايوه انا اللى بقول كده .ما هو مش طبيعى واحدة عايشة مستواك الاجتماعي تحب إياد ؟؟ ولو فرضنا هيبقى مجرد حب عمره ما هيتحول لحياة لانت هتتحملى ولا والدك هيسمح لك .
انتفضت عن مقعدها لتصل أمامه فى لحظات : وانت عرفت منين إنه مش حب ؟؟ لو إياد مايتحبش مين يتحب ؟؟
اختطف نظرة نحوها ثم لاذ هاربا لتتابع : مستوايا اللى مليان نفاق وكدب وخداع .. لما اشوف شخص ببراءة وطيبة وتلقائية إياد غصب عني لازم احبه .. واذا كنت فعلا بتحب إياد ساعدنى أقرب منه . الفت نظره ليا ..
دار على غفلة ينظر لها بصدمة لتصمت ويدور بينهما الصمت مسيطرا لدقائق قبل أن تقرر إقصاء كل العقبات جانبا فتتابع دون أن ترفع عينيها عن خضر : انا مااخترتش احب إياد زى ما انت مااخترتش تحبنى
اتسعت عينيه لتتابع بنفس الهدوء : اذا فعلا ليا غلاوة عندك يا خضر وإذا فعلا فى جواك اى مشاعر حقيقية ناحيتى يبقى انت قادر تشوف حبى ل إياد .. اعذرك لو بتغالط نفسك على أمل تكون مشاعرى انبهار لكن لا يمكن اعذرك إنك تقف عقبة فى طريقى ل إياد .. ولا اسمح لك .
اغمض خضر عينيه لتبتعد عن مرمى نظراته ، منحته كل الوقت الذى يحتاج ليسيطر على انفعالاته الداخلية بصمت تام من قبلها حتى فتح عينيه مجددا وغادر دون إضافة .
وقد التمست له العذر فى ذلك أيضا .
لم يكن من الصعب رؤية مشاعره عبر نظراته المتألمة لكنها لم تختر ذلك ، قلبها فعل وقد انتوت أن تتبعه حتى النهاية وهذه المواجهة كانت أولى خطوات طريقها الطويل الذى تدرك جيدا صعوبته .
***********
لم تغادر بسمة المنزل للاعتناء ب رائد الذى لا يزال متأثرا بجرحه ويعانى ألما شديدا تحاول هى رفعه بالمسكنات .
جلست أمامه تحمل طبق الحساء لينظر لها بحدة لا تفهم سببها ، منذ فتح عينيه صباحا ونظراته تحمل غضبا لا تدرى سببه ، ارجعته بداية للألم لكن يبدو أنها مخطئة .
رفعت الملعقة نحو فمه مبتسمة : يلا حبيبي كل علشان الدوا
أمسك صينية الطعام ليسحبها عن ساقيها نحوه : انا مش صغير هاكل لحالى
أعادت الملعقة للطبق بصمت مع دخول رنوة التى تركت لها الباب مفتوحا والتى اسرعت نحوه : انا هأكل رائد حبيبى ...
قاطعها رائد بنفس الحدة ولهجة أشد : انى مش صغير وهاكل لحالى ده چرح صغير انى مش عاچز علشان البغددة دى .
توقفت خطوات رنوة بينما نهرته بسمة : ولد !! انت الخبطة أثرت على عقلك ولا إيه ؟؟ حد يكلم جدته كده !!
ابتلعت رنوة صدمتها وتحدثت بهدوء : بالراحة يا بسمة هو اكيد مش قصده .
نظرتا نحوه رغبة فى تأكيد ما قالته رنوة لينظر نحو الطبق ويبدأ فى تناول الحساء بصمت زاد من حيرة بسمة وصدمة رنوة .
اقتربت رنوة وجلست بطرف الفراش ونظرت نحو بسمة متسائلة لتهز كتفيها بحيرة وتنظر نحو ولدها الغاضب لسبب مجهول قائلة : رائد انت لسه زعلان من اللى حصل فى المدرسة ؟؟ عابد حكى لنا على كل حاجة وبابا راح معاه المدرسة النهاردة واللى حصل مش هيتكرر .
لم يجب رائد لتربت رنوة فوق كتفه بحنو : اتكلم يا حبيبي .. ماينفعش يبقى جواك حاجة تخبيها عننا .. احنا نقدر نساعدك
عاد الفتى يقاطعها بحدة : انا ماطلبتش مساعدة ولا رايدها من حدا .
رفعت بسمة سبابتها محذرة : صوتك يعلى تانى يا رائد هتتعاقب انا مقدرة لحد دلوقتي حالتك الصحية والنفسية بعد اللى حصل .
نظر لها وفتح فمه ليطبقه على كلماته وينظر نحو طبقه مجددا فهو يعلم جيدا أن تحذيرها اولى واخير .
عادت رنوة تربت فوق كتفه : خلاص يا بسمة هو طبيعى يضايق ولو إنك كراجل زى القمر ماينفعش تضايق .
لاحظت ضغطه على ملعقته لتتساءل : فى إيه يا رائد ؟ اتكلم واوعدك ماما مش هتعاقبك .
خلصت بسمة الملعقة من بين أنامله ورفعت الطعام ثم رفعت رأسه نحوها : فى إيه ؟؟ انت من امته بتتكلم صعيدى ؟؟ من امته بتتعصب على ماما رنوة ؟؟ ولا عليا ؟؟ رائد لازم تفهم إن العصبية والقسوة عمرهم ما كانوا مقياس الرجولة .
نظرت نحو رنوة بحيرة لترى بعينيها نفس الحيرة ، إن يفصح فقط عما بداخله !!
عادتا تنظران نحوه وقد اغمض عينيه مدعيا النوم ورغم علمهما بكذب إدعائه إلا أنهما جارتاه فيه وغادرتا الغرفة .
أغلقت بسمة الباب لتتساءل رنوة : إيه اللى حصل للولد يا بسمة ؟
تنهدت بسمة : رائد ناقم على نفسه .. على ملامحه .. حاسس إن شكله سبب اللى حصل .. تبقى كارثة لو الاحساس ده كبر جواه لأنه هيكره نفسه .
ارتمت رنوة فوق المقعد بأسف لما قد تسببه بضعة كلمات فى نفس بريئة من تشوه وليت المجتمع يقدر ذلك .
**************
غادرت نسمة فوق صهوة فرسها وقد أنهت تدريبها للتو لتجد رؤوف مستقبلا لها بنفس الابتسامة التي تشعرها بالراحة له والسكينة بوجوده ، منذ التحق بعمله فى النادى مما يزيد عن عامين وهو يهتم بها كثيرا وهذا واضح للأعين لم يحاول يوما أن يخفيه ، هى تتعامل معه كمدرب فقط وإن رفضت الاعتراف بالراحة بوجوده فهى تعترف داخليا بها .
أمسك لجام هزيم يمنعه من التقدم : براڤو يا نسمة .. اتمنى تسمعى نصيحتى المرة دى وتدخل البطولة .
ابتسمت بهدوء : انا خلاص مش هدخل بطولات يا كابتن بس بردو مااقدرش اعيش من غير الفروسية والخيل
ابتسم نفس ابتسامته وهو ينظر أرضا : خسارة مستواك ده خارج المنافسة
همت بالإجابة لتسمع تصفيق رتيب فترتفع اعينهما تجاه الصوت حيث يقف بسول يطالعهما بوجه خالى من التعبير ، زفرت بضيق بينما تبدلت ملامح رؤوف بشكل غامض وغابت البشاشة تماما عنه
ألقاه بسول بنظرة محتقرة زادت من غموض ملامحه قبل أن ينظر نحوها : إيه يا بيبى مستواكى قل جدا عن زمان .
فهمت إيحاءه المبطن وتحدثت إلى رؤوف : سورى يا رؤوف نكمل كلامنا بعدين .
اكفهر وجه رؤوف واحتدت ملامحه وهو ينظر نحو بسول بتحدى وغضب دون أن يعيره الأخير اهتماما ، ابتعد مغادرا بترقب شاعرا بأمر سئ للغاية تجاه نوايا هذا الشخص الذى يبدو منتظرا مغادرته التامة ليفصح عما يريده منها ، هو لا يجهله بالطبع بل يعرفه حق المعرفة وعلى علم بصلته بها أيضا لكنه لا يراه شخصا يستحق أن تذكر معرفته .
شعر بسول بإبتعاد هذا المتطفل برأيه وعاد لها وقد اتجهت نحو مربط الفرس وترجلت عنه ليقترب منها : انا لسه جاى من عند فارس .. الولد ده مدلع اوى .
نظرت له بحدة : فارس !! انت إيه وداك عند فارس ؟ انت مش هتبطل قذارتك دى ؟؟ عاوز ايه من ابنى ؟؟
حاول التحدث لتتابع مقاطعة إياه بحدة : وماتقولش ابنى واشوفه والكلمتين الخايبين دول .. ابنك نفسه مش مصدقهم ولا مصدقك .
عقد ذراعيه وبدلا من الحدة التى تنتظرها تحدث بهدوء : لما يروح هيقولك اكيد انا كنت عاوز منه إيه .. تعرفى إيه المميز فيك يا بيبى ؟؟
لم تجب ليتابع : انت الوحيدة اللى انا عاوزها وهى مش عوزانى .. واللى بتعمل معايا كده مصيرها وحش اوي بس المشكلة إنك أم ابنى الوحيد ..
تنهد بضجر : علشان كده انا بدلعك على الاخر صدقينى فارس كارت نجاتك منى بلاش تحاولى تستخدميه غلط بعدين تزعلى منى اوى .
اقترب معترضا طريقها نحو غرفة ملابسها : انا مش هقعد فى مصر كتير ولما اسافر المرة دى مش هكون لوحدى يا تيجى معايا انت وفارس يا هاخد فارس لوحده .
هزت رأسها وهى تضحك بإستخفاف : ههه وانت فاكر فارس يقبل يعيش معاك ؟؟ ههههه
حصل على نصيبه من الاستخفاف : ليه لا ؟؟ كل الافكار ممكن تتغير .
أصابت كلماته غير الصريحة مخاوفها التى عاشت تنميها منذ انفصالها عنه ، اندفعت مغادرة بحدة لتطاردها ضحكاته التى أصبحت تكره سماعها .
***************
فى طريق العودة ألتزم خضر صمت غير معتاد منه حتى نظر له إياد متسائلا : خضر انت تعباان ؟؟
رسم خضر ابتسامة باهتة وهز رأسه نافيا : لا انا كويس
اختطف نظرة نحو ابن عمه قبل أن يعود بعينيه للطريق متسائلا : إياد إيه رأيك فى فيروز ؟
ضحك إياد مكمما فمه كالعادة : مجنونة ههه
ابتسم خضر ليتابع : بسس طيبة
صمت لحظة ثم تابع بحماس : إحنا بقينا أصحاب
نظر له خضر بدهشة لتتجه عينى إياد للأمام فترتسم تلك الابتسامة المتألمة والتى تنعى له عشقا لم يمنحه سواها .
************
عاد فارس للمنزل ملتزما صمتا مكرها عليه من أفكار زرعها بسول برأسه ليرغمه على الإبحار فى خضمها الذى لم يقو له بعد .
استلقى فوق الفراش لقد اقترب موعد عودة الجميع ، سيتظاهر بالنوم فهو لا قبل له بالحديث حاليا .
دخلت نسمة لغرفته بإندفاع لتجده مغمض العينين ، جلست بطرف فراشه متحدثة بهدوء : فارس أنا عارفة انك صاحى .
رفرفت اجفانه ليصل كفها لوجنته : قالك إيه يا فارس ؟
حسنا يبدو أن أبيه لم يصمت كعادته حين يتعلق الأمر بأمه .
نظر لها ليرى وجوما اعتاده حال ذكر أبيه ، اعتدل جالسا وابعد ناظريه عن وجه أمه التى حثته بهدوء : قالك إيه يا حبيبي ؟
نظر لها الفتى : قال عاوزك ترجعى له ونسافر معاه .. هو هنا إجازة طويلة شوية علشان هيسافر بعدها بمنصب جديد فى دولة التعدد مباح فيها عادى .. افتكر دولة عربية .
رأى صراعا يدور فى الخلفية التى تختفى خلف وجومها الظاهر ، صراعا ضاريا قد يصل للأحتراق لكنه تابع : بيقول هيخلى باله مننا ومش هيزعلك تانى .. ماما هو انت بتكرهيه ؟؟
تساءل الصغير بألم واضح لتهز رأسها نفيا مدعية تكذيب أفكاره التى يرى صدقها بعينيها ليرحمها من الإجابة دخول إياد .
*******************
عاد خالد للمنزل ذلك اليوم ظهرا على غير عادته مؤخرا ، استقبله الهدوء الذى اعتاده منذ انتقل للحياة بهذا المجمع .
دخل غرفته ليجد سيلين مستلقية وعينيها تراقب صغيرتها بمحيطها الصغير .
اسرع نحو الصغيرة يحملها بحماس : رؤى حبيبة بابا وحشانى اووى .. بقى لى اسبوع مش بشوفك
قبلها مدغدغا عنقها لتضحك الصغيرة ، تعلقت عينيه بزوجته التى كانت عينيها متعلقة به فعليا دون أي رد فعل .
وضع الصغيرة بمحيطها واتجه نحو زوجته : مالك يا حبيبتي ؟
كانت نظراتها فارغة .. فارغة تماما .. وهذا كافيا لتنمية مخاوفه بشدة .
جلس قربها لتزيده وهى تبتعد للاتجاه الآخر وتغادر الفراش : هجهز لك الغدا
لحق بها ليمسك ذراعها يمنعها من المغادرة : غدا ايه بس دلوقتي ؟؟ مالك يا سيلى ؟؟
أنا كويسة
أجابت بفتور وهى تحاول الابتعاد ليرفض تحريرها بل يزيدها قربا : انا عارف إنك مضايقة علشان شغلى وابحاثى بياخدونى منك كتير .. بس غصب عني يا حبيبتي .. انت عارفة إن شغلى ..
قاطعته وهى تبتعد قليلا : عارفة يا خالد .. خلينى اجهز لك الاكل علشان تلحق ترجع المركز .
للمرة الثانية يرفض تحريرها من قربه الذى تصبو إليه وتخشى أن تتشرب دفئه فتجد نفسها فى مضرب البرودة والوحدة وحدها مجددا .
وحشتيني يا سيلى .. اوووى .
همس بدفء يذيب رفضها الظاهرى لتلقى بأفكارها خارج حدود محيطهما معا وتفتح قلبها الذى تشقق عطشا لرى قلبه الذى ينقطع فيضه عنها فيشقيها .
**************
وصل سويلم بصحبة صغيره عابد الذى اتجه فورا نحو غرفته وتؤأمه بينما اتجه سويلم إلى المطبخ ليجد بسمة قد أعدت طعاما ل رائد فوق صينية وبجانبه أعدت دواءه
ابتسمت له وقدمت له الصينية : غدى رائد وأدى له الدواء وانا طالعة ل حورية اطمن عليها .
نظر لها بدهشة فما كان من مخاوف وقلق بالأمس لم يظهر اليوم مطلقا ، إنها حتى لم تسأله عما حدث بالمدرسة مع الطفل المتنمر وذويه .
لم تعطه وقتا للتساؤل بل وضعت الصينية بين كفيه وغادرت فورا لتتابعها دهشته .
توجه لغرفة صغيريه ليجد عابد يجلس بجوار رائد الذى يعقد ذراعيه بحدة واضحة ويبدو أنهما على وشك العراك .
تقدم حتى وضع الطعام أمام رائد : مالكم ؟؟ هتتعاركوا ولا إيه !!
انتفض عابد مبتعدا : لا يا بابا انت عارف عمرنا مانتخانق حتى لو حد فينا غلطان .
قدم الطعام : كل يا رائد وخد الدواء .. انا جاعد چارك أهه .
اختطف الصغير نظرة خجلة : امى وينها ؟؟ ماهاكلش غير لما تاچى .
زادت دهشة سويلم ، هناك أمر ما يحدث لم يحط به علما بعد ويبدو أن زوجته لا تريده أن يفعل ، نظر نحو رائد بتعجب ؛ ترى ما الذى قام به هذا الصغير ليستحق هذا العقاب القاسى !!!
عاد يدفع الصينية نحوه : ليه بعدك صغير وامك هتوكلك ؟
ظهر التحدى على وجه رائد وهو يسحب الطعام نحوه بحدة ليتابع سويلم : من ميتة بتتحدت صعيدى ؟
أجابه الفتى بحدة : لغوة إجدادى واتحدت بيها كيه ما بدى .
ابتسم سويلم لسذاجة الصغير ثم قال : انت حتة صغيرة من چدك رفيع .. كأنى واعى له جدامى لكن چدك عجله يوزن بلد بزيها مش زييك .
ترك الفتى طعامه وطالع أبيه بحدة : كيف يعنى ؟؟
اعتدل سويلم بجلسته مع اقتراب عابد الذى يراقب بصمت ليتابع : الراچل يا ولدى لا بلغوته ولا بجوته .
أشار نحو رأسه : الراچل بده . عجله يا ينچيه يا يهلكه .
حصل على كامل انتباههما ليتابع : النفر منينا يا رائد لو هيستحى من خلجة ربنا الكاملة يبجى عجله على كده .. لو هيهمل اللى چم عليه وياچى على اجرب الناس ليه يبجى عجله على كده .. انت مثلا ...
تعلقت به الأعين بلهفة ليتابع : اتعاركت مع واحد ماعجبهوش شكلك مع إنك لو فكرت هبابة كنت فهمت إنه غيران منيك .. ولو فكرت ماكنتش اتعاركت وياه .. كان هيصعب عليك حاله وتهمله بغيظه وكنت وفرت على روحك وعلينا الوچع .
صمت لحظة واحدة دقق النظر لوجه صغيره : وماكنتش زعلت امك منيك .
بدأت الحدة تتسرب لصوت سويلم : اطمن عليها كيه وانت ولدها بتزعلها !! اطمن عليها كيه وانت عجلك إكده وتفكيرك إكده .. اطمن انى على امك دلوك وياك كيه ؟؟
تلعثم الفتى : ماكنش قصدى ازعلها .. انا بس مش عاوزها تعاملنى على انى صغير .
لم تتغير حدة سويلم : انت هتفضل طول عمرك فى نظرها صغير .. هتكبر وتتچوز وتخلف وفى عينها صغير .. وده مش عيب ابدا .. انت ماواعيش ستك رنوة بتعاملنا كيف ؟؟ هى خابرة إننا رچالة وكل واحد منينا ليه مرته وبيته وولاده وتلاجيها ناطرانا الصبحية بكباية اللبن كأننا رايحين المدرسة وناطرانا كل ليلة تطمن إننا عاودنا أو تتصل تعرف احنا فين .. هى مش مستجلية بينا ولا حاچة بس جلبها مايطمنش غير لما توعى لنا وانى هفضل طول عمرى انزل اخد من يدها كباية اللبن الصبحية واجولها تسلم يدك مش عيب ابدا إن امك تخاف عليك حتى لو انت اكبر راس فى الچيهة كلاتها .. انى كان آخر حاچة مستنية من واحد منكم إنه يزعل أمه .. انتو ماخابرينش امكم اتحملت كد إيه لأچلكم ولأچلى انى كمان .
انتفض مبتعدا بغضب : انت هتجعد فى البيت سبوع زى ما الحكيم جال . تلت ايام ماتتحدتش لأمك بكلمة واحدة .. لما تعرف مجام امك هبجى اخليها تتحدت وياك .
وغادر صافقا الباب بحدة انتفض لها الصغيرين لينظر عابد نحو أخيه بلوم : ولو عرف إن ماما ونوة كمان زعلانة منك هيعمل ايه ؟
طفرت دموع رائد لينتفض عابد نحوه : لا كده تتعب اكتر
تحدث رائد ببكاء متقطع : كلكم زعلانين منى .. ماكانش قصدى والله .
ربت عابد فوق كف أخيه : معلش انا هتصرف بس تاكل وتاخد الدوا
نظر له بأعين غائمة : هتعمل ايه ؟؟
ابتسم عابد مشيرا لرأسه : مش بابا قالك ده !! النهاردة قبل ما تنام هتكون ماما مش زعلانة منك .
ابتسم رائد فورا وبدأ يلتهم طعامه وقد اولى أخيه كل ثقته فهو سيحسن التصرف كما أعتاد منه .
************
جلس إياد بغرفته بعد تناول الغداء منفردا بأفكاره التى أصبحت تتحول إلى تلك المجنونة ، أصبح يراها بنظرة مختلفة نوعاً ما ، ليست مجنونة تماما .
ربما متهورة قليلا أو شديدة الحماس تجاه علاقتها به .
قطب جبينه مرددا بقلبه الذى اختلجت نبضاته ؛ علاقتها بها ؟؟
وما علاقتها به ؟؟
زفر بحيرة محاولا تنظيم أنفاسه التى تبعت دقات قلبه المتغيرة ، اغمض عينيه فى محاولة للاسترخاء لتهرول صورتها خلف اجفانه المغلقة كما كانت تهرول اليوم صباحا بقطع من الكعك خلفه .
اتسعت ابتسامته وهو يتذكر دخولها مكتبه صباحا ...
دخلت فيروز تحمل طبقا مغلفا متجهة نحوه مباشرة : انا عارفة إنك بتفطر فى البيت بس الساعة اتناشر .
رفع رأسه عن حاسوبه ليبتسم فتتابع : جبت لك كيك مش هكدب واقول انى عملاه .. انا فاشلة فى المطبخ صراحة
ضحك إياد : انت صريحة اوى
جلست لتضع الطبق أمامه : نفسى ابقى زيك .. فى صراحتك وطيبتك وحنيتك .. نفسى ابقى حتة منك .
اضطربت ابتسامته مع أول اختلاج لدقات عنيفة ايسر صدره ، اضطرب هو تبعا لذلك وعجز عن التعبير أو الرد لتنوب عنه : انا طلبت شاى بلبن نشربه سوا مع الكيك التحفة ده .. داده بتعمله يجنن .
أومأ بصمت معلنا قبوله تلك الدعوة ليأتى العامل حاملا الشاى فيمنحه بضعة دقائق يستعيد فيها توازنه .
ابتسم وهو يتذكر رفضه للقطعة الأخيرة من كعكتها لتبدأ ترجوه أن يتناولها وتطور الأمر فى لحظات وهو يحاول مغادرة المكتب فتطارده حاملة قطعة الكعك حتى تناولها مرغما .
فتح عينيه يتذكر حديثها الطويل الذى لم تكف عنه طيلة وجودها بمكتبه حتى غادرته والغريب رغم عشقه للهدوء لم ينزعج من فوضاها الصوتية .
عاد إياد يغمض عينه مرحبا بصورتها خلف اجفانه المغلقة براحة لم يعرفها مسبقا .
**************
هبطت بسمة ودخلت للشقة بعد ساعة كاملة لتجد سويلم ينتظر عودتها فتتساءل بقلق : سويلم مانزلتش ليه ؟
رفع عينيه دون أن يتحرك : مستنيك يا جلب سويلم .
زال القلق وجلست بجواره تنظر نحوه بحب : ومستنينى ليه ؟
اقترب كفه ينزع عنها حجابها هامسا : اتوحشتك وزعلان منيكى .
ساعدته فى نزع حجابها متسائلة بقلق : زعلان مني ليه يا سويلم ؟ انا عملت حاجة زعلتك ؟
غاصت أنامله فى خصلاتها ليقترب بمجلسه منها : لما تتوچعى من ولدى وماتخبرنيش لازم ازعل .. لما اى وچع ماابعدوش انى مين يبعده .. يرضيك ربنا يحاسبنى إنك اتوچعتى وانى غفلان ؟؟
تنهدت براحة وهى تستنشق أنفاسه الدافئة : انا مش موجوعة من رائد يا سويلم .. انا موجوعة عليه .. حاسة إنه متلخبط وبيخبط مش شايف كويس .. بس مش معنى كده إنه يحاول يعوض وجعه بوجع اى حد .. لو بقى كده هيوجع كل اللى يحبوه .
لم يطق بعدا معترضا على اى حوار حاليا يخلو من أشواقه لها ، نثر أشواقه بخصب قربها فهى سترعاها جيدا كما سيرعاها هو ما ترددت بصدره أنفاسه .شهقت بنفس الفزع الذى لم يفارقها يوما وهو يحملها ليضحك هامسا : بالراحة الفزعة دى هتهملك ميته بس هههه
فتح باب غرفة الصغيرين بعد فترة ليتسلل عابد خارجا ، راقب الانحاء ليتأكد من خلوها من والديه ، اتجه نحو الباب مباشرة ليغادر بترقب وسرعة قبل أن يضبطه أحدهما متلبسا بالتسلل خارجا فيضاعف العقاب ويطاله .
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا