مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع من رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى.
رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل الرابع
اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة
رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى - الفصل الرابع
جلس عابد امام رنوة منذ ربع ساعة دون أن يتحدث ، اقتربت وجلست لتضمه بحنان فى محاولة لفك حصار كلماته : فى إيه يا حبيبي ؟؟ جرى لك إيه انت واخوك بس النهاردة ؟؟
تلفت عابد بحذر ثم قال : لما جدو ينزل يا تيتة .
علا صوت رفيع بشئ من الحدة : ولما انزل ليه يا واد ابوك انت ؟؟ ماتتحدت وانى موچود ولا بناتكم اسرار إياك !!
اختطف الصغير نظرة نحو جده : مش قصدى يا جدى بس ..
قاطعه رفيع : تعرف يا واد انت
صمت الفتى بخوف لتنهره رنوة بحدة : رفيع وبعدين
زفر رفيع وهو ينظر لها مدعيا الغضب : كيه ما كنت ويا بوه وهو صغير .. اهو چابلك نسخة منية ... انى طالع ومهملكم
غادر رفيع بحدة لتنظر فى أثره بأسف ثم تولى الصغير كافة اهتمامها والذى بدأ يقص عليها كل ما حدث طالبا تدخلها ليصفح أبيه عن أخيه مؤكدا أن توأمه لم يقصد مطلقا ما وصل إلى الجميع لقد أثر تنمر هؤلاء على خلقته بشكل سلبى خاصة أنها ليست المرة الأولى التى يتعرض فيها للتنمر لمجرد اختلافه والذى يراه أخيه اختلافا يميزه إلا أن رائد بدأ دون إرادة فى التشبث بكل ما يربطه بجذور تشابه جذور متنمريه فلجأ للغلظة والحدة بل وللهجة الصعيدية كذلك .
استمعت رنوة إلى الصغير الذي ترى فيه جزءا كبيرا من عقلية والده في ذات المرحلة وقد قررت فورا التدخل فى إنهاء هذا الخلاف البسيط والذى قد تكن اثاره اكبر مما يعتقد ابنها .
*************
عاد يزيد للمنزل ليجد أطفاله الثلاثة برفقة والده بينما لم ير زوجته .
نظر له حسين يعلم كم ابنه عنيد وعناده يدفعه للتظاهر باللامبالاة لعدم وجود زوجته .
دارت عينى يزيد بالأرجاء بسؤال مستتر وراءه عدم رؤيتها لكنه استمر فى كبره المعتاد .
ارتفع صوته مناديا : ام علي
أقبلت المرأة مسرعة : نعمين يا سعادة البيه !!
نظر لها : الوكل چاهز ؟؟
تلعثمت المرأة : چاهز .. حالا أهه
لم يفهم سبب تلعثمها بينما لم يكن طلبه للطعام سوى اخر ما توقع من بالمنزل جميعا سماعه اليوم .
دفع حسين حفيده الأكبر : زيدان خد خواتك والعبوا فى الچنينة ودير بالك عليهم .
حاضر يا چد
تحرك الفتى ممسكا كفى اخويه الأصغر متجاوزين ثلاثتهم والدهم بصمت غريب لم ينتبه له .
نظر حسين لولده : كبرت يا يزيد !!
نظر له بدهشة ليتابع : وما كبرت واصل
زادت دهشة يزيد ليتساءل حسين : مرتك فين يا يزيد ؟؟
هز يزيد كتفيه : هتروح فين تلاجيها فوج ولا فى المطبخ ولا حدا چدى .
ابتسم حسين بحسرة لحال ابنه : مرتك مش فى الدار .. مرتك رچعت دار أهلها
قبض كفيه على مقابض المقعد ليتابع حسين : البنية جالت لى الصبح إنها رايحة دار بوها وأنك خابر .. وانا فهمت إنها غضبانة منيك وهملتها تخرچ بخاطرى .
انتفض يزيد غاضبا : عليا ...
يزييييد
ابتلع قسمه مع نداء جده الغاضب : يمين ربنا مش لعبة اوعاك تنطجها .
نفض يزيد عباءته : ماواعيش يا چد لعمايلها ؟؟
اقترب الجد تدفعه ام على فوق مقعده المتحرك : واعى لها طبعا وواعى لك انت كمان وخروچها من الدار النهاردة على عينى بس كان لازمن تخرچ .. يمكن تفوج لروحك وترچع لعجلك ..
استقر المقعد أمام يزيد لتجلده نظرات جده الصارمة : لو دياب بيعامل خيتك كيه ما انت بتعامل مرتك كنت هتسكت له ؟؟
يا چد
حاول الاعتراض لينهره جده : اخرس .. الحج عليا وعلى بوك أننا سكتنا لك السنين دى كلاتها .. بس افهم زين إن مرتك جلبها نفر منيك ولو كرهتك عمرها ما هتعاشرك .. حتى لو أهلها غصبوا عليها تعاود دارك زى ما انت متأكد إنه هيحصل .
انتفض قلب يزيد لأسباب عديدة
لمغادرتها منزله .
لبرودة سرت بصدره حين أدرك أن المنزل يخلو منها .
لخوفه من فقدها .
ورهابه من الاستسلام لقلبها .
انتفاضات مؤلمة تعيث بصدره صخبا فيصل لرأسه جنونا وهو بين هذا وذا يترنح بأعين غائمة لا ترى طريق النجاة .
***************
جلست آيات بحجرتها القديمة نفس الجدران التى شهدت سعادتها حين علمت بخطبته لها .
نفس الجدران التى شهدت أحلامها بسعادة ستحياها بقربه
ونفس الجدران التى تشهد اليوم على كل لحظاتها المؤلمة التى عاشتها معه .
منذ عادت للمنزل صباحا تاركة اعوامها وابناءها وحياتها كاملة فى بيته وهى تعيش مجددا كل ما عاشته حتى عادت لنفس المكان .
لكن حياتها معه لم تكن فعليا ما حلمت به .
لم تكن ما أرادت لنفسها .
لم تكن كما تمنت مطلقا
ولم تجد محاولاتها لتغييره .
هناك حاجزا صلدا أمام قربها منه .
تسللت دموعها وهى تتذكر انتفاضه عنها وكأنه يكتوى بهذا القرب .
لم تكن له سوى تفريغ لطاقته المكبوتة ورغباته الجامحة دون أى مراعاة لها أو لاحتياجاتها .
كم أصبحت تكره قربه الذى يليه النفور !!
كم أصبحت تبغض تلبية احتياجات ذكورته التى تأتى على حساب أنوثتها !!
وكم تتمنى أن تكرهه !!
لعل هذا الصراع ينتهى للأبد إن فعلت .
صراع قلبها الذى يأبى بعده وفى المقابل عقلها وكرامتها وأنوثتها وحتى بدنها كل ما فيها يطالب ببعده عدا تلك المضغة ايسر صدرها الأشقى بعشقه .
طرقات مندفعة تبعها دخول أبيها الغاضب : إيه اللى امك بتجوله ده يا ام الرچالة ؟؟
لهجته التهكمية الساخرة لم تكن اهتمامها فى هذه اللحظة بل هناك ألما يفوق كثيرا ألم السخرية .
وقفت بتأدب وتحدثت بنبرة باكية : خلص يا بوى ماريداش العيشة دى ..
قاطعها بحدة : ما إيييه !!! ماريداش ؟؟ يعنى إيه ماريداش ؟؟ راچلك ابو ولادك احسن رچالة النچع !! يعنى ايه ماريداهوش ؟؟
تعلم أن بكائها لن يؤثر بأبيها لكنها تابعت : يا بوى انى تعبت .. كل مرة اجول بكرة يتغير .. بكرة يحس .. بكرة يفهم . وبكرة ماهيچيش واصل ..
ضرب أبيها عصاه بالأرضية : إيه هو اللى يتغير ؟؟ حدانا الحرمة لما تهمل دار چوزها كيه ما عملتى لازمن تبجى عملته واعرة لكن حديت الحريم الفارغ اللى بتجوليه ده مايسواش حاچة ولا أجدر اتحدت فيه سوا مع يزيد ولا مع غيره
يا بوى افهمنى .
حاولت أن توضح ليصرخ بغضب ضاربا عصاه مجددا : كلمة واحدة تاخدى واچبك وخوك هيروحك واللى حوصل ده مايتكررش تانى .
غادر الغرفة مندفعا كما دخلها لتقف زوجته مكانه ، رق قلبها لحال ابنتها فهى تشعر بما تتحدث عنه وتعى جيدا شعور المرأة حين ترى نفسها فى عينى زوجها الذى تعشقه ليست سوى جسدا لتفريغ رغباته المتجردة من المشاعر .
زوجها نفسه الذى غادر للتو غاضبا يعى أيضا ما تحاول ابنته شرحه ويعجز عن سماعه منها ويكره أن تراه يفهمه .
اقتربت تضم ابنتها التى اجهشت بالبكاء : يرضيك يا اما اللى بوى جاله ده ؟؟
مسدت رأسها بحنان : يا بتى بوكى خايف عليك .. انت خابرة العوايد إهنه .. ادعى له يا حبيبتي .. ادعى له ربنا يهديه
زاد بكاء آيات ورفضت البقاء ولو لساعة واحدة فى منزل أبيها الذى تراه يتخلى عنها بكل سهولة .
أنهت نحيبها وأصرت أن تغادر ليصحبها أخيها كما أمره والده مسبقا والدها الذى اتخذ من غرفته ملاذا حتى تغادر وهو يعلم أنها ستفعل سريعا بعد ما أخبرها به .
وصلت آيات لمدخل المنزل مع إندفاع يزيد لمغادرته .
توقفت خطواته مع صراخ الصغار وندائهم لها والذى لبته بإنحنائة ليسع صدرها ثلاثتهم معا .
اعتدلت واقفة بعد قليل لتتلاقى الأعين ، لحظات تعلقت عينيه بعينيها .
يرى أنها باكية .
يرى انكسارها .
يرى ألمها .
ويرى أيضا رفضا شديدا .
قدم كفه لأخيها سعد الذى عقد ساعديه ونظر له بتحدى بادله يزيد إياه .
نظرت نحو أخيها بدهشة ليتحدث بقوة : بوى بيجولك بتنا بنرچعها مرة واحدة .. مرة تانية يبجى انت الچانى على روحك .
عقد يزيد ذراعيه بالمثل : انت چاى تهددنى فى دارى ؟؟ عاوز خيتك خدها فى يدك
شهقت بألم فاق صدمتها بمراحل ليأتى صوت الجد زيدان منفذا للموقف كعادته : يزيد مااسمعش حسك واصل .
أمسك سعد ذراع آيات : هاتى الولد وتعى وياى
قبض كفيها على أطفالها ليتحدث زيدان : عيب يا سعد .. تچيب اختك ونشيلها چميلة لكن تاخدها وياك وانى واجف من غير اذنى ؟
نظر سعد له بحرج : مجامك على راسى يا چد . لكن انت سامع چوزها بيطردها من داره ولا عمل جيمة لوجفتى .
تحصد دارى انى !!
علا صوت زيدان بحدة واضحة ثم التقط نفسا وتابع : مايجدرش يا ولدى .. آيات مجامها من مجام دينا وهى لو اتحدت وياى جبل ما تهمل الدار كنت انى اتصرفت وياه .. ادخل يا سعد .. دخل خيتك دارها وادخل شرفنا .
نظرت نحو أخيها ترجوه أن يفى بما قال ويصحبها من هنا بعد أن نحر زوجها كرامتها أمام الجميع لكن سعد يعجز عن ذلك . ليس بوجود زيدان مؤكدا .
ربت أخيها فوق كتفها ثم ضمها هامسا : ماتخافيش يا خية انى مااهملكيش واصل بس مااجدرش اعاود بيك دلوك .
اومأت بصمت فأى كلمة ستفصح عن بكاء يمزق صدرها لذا ربتت فوق كتفه بإمتنان فهو وإن أعادها لمنزله لكنه حفظ ماء وجهها بهذا التهديد الصريح .
ابتعد عن شقيقته لينظر نحو زيدان : كتر خيرك يا چد انى ورايا اشغال وآيات أمانة عنديك انت مش عند چوزها .
ألقى يزيد بنظرة تحمل من الاحتقار أكثر مما تحمل من الوعيد وغادر فورا .
ربتت فوق رأس صغيرها زيدان : دير بالك على خواتك يا زيدان .
وغادرت فورا متجاوزة الجميع نحو الداخل .
لحق بها بغضب وقبل أن يتجاوز جده أمسك ذراعه ليوقف تقدمه ، نظر نحو جده ليقول الأخير : انت فاكر هأمنك على مرتك ؟
ابتسم ساخرا : إذا كنت فرطت فى أمانة ربنا ورسوله هتوفى امانتى انى ؟؟
اتسعت عينيه ليتابع جده : انت زرعت الشوك ورويته بالجسوة ومن الليلة هتجنيه اوعاك تحاسبها .. هى ارض وانت اللى رميت الزرعة ولازم تچنى اللى رميته .
ثم ترك ذراعه ليقف موضعه بحيرة ، اقترب حسين ليسحب مقعد والده نحو الداخل وعينيه تحملان لوما لأبنه لازال يرى أنه فى غير محله .
ظل يزيد بمكانه دقائق ثم غادر المنزل حاملا كل تخبطه وحيرته منقادا خلف مخاوفه التى تكاد تدمره ولا يملك إلا اتباعها صاغرا .
****************
لم يرد أن يغادر عالمه الذى لا يضم سواها ، هو مكتف تماما بالغرق فى خضم من النشوة لم يخلق إلا بين ثناياها هى .
تفيض عليه بأمواج من الدلال تزلزل كيانه فيبادلها بأمواج من الدفء تذيب البرودة التى قد تهدد قلبها يوما .
طرقات تغاضى عنها لتدفعه برفق : سويلم الباب .
غمغم معترضا لتدفعه مجددا . تأفف مبتعدا ليرفض قلبه تلك النسمة الباردة التي تتسلل لصدره كلما ابتعد عنها .
إلتقط ملابسه ليغادر ولازال يغمغم بإعتراض مبهم يضحكها .
غادر الغرفة متجها نحو الباب ، فتحه بحدة زالت فور رؤية أمه أمامه وتبدلت بدهشة : أما .. اتفضلى .
نظر نحو عابد المتشبث بكف جدته والتى دخلت بهدوء : صحيتك يا سويلم ؟؟
نفى فورا : لا ماكنتش نعست .
اتجهت من فورها نحو غرفة الصغيرين وما إن وصلت الباب حتى نظرت للصغير : عابد نادى لى ماما .
كاد أن يعترض لتقول : وانت يا سويلم تعالى معايا .
هرول الصغير ليوقفه أبيه : عابد .
نظرا نحوه ليقول لامه : انى هنادم ل بسمة وناچى سوا .
واتبع حديثه بخطوات مضطربة السرعة ضحكت منها رنوة وأشارت للصغير الذى عاد لها فورا ليدخلا الغرفة معا .
****
اقتحم الغرفة مجددا وكانت لاتزال بالفراش ليتحدث بإضطراب : أمى عاوزانا .. هو انت شيعتى لها عابد ؟؟
اعتدلت جالسة ثم ابتسمت : عابد جايب جدته علشان تصالحنا على رائد .. الولد ده حنية الدنيا فى قلبه .
قطب جبينه شاعرا ببعض من غباء ثم هزها ومسد جبينه مرددا : ماكانش جادر يستنى شوية
بدأت لف حجابها : يلا يا سويلم مش هنسيب ماما رنوة لوحدها .
وقف بطريقها : صعبانة عليك ماما رنوة ومش صعبان عليك ولدها ؟
اتكأت فوق صدره : هو انا ليا بركة إلا ولدها ولا بحب إلا ولدها ولا رايدة إلا ولدها .. ده انا سبت الدنيا كلها علشان عيون ولدها
اشتد ذراعه حولها : اهملك كيف بعد الحديت ده ؟
دفعته قليلا لتمسك كفه ويسير معها فتقول : تعالى بس نشوف ماما الاول .
عاد يغمغم رافضا رغم سيره معها لتكتم ضحكتها .
*****
دخلت رنوة للغرفة وكان رائد متسطحا ليتهرب بعينيه ، ابتسمت وجلست بطرف الفراش : أنا زعلانة منك .
نظر لها فورا لتتسع ابتسامتها : انا قولت لك ألف مرة إنك شبه جدك رفيع .. هو جدك رفيع ده مش صعيدى أبا عن جد ؟؟ تخلى شوية عيال مايسوش يهزو ثقتك في نفسك كده ؟؟
عاد يتهرب بنظراته لتتابع : إيه رأيك بقا إن أول يوم هتروح فيه المدرسة جدك اللى هيوديك وابقى قابلنى لو حد اتكلم معاك نص كلمة بعدها .
ابتسم الصغير بخجل : انا اسف يا ماما رنوة .
دخل والديه لينظر لها مستنجدا فتنظر لهما : تعالى يا بسمة رائد عاوز يعتذر لك .
جلست بسمة بالطرف الاخر للفراش : انا مش عاوزاك تعتذر يا رائد انا عاوزاك تتعلم .. الراجل الحقيقى بيشيل الوجع عن حبايبه مش بيوجعهم لما يتوجع .
أنا آسف يا ماما
نظرت بسمة للجميع ثم عادت بعينيها ل رنوة : عجبتنى النسخة الصعيدى صح يا ماما ؟؟
ضحكت رنوة : انا معايا الأصل نسخته لازم تعجبنى .
لازال سويلم يقف بالخلفية يتابع ما يحدث ليقترب منه عابد : بابا انا اسف انى خرجت من الشقة من غير إذن بس انا كنت عاوزك انت وماما تصالحوا رائد .. هو كان زعلان اوى وماكانش يقصد .
ربت سويلم فوق رأسه : كلنا بنغلط يا عابد .. بس المهم مين يتعلم من غلطه ومين يركبه غلطه ويمشيه .
نظرت رنوة نحو ابنها بتأفف ليومئ لها صاغرا : على راسى يا امى خلص الموضوع ولا كأنه كان ولما رائد يشد حيله هيروح هو وأخوه التدريب اللى بسمة جالت عليه . بالإذن .
وغادر الغرفة فتذوب ابتسامة الصغيرين ، نظرت لهما رنوة وقالت : ما انتو لازم تفهموا إن ابوكم رغم إنه اطيب قلب فى الدنيا بس اى حاجة توجع مامتكم مش هيسامح فيها بسهولة .
ابتسمت بسمة بخجل لتربت رنوة فوق كفها بحنان ، رافقت الصغار لبعض الوقت قبل أن تنصرف فهى تعلم أن رفيع سيأتى الليلة راغبا فى مراضاة منها طلبتها عينيه وهى لن ترفض طلبا له .
**************
استلقت نسمة بفراشها وقد سيطرت عليها أفكارها التى لم تعد قادرة على تنظيمها .
لقد تهربت من سؤال فارس : ماما انت بتكرهيه ؟
سؤال طالما تجاهلت رؤيته بعينى صغيرها حتى نطقه لسانه ، كيف تخبره أنها تجاوزت الكره ؟؟
كيف تخبره أنها تتمنى ألا تراه مطلقا ؟؟
زفرت بضيق فقد أحكم بسول عليها قيوده وأصبحت عاجزة تماما
عاجزة عن طلب المساعدة
عاجزة عن التصدى له
عاجزة عن انتشال صغيرها من جحيمه
وعاجزة عن الهرب بنفسها منه
***************
أغلقت سيلين باب المنزل الذى لم يعد له خالد كما توقعت ، دارت عينيها بالمكان الذى تسربت منه انفاس حبيبها الذى أصبح مصدر ألمها الوحيد .
اتجهت نحو صورة زفافهما المعلقة بقلب الجدار .
تراقص الحنين بين اهدابها لتلك المشاعر التى كانت تغوص فيها حد الانتشاء من شغفه بها .
أتى بكاء صغيرتها لينتشلها من الذكريات فتتجه نحو الغرفة وقلبها يصرخ بها أن تصارحه علها تحصل على كل ما أصبحت تفتقده .
*************
تعمد يزيد التأخر عن المنزل تلك ليلة ولم يكن يهرب سوى من نفسه قبل أن يهرب من مواجهتها .
سحب قدميه متسائلا داخليا عما كان سيفعل إن اخذ أخيها حديثه محمل الجد وأصر على العودة بها ؟؟
ماذا كان سيفعل لو لم يتدخل جده وينقذه من كبر روحه الذى كاد يهلكه ؟؟
وكيف سينظر بعينيها بعد ما قاله ؟؟
كيف سيواجه نظراتها المتألمة !!
عينيها اللائمة ؟؟
وقلبها المنشطر ؟؟
زفر نافثا كل أفكاره خارج صدره الذى أن بها ألما دون أن يصل لحل واحد يصلح من موقفه ولو قليلا .
دخل المنزل الذى رغم ضخامته وفخامته يضيق صدره لدخوله وتتأفف عينيه من ارجاءه .
الصمت ...
الوحيد الذى يستقبله .
وهل ينتظر مستقبلا اخر ؟!!
صعد الدرج بخطوات متثاقلة يود ألا تتحرك مطلقا ، اتجه نحو غرفته وتعمد التسلل للداخل ، فهو لا يريد مواجهة معها .
كانت بالفراش يعلم أنها تتظاهر بالنوم ويتظاهر بتصديق ذلك .
بدل ملابسه واندس بالفراش يرجو أن يطويه دثاره فى نبع الدفء الذى ينبع من قلبها .
لكن أنى له !!!
ثارت أنفاسه تطالب بضم أنفاسها ، تردد كثيرا فما اقدم عليه لا يغتفر .
نظر لملامحها المستكينة التى عجزت عن إخفاء اثر بكائها الطويل ، تألم كما يتألم دائما لرؤية الألم الذى يلحقه بها .
لكنه كالعادة لم يحاول أن ينزع عنها الألم .
زادت أنفاسه حرارة مع ازدياد حرارة بدنه كاملا وهو يتطلع لها .
كم هى فاتنة !!؟
يكفى أن فتنتها تطغى على كيانه كاملا ومهما أنكر ذلك فهى مستقرة داخله .
لم يقاوم رغباته كثيرا بل اقترب ملبيا احتراقه المؤلم والذى لا يزيده قربها إلا استعارا وتأججا .
بذل جهدا مضاعفا بلا اى رد فعل منها ، كأنها تحولت لتمثال صخرى لا يتأثر بإحتراقه .
انتفض مبتعدا موليها ظهره لتزداد حمم براكينه تدفقا مزيبة كل دواخله بإحتراق مهلك .
انتظر منها أن تضمه كما إعتاد رغما عنه ،
لكنها لم تفعل
انتظر أن تمسد ظهره بدفء كفيها ،
لكنها لم تفعل .
انتظر أن تدفن رأسها قرب بدنه ليتشرب من أنفاسها ،
لكنها لم تفعل .
لم تفعل اى مما كان يظهر كراهته ويتمنى أن تقوم به .
ولأول مرة منذ سنوات بعيدة تتسلل دمعات تكوى قلبه ألما مع صرخات تتردد داخله .
لقد خسرها .
لقد كرهته .
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف ج5 بقلم قسمة الشبينى
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا