مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة ريناد الشهيرة ب رينوو والتى سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الأول من رواية جمارة بقلم ريناد يوسف.
رواية جمارة بقلم ريناد يوسف - الفصل الأول
إقرأ أيضا: قصص قبل النوم
رواية جمارة بقلم ريناد يوسف - الفصل الأول
تقدمت نحو نافذة غرفتها وقامت بفتح الستائر ببطئ لتحتضن اشعة الشمس وجهها فتنعكس من خلال عينيها ليكتسب لون عينيها الازرق بريقا من نوع خاص
اغمضت عينيها ثم قامت بفتحهم ببطئ شديد لكى يعتادو على هذا الضوء الذي تعرضتا له فجأه .
اخذت نفس عميق زفرته على فترات وهى تنظر لحديقة القصر وتجوبها بعينيها ذهاباً واياباً وتستنشق عبق ماتحمله نسمات الصباح من رائحه الورود المصطفه فيها بطريقه مميزه لتُكون لوحه فنيه تضم جميع الاشكال والالوان التى رُسمت بيد محب عاشق للطبيعه، فيعتقد كل من تقع عينه عليها انها قطعة من الجنه هبطت على الارض ،
ولكن الحقيقه ان هذه الحديقه كانت ولا تزال فى عينيها ليست اكثر من ساحة قتال قد خاضت على ارضها الكثير من المعارك والصعاب والى وقتها هذا لا تصدق انها استطاعت اجتيازهم او على الاقل الخروج منهم على قيد الحياه...
اغمضت عينيها لتبدا ذاكرتها بعرض كل ماحدث فى تلك الحديقه فى كل يوم على مدار السنين منذ ان كتب عليها ان تأتى لهذا القصر فى الزى الابيض ولم تكن تعلم ان اللون الابيض الذي كانت ترتديه ماهو الا بداية لسواد قد احاطها لاحقا من جميع الجهات وظلم انهال عليها من كل حدب وصوب ...
انقبض قلبها ماان شعرت ان عقلها سيأخذها قريباً فى جولة ويذكرها بكل مامرت به من احداث ...
وها هى اول ذكرى لاحت لها فى افق الذكريات، وهى تقف اعلى هذا المنزل لأول مره تطل على ذات هذه الحديقه والتى كانت تعد اكبر حديقه لاكبر وارقى بيت فالبلده مقارنة بسائر البيوت والتى لم تكن تحلم يوما ان تدخل اليه زائره فما بالها ان تدخل اليه عروس !
احساس بالسعاده كان يغمر قلبها وقتها وهى ترى زوجها لأول مره حين قام عمها واولاده بايصالها الي منزله فى عربة مكشوفه مزينه تعرف باسم كارته تجرها مهرة سبحان من خلقها فسواها فقد كانت رقطاء جميله تسر الناظرين ..كانت تنظر اليها متعجبة كأنها تألفها ورأتها قبل ذلك ولكن لا تعلم اين ...
ولا تبالغ ان قالت انها لليوم تتذكر ذلك السرج الذي كان يزين ظهرها من شدة جمال الوانه وبريقه الاخاذ .
دخلت للقصر تحت اصوات الهلاهل وعزف المزمار لتأخذها النساء صاعدين بها لسطح القصر حيث كان بأستطاعتهم من هذا الموقع ان يرو الرجال فى حديقة القصر وهم يقومون بالاحتفال بالعرس على طريقتهم فمن المتعارف عليه فى قرى الصعيد ان لامكان للنساء فى مجالس الرجال ولكن يسمح لهم بالمراقبه من بعيد وفى الخفاء ....
اخذت تنظر مع الناظرين لحديقة القصر لترى اول مظاهر الاحتفال وهو عباره عن مبارزه بين زوجها وبين رجل آخر والذي عرفت مؤخرا انه ابن عمه حكيم
فى الظاهر من يراهم للوهلة الاولى يعتقد انها مجرد لعبه ...
ولكنها اكتشفت بعد ذلك انه لم يكن الا قتالا حقيقياً مستتر تحت ستار لعبة التحطيب ،حيث تقدم ذلك المتشح بالسواد ابتداء من حذائه لجلبابه الذي حِيك بالطريقه التقليديه للزي الصعيدى وحتى عمامته اللتى تميزت من وسط الاف العمامات البيضاء بلونها الاسود ومازاده اللون الاسود الا وقاراً وما اضفى اليه الا هيبة ومازاد طلته الاً بهاءً استحوذ على انتباه جماره لبرهه وهى تتامله وتتسائل فى قرارة نفسها ترى اين رأته قبل ذلك ؟
تقدم بخطواتٍ متردده ملبيا لرجاء جميع الحضور وامتثالاً لرغبتهم فى مشاهدته لمرة اخرى وهو يتألق ويتفوق فى لعبته المفضله وهى التحطيب وهو عباره عن مبارزه بالعصى بين اثنين يفوز فيها الاكثر مهاره والاسرع بديهه وحركه .
تقدم ليقف امام ذلك الاخر والذي كان عكسه تماما فهو غارق فاللون الابيض من رأسه حتى قدميه ومن يري الاثنين معا يعتقد للوهلة الاولى انه يري الابيض والاسود يتنافسان بكل مايحمله اللونان من معتقدات فى نفوس البشر ...
استقبله ذات الابيض بإبتسامه واسعه وبدأ فى لف العصا فالهواء بحركه دائريه ليرد عليه الآخر بنفس الحركه بعد ان شمر عن ساعديه ورفع اكمام جلبابه ...
استعدادا لاول مبارزه يخوضها وهو يشعر انه جسد بلا روح وإن رغب احدهم فى رؤية جثة تتحرك فلن يكون عليه الا النظر اليه.
نطق غازى وهو يدور حوله بتأهب تام :مالك ياواد عمى حاسك هتلعب من غير نفس !
اردف حكيم وهو يتبعه بعينيه وهو جامد فى مكانه :وديه يفرق معاك فحاجه ؟
غازى :له واصل ...بس يعنى الحاجه اللى عتتعمل من غير نفس عتوبقى ماسخه ودلعه وملهاش طعم قالها وهو ينظر فالهواء لعصاه التى رفعها للاعلى وبدأ بلفها ليتفقد مدى صلابتها .
حكيم :احنا هنحطبو على فكره مش هنطبخو عشان نقلقو بخصوص الطعم والمسخان .
غازى :صدقنى ياواد عمى حتى لو لعبه برضك من غير نفس عتوبقى ماسخه وشكلك مهتبدعش فيها كيف كل مره عشان اكده عقول بلاها النوبادى وارتاح انتا شكلك تعبان النهارده ...
حكيم وهو ينظر لعصاه بتأمل قبل ان يلتف بغتة ويرفعها عاليا فالهواء لينزل بها على غازى بسرعة البرق فى ضربه كانت كفيله بأسقاطه ارضا ومن المحتمل جعله يدخل فى نزاع مع الموت لولا انتباه غازى فالوقت المناسب وصد الضربه بعصاه بكامل قوته.. ثم بدأ الاثنان فى الاستداره حول بعضهما ليبتسم غازى بعد ان ايقن بالفعل ان حكيم فى اوج غضبه فى هذه اللحظه وهذا الشيئ جعل قلب غازى يرقص طربا لتكتمل فرحته ويتصنف هذا اليوم فى تاريخ حياته بانه اولى انتصاراته على حكيم ....
بدأت اللعبه بضربات متبادله من الاثنين بنفس القوه ونفس المهاره تقريبا ،وهذا جعل من المباراه اهلا للمشاهده والاستحواذ على انتباه جميع الحاضرين واثارة الفضول لمعرفة اياً من هرمَى لعبة التحطيب فالبلده والبلدان المجاوره سيفوز ...
اشتدت المبارزه مع احتباس الانفاس وتعالى الشهقات مع كل ضربه يُعتقد انها ستكون الناهيه للمباراه من احد الطرفين ..
ولاسيما تلك الماكثه على اعتاب القصر مراقبه لكل حركه تبدر من الاثنين فى خوف وهلع ،ومتتبعه بكل تركيز لايدى حكيم على وجه الخصوص وحركة عصاه وهى واضعة يدها على صدرها بخوف من شيئ تحدثها به نفسها و تخشى حدوثه..
وسرعان ماتحقق ماكانت تخشاه وهاهى ترا حكيم يباغت غازى بحركه مفاجئه فيجرده من عصاه ويرفع العصا التى بيده عاليا وهو متأهب لجعلها ترتطم بجسد غازى بكل مااوتى من قوه وإن حدث هذا فأن غازى ميتُ لا محاله ...فصرخت بكل قوتها وهى تحرك عجلات كرسيها المدولب لتقوده فى اتجاه الاثنين...حكيييييم اووعك ياولددددى اصحك ...
تملك الغضب من حكيم وتلبسه فسيطر على كيانه فى لحظه كشيطان رجيم وهو ينظر لغازى ولم يره حينها الا الد اعدائه الذي سلب منه اعز ماملك قلبه وجرده من كل شيئ جميل كان يعيش لاجله فى طرفة عين ...
لكن صوتها جعله يعود لرشده وحرك رأسه يميناً ويساراً ثم اغمض عينيه وهو يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ثم رخى يديه لتبتعد العصا عن رقبة غازي قليلا ..والذي ابتسم براحه ماان فعل حكيم هذا بعد ان قضى اللحظات الماضيه وهو يتخيل مدى الالم الذي سيختبره ماأن يقوم حكيم بضربه مع كل هذا الغضب اللذي يشع من عينيه ...
واخيرا نطق غازى بعد ان بلع ريقه بصعوبه :براوه عليك ياحكيم ..سبع من يومك ياواد العم ..
حكيم القى بعصاه ارضاً ثم تقدم خطوتين تجاه تلك الماكثة امامه وهو يرى الخوف قد نال منها لاقصى الدرجات ...قد لا يتجلى هذا للجميع ولكن وحده حكيم يستطع قرأة هذا الخوف بعينيها اللتان تتحركا بينه وبين غازى بتوتر ..
فجلس امامها واخذ يدها بين يديه رافعا اياها ليضع فمه عليها ويقبلها قبلةَ حنونه لا تخرج سوى من مُحبُ عاشق كحكيم، الذي برغم منصبه ومكانته بين الناس وحصوله على لقب ووظيفة شيخ البلده رغم صغر سنه الا انه الوحيد الذي اثبت للجميع ان المسأله ليست بالسن ابدا ولكنها بالعقل والرزانه والقوة الكامنه فى التحكم فالانفعالات وردود الافعال والتروى فآخذ اى قرار ...
ابعد يدها عن فمه وابتسم لها وهو يضع كف يده على خدها بحنان مع اتكائة من عينيه مصحوبة بأبتسامه لكى يبث داخلها الطمأنينه معتقدا انه بهذا قادراً على إخماد نيران الخوف داخل قلبها وايضاً ليثبت لها انه على مايرام وكأنه نسى تماما انها الوحيده التى تستطيع قرائة مابداخله بمجرد النظر لعينيه او ان قلبها لديه القدره على الشعور بما يشعر به تماما ..
اخذت نفس عميق اخرجته على فترات ثم همست له بحنان الكون كله...ربنا يبدل وجع قلبك ويجعله كيف شعله فوسط بحر ياولد قلبي ..
رد عليها بنفس الهمس :لو هتشبهيه شبيهيه ببركان وسط بحيره صغيره ياام حكيم ..اصل غير اكده مش هتكونى عادله فوصفك ...
ثم ابتسم لها بضعف قبل ان ينهض ويقف بعد ان لبس ثوب الشموخ والقوة مرة اخرى ونزع عنه ثوب الضعف الذي لايرتديه الا امامها هى فقط من بين العالم اجمع ..وارتفعت نبرة صوته وهو يردف ...غاليه ...بت ياغاليه تعالى اخدى امك دخليها جوه وخليكى حواليها متهمليهاش وحدها واصل ...
لتأتى من الداخل فتاه سمراء على قدر كبير من الجمال مهروله تبدأ بدفع الكرسى وتتحرك به فى صمت لداخل السراي،ا ليلتفت هو للخلف وقد ارتسمت على ثغره ابتسامة اخرى واسعه وهو يتقدم نفس الخطوات التى ابتعدها مرة اخرى ليقف امام غازى ويأخذه فى حضن دافئ واخذ يربت على كتفه وهو يهمس له بهدوء عكس البراكين اللتى تفور بداخله ...
مبروك ياواد عمى ربنا يفرح قلبك ياعريس ويسعد ايامك... ليرفع الآخر زراعيه ويحاوط حكيم ويشدد على حضنه مردفا :ربنا يبارك فعمرك ياخوى ويكرمك بفرحه كيف فرحت قلبي دى واكتر ...
ابتعد عنه حكيم خطوه للخلف وهو على نفس ابتسامته التى يجاهد للحفاظ عليها ، ليردف فى قرارة نفسه :مهيحصولش ديه ياغازى عشان الفرحه اللى قلبك حاسس بيها دى المفروض انها بتاعتى أنى وانتا سرقتها منى ..
ابتسم له غازى فرد عليه حكيم بإيمائه من رأسه وهو يبتعد وماأن استدار فى مواجهة اهل القريه حتى رفع يده لهم بتحية متعارفه عند اهل الصعيد فصدرت من الجميع صيحات وتسقيفات لفوزه فى المباراه وهو ماكان منه الا ان يوزع ابتسامات كاذبه على الجميع ...
تقدم ليقف بالقرب منهم رغما عنه مضطرا ان يجامل الكل ،يضاحك هذا ويلقى على ذاك دعابة ويمازح الآخر خالقا جو من الفرحه بين الجميع ..
واخيرا امر رجاله بإحضار العشاء لجميع الحضور ليجلس اهل البلده جميعا ليتناولو اشهى الطعام الذى أُعد بمهارة تامه فى نوبة كرم أخرى من نوبات حكيم التى اعتاد الجميع عليها فهو من حين لآخر يقوم بجمع اهل البلده على وليمه كهذه ليأكل منها الصغير قبل الكبير ...
انتهت هذه الليله اخيرا ليتنفس حكيم بثقل وهو يرى آخر المدعوين يرحل ليجلس بضعف ويراقب غازى وهو يبتعد عنه وسط مجموعه صغيره من اصحابه ممن اصرو على ايصاله لعتبة بيته قبل مغادرتهم واصوات صياحهم و تسقيفات يديهم العاليه كانت بالنسبه لحكيم بمثابة ضربات موجعه على قلبه ....
ماأن تأكد حكيم من دخول غازى منزله هو وعروسه ورأى اصدقائه يغادرون حتى شعر بأن انفاسه تضيق رويداً رويداً ،وشعر بأنه على وشك الاختناق، فقام مهرولا تجاه الاسطبل ليمتطى على الفور مهرته وصديقة دربه وجليسته الاولى، وينطلق بها مسرعا يجوب طرقات البلده والبلدان المجاوره بلا هواده ،مناشداً لهواء الشتاء الذي يلفح وجهه وجسده بقوه ان يمر بداخله ويخرج من الجانب الآخر حاملا معه جمرة حارقه استقرت داخل قلبه منذ وقت طويل واليوم فقط تمكنت من احراق قلبه وجسده بالكامل حين هبت عليها رياح العجز ...
وقف اخيرا بالقرب من مجرى النهر ليترجل عن صهوة مهرته وبدون اى ذرة تردد تقدم ناحية الماء بخطى ثابته وانفاس عاليه وصرخة مكتومه فى جوفه تطالب بالخروج فتقدم وتقدم داخل الماء الى ان غمرت المياه اغلب جسده راجيا من برودة الماء ان تساعده على اخماد نيران جسده المشتعل ....
وهاهو الماء يغمره بالكامل ليسمح اخيرا لدموعه التى ظلت طوال الليل اسيرة فى سجن عينيه بالتحرر لتختلط بماء النهر ،وقام بفتح فمه لتخرج صرخته التى كتمها طويلا حتى اثقلت صدره فى صورة فقاعات تتصاعد مبتعدة عنه صعودا لسطح الماء محملة بقهر اعوام قضاها هائماً على ارصفة الصبر والاشتياق منتظراً لقطار الوصال ان يقله اليها او يأتى بها هى اليه ....
خرج اخيرا من تحت الماء بعد ان فكر للحظات ان يستسلم للاختناق والموت بالماء ...وحدثة قلبه بأن هذا سيكون اهون عليه الف مره من الاختناق بالقهر كل يوم ،ولكنه تنحى عن قراره فور رؤية طيف امه وهى تسأله بعتب :
وتفارقنى وتسيبنى لمين انى واختك ياولد قلبى؟ وهذا ما اعاده لرشده مرة اخرى وجعله ينتفض ليصعد لسطح المياه ويحاول ان يتنفس بقوه لكن النفس لم يدخل لصدره سوى على هيئة شهقات ...
خرج بضعف ليجلس على حافة النهر وقام بدفن وجهه بين يديه ليتعالى نحيبه ويبدأ جسده فالاهتزاز نتيجة قشعريره سرت فى كامل جسده وشعر بأن اطرافه قد تجمدت من سقيع برد الشتاء القارص وبدأ يستسلم للظلام الذي بدأ يحاصره وآخر ما شعر به هو لمسه من مهرته حينما قربت وجهها منه لتنهره بمقدمة انفها حين شعرت ان هناك شيئ غير طبيعى يحدث لمالكها وصديقها ..
كررت نهره مرة ثانيه وثالثه وحينما لم تجد منه استجابه بدأت فالصهيل بصوت مرتفع وبدأت تضرب الارض اسفلها بحافرها فى محاولة اخرى فاشلة منها لايقاظه معتقدة ان الضوضاء التى تحدثها بجانبه قادرة على ذلك ...
اخذت تدور حوله فى حيرة وهى تراه ممدداً امامها على الارض ثم توقفت تنظرت اليه نظرة اخيره قبل ان تبتعد مسرعة وكأنها ارادت ان تتأكد للمرة الاخيره من ان القرار الذي اتخذته هو الصواب...
دب الرعب فى قلب بشندى رجل حكيم و ذراعه الايمن وهو يرى جمره مهرة سيده حكيم وهى آتية من بعيد تسابق الريح بدون سيدها فى سابقة لم تحدث من قبل ابدااا...
ماأن وصلت جمره اليه توقفت واخذت تضرب الارض بحافرها بالتزامن مع حركة رأسها للاعلى والاسفل فتأكد بشندى حينها ان سيده بالفعل قد حدث له مكروه وبدون اهدار ثانية اخرى فالتفكير صعد على ظهر جمره لتنطلق به تقطع الطرقات بسرعة هائله وتجتاز المنعطفات بدرايه كامله رغم الظلام وكأنها اجتازت هذة الطرقات مئات المرات قبل الان ..
ابتعدت به كثيرا حتى ظن انها ضيعت طريقها ولكن سرعان ماكذبت ظنونه وهى تتوقف على ضفة النيل ليمعن النظر حوله وينتفض قافزا فور رؤيته لكتلة سوداء متكورة على نفسها ولم يتسلل الشك لقلبه لحظة واحده بان هذا ليس سيده حكيم .
تقدم منه واخذ رأسه بين زراعيه وبدا فى هزها فى محاولة فاشله لافاقته وحينما ايقن ان اى محاوله لافاقت سيده فى هذا البرد القارص ماهى الا ضياع للوقت وبما ان ضياع الوقت ليس فى صالحه وهو فى هذا الحال فقام بحمله فورا ووضعه على ظهر جمره ممددا اياه على بطنه ثم قفز هو الآخر فوق ظهرها ليحاوط جسد سيده المتصلب بعد ان عدل جلسته على ظهر جماره ولم يكن بحاجه لمسك لجامها لتوجيهها لانها فور ان اعطاها اشارة التحرك بضربة من رجليه على جنبات بطنها انطلقت بكامل سرعتها وهى تعرف وجهتها جيدا ...
وصلت اخيراً امام مندرة القصر فقفز بشندى وقام بحمل سيده وادخله فورا للداخل وقام بوضعه على احدى الدكك وتحرك فورا للخلف حيث غرفته التى تعد جزء منعزل من المندره واحضر له ثياب جافه من خاصته كما احضر معه غطائه كله لكى يستطيع تدفئة سيده بعد ان فشل فى السيطره على رعشة جسده طوال طريق العوده مهما حاول جاهدا...
قام بتبديل ثياب حكيم ثم دثره بالغطاء جيدا بعد ان غير مكانه على اريكة اخرى غير هذه التى شربت من الماء الذى كان غارق فيه ثم هرول لاحضار صوبة كهربائيه ووضعها امام سيده وقام بتوصيل قابس الكهرباء لتشتعل باعثة بعض الدفئ متمنيا ان مافعله يكون كافٍ للسيطره على حالة سيده وتبديل جسده المتصلب من السقيع للدفئ ...
لم يمضى وقت كثير وبشندى جالس على ركبتيه امام سيده حكيم ويحاول بعث المزيد من الدفئ لجسده بضم يديه والنفخ فيهم تاره وفركهم بيديه الاثنين تارة اخرى حتى بدأ حكيم يأن بصوت خافت بدأ يعلو شيئا فشيئ فالبدايه بكلمات غير مفهومه لكن سرعان ما وضحت وتحولت سريعا لجمل كامله بدأ بالهزيان بها ...
حكيم :جماااااره ...سرقتها منى ليه ياغازى ...سرقت جمرت حكيم ليه ياغازى ...جمااااره ...دسى شعرك منيه واوعاكى يلمحه ولا يمد يده عليه ...اهربى منه وتعاليلى ياجمرة قلبي حدش فالدنيا دى كلها عيحبك كدى ياجماااره ..جمااااراااه ...
لينهض بشندى سريعاً متجها لكافة نوافذ المندره فيغلقها بخوف من ان يسمع احد كلام سيده ويعرف مكنون قلبه الذي اخفاه عن الجميع ماعداه هو وامه السيده تماضر فقط بحكم انهم اقرب اثنين له ولا يخفى عنهم شيئ يختلج قلبه ...
تملك القلق والخوف من قلب بشندى وهو يرى حالة سيده من سيئ لأسواء مع مرور الوقت ولايملك بيده حيلة سوى انتظار ساعات الصباح ليتمكن من اخذه لطبيب او احضاره اليه قبل ان تسمع والدته بخبر مرضه وتدرى بحالته وهذا الشيئ كفيل ان يقضى عليها ولاسيما ان حكيم هو النفس الذي يدخل ويخرج داخل قفصها الصدرى والذي تعيش به وله ....
وغير هذا غضب سيده حكيم لو علم انه كان سببا فى اى مكروة يحدث لغالية قلبه او اى اذي اصابها حتى ولو كان اذي نفسى وهذا لن يترتب عليه عقاب اقل من طرده والاستغناء عنه اذا لم يكن ذبحه من قبل سيده حكيم ماان يعود لحالته الطبيعيه مرة اخرى ...
مرت الساعات المتبقيه من الليل طويلة ثقيله على بشندى وهو يراقب حالة سيده وهذيانه المستمر وحرارته التى بدأت بالارتفاع لدرجة تنفر منها يد بشندى حين يقوم بوضعها على جبينه واخيراً بدأت خطوط الصباح البيضاء تتخلل ظلام الليل فتلتهمه ليأتى يوما جديدا لا يعلم ما يحمله للعباد غير الله وحده ...
دلف بشندى لداخل حديقة القصر مسرعا لكى يحضر الكارته بعد ان احضر فرسا من الاسطبل ليجرها ولكن استوقفته ام حكيم وهى تتوجه نحوه بسرعه وهى تدفع كرسيها المتحرك بكلتا يديها ما أن رأته وهى تسأل عن مكان حكيم وحالته بلهفة بالغه:ولدى حكيم فين يابشندى وحالته عامله كيف طمنى عنيه ..وهو مجاشى ليه من ليلة عشيه ؟
بشندى :اطمنى يام البيه ..سى حكيم زين ..وعشيه مجاشى عشان حس بشوية ديقه وبات فالمندره مانتى خابره عاد ..بس نحمدو ربنا صابح مليح .. وهو باعتنى دلوكيت عشان آخدله الكرته عشان رايح مشوار ضرورى ...
لم تصدق تماضر ام حكيم بشندى حين اخبرها ان ولدها بخير وحدجته بنظره ناريه لانها تعرف انه يكذب عليها وأن مايحدثها به قلبها بخصوص حكيم هو الاصدق حتى وإن اكد لها العالم كله عكس ذلك وقلبها يؤكد لها ان فلذة كبدها ليس بخير اطلاقا ...
قام بشندى بأخراج الكارته وخرج مسرعاً قبل ان تعيد السيده تماضر الكره وتسأله مرة اخرى عن حال سيده ويخفق هذه المره فى اخفاء الامر عنها ...
وصل لباب المندره وقام بحمل سيده ووضعه داخل الكارته وقام بقفل الجزء العلوى لكى يخفى من بداخلها عن عيون الناس واخذ هو مقعد السائق وقام بسحب اللجام وضرب ظهر الحصان بالسوط لينطلق الحصان بسرعة بالغه تحت توجيهات بشندى حتى توقف اخيراً امام الوحده الصحيه التابعه للبلده ...
نزل بشندى وحمل سيده الغائب عن الوعى ودلف به للداخل مسرعاً فقام بوضعه على إحدى اسرة الغرف وانطلق باحثا عن الدكتور النابطشى لكى يعاين سيده وماان رآه نائما خلف مكتبه حتى وقف ليلتقط انفاسه قبل ان يوقظه بصوته العالى الجهورى الذي جعل الطبيب يهب من نومه مزعورا معتقدا ان ملك الموت قد اتى ليقبض روحه ...
ذهب الطبيب مع بشندى مسرعا للشيخ حكيم ما ان استطاع الوقوف على قدميه من بعد ان بادتا من الرعب الذي دب فى اوصاله من صوت بشندى ....
بعد الكشف على الشيخ حكيم قام الطبيب بأعطائة ابرة خافضه للحراره وايضا كتب روشته لبشندى لكى يحضرها من صيدليه خارجيه خطفها بشندى من يده وهرول مسرعا للخارج لكى يحضر ماكُتب فيها على وجه السرعه وبالرغم من ان الوقت مبكرا الا ان بشندى اجبر مالك الصيدليه على الاستيقاظ وخصوصا انها كانت اسفل مسكنه ثم عاد بالعلاج الذي اعطاه الطبيب لحكيم على الفور وقام بطمئنة بشندى انها فقط مسالة ساعات قليله وسيكون على مايرام ...
بعد مرور بعض الوقت بدا حكيم فى استعادة وعيه فتح عينيه ببطئ وتفحص المكان حوله ورفع عيناه لقارورة المحلول المعلقه بجانبة ثم تتبه بعينيه الانبوب الرفيع اللذي يخرج منه ليجد آخره موصول بيده فرفعها يتأملها بضعف ثم انزلها واكمل جولة عينيه فالارجاء الى ان وقعتا على بشندى النائم على كرسى وهو جالس ويبدو على ملامحه المجهده انه قد نال منه التعب بعد ليله عصيبه ...
نظر حكيم للساعه المعلقه للحائط والتى كانت تشير للعاشرة صباحا وهذا ماجعله ينتفض محاولا النهوض فبالطبع امه تماضر تحتضر الان خوفا عليه لانه لم يذهب اليها كعادته فالصباح او يتناول الافطار معها والاهم انه لم يعود لطمئنتها عليه من الامس وهذا من المؤكد سيقودها لحافة الجنون فهو يعلم مدى قلقها وخوفها عليه ...
استطاع اخيراً الجلوس بعد جهد وحاول ان يوقظ بشندى مناديا عليه ولكن خانه صوته الذي رفض ان يخرج الا همسا متقطعا من اثر نزلة الامس فلم يجد امامه الا ان يتقدم نحوه بعد ان نزع عنه ابرة المحلول وابعدها وقام بوضع كف يده على كتف بشندى وبدأ فى هزه لينتفض بشندى بزعر سرعان مااختفى وهو يرى سيده واقفا امامه بطوله الفارع ليردف بفرحه :
حمداله عالسلامه ياسى حكيم بيه ..قومت ليه من سريرك لسه المحلول مخلصش وانتا لساتك بعافيه ؟ ثم امسك ذراعه محاولا اعادته لسريره لكن حكيم رفع يده مشيرا بأصبعه السبابه علامة على الرفض واشار لبشندى على حنجرته وهو يهمس :
متجادلنيش يابشندى عشان مقادرشى اتحدت خدنى عالبيت حالا من غير نص كلمه ...
لينصاع بشندى على الفور لاوامر سيده على الرغم من اعتراضه الداخلى ورغبته فى ان يكمل سيده قارورة المغذى وخاصة وهو يري شحوب وجهه لكن لا قيمة لاى اعتراض امام امر تلقاه من الشيخ حكيم ...
انطلقا عائدين وماان وصلا حتى ترجل حكيم من الكارته وتحرك بضعف نحو القصر راغبا فى الارتماء فى حضن والدته حيث ملاذه الامن لعله يشعره ببعض من الراحه اللتى اصبح متيقنا انها لن تعرف طريقها اللى قلبه مرة اخرى ...
بخطوات بطيئه تقدم نحو غرفتها بعد ان جال بعينيه يبحث عنها فى مكانها المعتاد فلم يجدها ورفع يده بضعف لطرق باب غرفتها لكنه توقف حينما اتاه صوتها الملهوف :
ادخل ياحكيم ..تعالا ياولدى ...فأبتسم بضعف لتلك اللتى تعلم عنه كل صغيره وكبيره حتى صوت خطواته تميزها وتشعر بقربه حتى قبل ان تراه ..ادار مقبض الباب ودلف للداخل وماان رأته حتى خرجت منها شهقة تشرح مدى صدمتها بحالة فلذة كبدها وتأكدت ان احساس قلبها بحكيمها لم ولن يخيب ابدااا ...
اما هو فهرول مسرعا نحوها ليرتمى بين زراعيها ماان فردتهم فى دعوة له منها لحضن دافئ هو جل مايحتاجه حكيم فى هذه اللحظه ...
جلس بجانبها بعد ان ابتعد عن حضنها لتمد يدها على كتفه فتجذبه نحوها مرة اخرى ليضع رأسه فى حجرها وتقوم بالتمسيد على خصلات شعره الناعمه السوداء اللتى تشبه اسوداد الدنيا فى عينيه فالايام القليله الماضيه ...
تنهد بقوة وهو يغمض عينيه للمساتها لتردف هى :متقساش على روحك اكده ياولدى ..فوق يانن عينى لنفسك وقويها مهياش نهاية الدنيا عاد..
اردف حكيم بضعف وبصوت متقطع : هفوق وهقوى بس ادينى شوية صبر يمه دانى لساتنى فالاول ...عامل كيف اللى دخلوه اوضة عمليات وشقو صدره من غير بنج ولسه مادين اديهم جواه وبيقطعو من قلبه بالحته ...وبعدها عاد هيقفلو الجرح واستنى لحدت مالجرح يطيب ...جرح قلبى وجرح صدرى وجرح روحى قبل منهم ....وبعدها يمكن يقدر يعاود حكيم كيف لاول يأم حكيم ..
تنهد ليسكت بعدها وتبحث هى بداخلها عن اى كلام لتخفف به من احساس فلذة كبدها بكل هذا العذاب ولكنها فلا تجد امامها خيار غير السكوت... سكوت ناتج عن ضعف ام ترى ابنها يتألم امام ناظريها ولا تستطيع ان تفعل له شيئ...
اما هو فاستسلم للمساتها الحنونه والتى اخذته رغما عنه لايام مضت تمنى لو عاد به الزمن اليها لكان غير كل احداث حاضره بقرار سيتخذه دون تأخير اوتردد ...ولكنه
الان لايملك سوى الاستسلام لواقعه فاغمض عينيه ،واطلق العنان لحسرات تخرج من جوف فؤاده واحدة تلو الاخرى مثل تنين نارى ينفث من فمه لهباً ...
لم ينتبه ان حسراته تؤذى فؤاد من يضع رأسه فى حجرها جاعلاً دموعها تجرى بدون توقف وهى تتمنى فى هذه اللحظه لو ان باستطاعتها اعادته الى احشائها صغيرا مرة اخرى لتحميه من هذا العالم الظالم، الذي لم يكتب له فيه الا الشقاء وتعاسة القلب من صغرِهِ وكأن السعاده حين قسمت لم يكن هو حاضرا ليأخذ نصيبه ...
هربت دمعه من دموع تماضر قبل ان تمسحها بطرف شالها لتنزل على وجه حكيم لتنبهه ان امه فى اسواء حالاتها الان بسببه ولام نفسه كثيرا لانه تسبب لها فى هذا واردف يهمس لها وهو مبتسم ابتسامه مزيفه
:تعرفى يمه ان ربنا رحيم وحنون على عباده قوى قوى ...تعرفى لولا انى تعبت امبارح وفقدت وعييى طول الليل كان ممكن اتجنن وكتها من الفكر او تجرالى حاجه ...
كان برج من نافوخى طار وانى عفكر ان غازى واد عمى مع جمارة قلبي لحالهم ..
وبرج تانى طار وانى قاعد عاجز وهو عيحقق حلمى اللى كنت عايش على امل تحقيقه ..وبرج تالت طار وانى عتخيلها بين اديه وانى ماسك الهوا بأديا على قول عبحليم ..
وكان برج رابع طار وكل الابراج كانو هيطيرو وتبصى على ولدك تلاقيه من غير عقل ...يلا الحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه ...
تماضر :بسك ياواد وبطل تمثيل واياك تدوس على حالك وتاجى على نفسك عشان اى حد يفرح ولا تدارى تعبك عشان حد يرتاح من اهنه وطالع ..
انى وانتا عارفين زين انك عتمثل وكداب واللى جواك غير اكده خالص ...انى امك وانتا حته من قلبي وحاسه بكل اللى فيك ...ازعل مش هقولك له ..احزن مش هعارضك ..ابكى بينك وبين حالك لو حسيت بخنقه مش عيب وعمر دموعك ماهتقل من رجولتك لو نزلت ...لكن تكتم فنفسك وتبقى كيف منطال مليان ميه وملَيَس ومقفول ومحطوط عالنار هتطق وتفرقع من كل حته عشان البواخ اللى جواك مطلعشى وفضل مكتوم ...ايوه الحزن عامل كيف البواخ بالظبط لو ملقيش منفس ماعونه يفرقع ...
هز حكيم راسه ببطئ بالموافقه لان ماتقول امه هو بالفعل مايشعر به وما كانت كلاماتها الا وصفاً دقيقا لحالته لا يستطيع نكرانه ابدااا...
************
اما فى وقت سابق وتحديدا بعد انتهاء العرس ...
دلف غازى لبيته الذي كان عباره عن مشتمل بنى بجانب القصر ويشترك مع القصر فى الحديقه والباب العمومى وباب خلفى يخرجه على الارض مباشرة و يتكون من غرفتين وغرفة معيشه وملحقاتهم ...
تقدم بخطى ثابته نحو عروسه التى كانت واقفة فى منتصف المشتمل تجوب المكان بيعينيها مستكشفة ابعاده وما ان شعرت بوجوده خلفها حتى خفضت عينيها بخجل وقامت بشبك يديها ببعض بأستحياء وشددت على قبضة يديها وكأن كل يد تستمد القوه والطمانينه من اليد الاخرى ..
تأملها قليلا من الخلف قبل ان يدور حولها ببطئ فاحصاً اياها من راسها حتى قدميها بنظرات ذئب يعاين فريسته قبل الانقضاض عليها ...
ولم يكن تشبيهه بالذئب فيه ظلما له بقدر ماكان الظلم من نصيب الذئب لتشبيهه بغازى الذى هجم على جماره مرة واحده وضمها اليه بكل قوته واخذ ينظر اليها قبل ان يقترب منها دافنا وجهه فى رقبتها مستنشقا عطرها ثم ابتسم بأنتصار وهو يهمس لنفسه :اخيرا قدرت اخطف حاجه من يدك ياحكيم ..ومش اى حاجه ..دى اغلى واحب حاجه عندك ...ماان اكمل جملته بينه وبين نفسه حتى قهقه بشر وتعالا صوت ضحكاته مما جعل الرعب يدب فى نفس جماره وبدأت قشعريرة خوف تسرى فى كامل جسدها ...
ابتعد غازى عنها ووقف يتأملها قليلا بفرحة غامره قبل ان يباغتها بحملها الى غرفة النوم ليكمل باقى انتقامه من حكيم ويوثق ملكيته لجماره بصوره كامله ...
كم تمنى ان يعاملها بعنف وينتقم منها ويحاسبها على كل مايحمله داخل قلبه لحكيم ولكنه تراجع وتعامل معها بلطف وقرر ان يكون انتقامه بعيدا عن هذه النقطه وخصوصا انها اعجبته حد الجنون ماان بدأ يكتشف كل ماتخبئ من جمال قرر الاستمتاع به لاقصى الدرجات ...
انقضت ليلتهما الاولى هادئة الى حد ما على الرغم من انقباض قلب جماره الذي لم يزول حتى هذه اللحظه بل زاد حينما فتحت عينيها ببطئ لتقعا على ذلك الذي كان جالس على اريكة صغيره مقابلة لها وعيناه مركزتان عليها وملامحه جامده كأنه عدو ينسج لعدوه الخطه المناسبه للايقاع به ...
جماره جلست على السرير و لململمت نفسها بخجل ثم اردفت :اصباح الخير ياسى غازى ..
غازى رد بعد برهه :اصباح النور ...قومى يلا همى حالك عشان نروحو نفطرو فالسرايا مع انهم تلاقيهم فطرو من بدرى ..
جماره بأستغراب :وه ..فى الصباحيه ياسى غازى ! مش المفروض نفطرو لحالنا ؟ امى قالت انها هتجيبلنا فاطور العراي....وقبل ان تكمل جملتها تفاجأت بغازي يتقدم منها بسرعه شديده هيئ لها للحظه انه شبح من شدة سرعته فتراجعت للخلف بخوف ولكنه باغتها بيده التى امتدت لتعصر فكها السفلى وهو يردف بجانب اذنها بفحيح يشبه فحيح افعى :
اياكى مره تانيه اقول كلمه وتعترضى عليها او تراجعيها وراى ..عشان لو ديه حوصول هيكون آخر يوم فعمرك لكن قبلها هتشوفى منى مرار طافح عمرك ماشفتيه ولا حتى سمعتى عنيه قبل دلوكيت ...فهمتى كلامى ولا تحبى افهمك بطريقتى ؟
اومات جماره بالموافقه وماان فعلت حتى حرر غازى فكها من قبضته وابتسم برضى وهو يتفحصها ويتفحص اهتزاز جسدها الذي اصابته رعشة واضحه كورقة شجر تهتز فى مهب ريح ...
بظهر اصابعه بدأ تحسسها بداية من جانب وجهها حتى خصرها الذي اشعل فيه لهيب الرغبة فيها من جديد لكنه كبت رغبته هذه واعداً نفسه ان يشبعها فى وقت لاحق ،ولكن الان يجب عليه ان يفعل ما هو اهم واكثر اثارة ومتعه بالنسبه له ...
حثها على النهوض سريعا والاستعداد للذهاب الى السرايا وهى نفذت على الفور ...
امرها بأن تتزين كعروس بوضع مساحيق التجميل ...
فعلت كما طلب منها وامتثلت لامره الذي كان ضربا من الجنون بالنسبة لها فهو يطلب منها ان تخرج فى صباحيتها لتتناول افطارها مع اهله بينما المتعارف عليه فى بلدهم هذا ان العروس تظل فى مخدعها سبعة ايام لا تخرج لأى مكان ...
.ماان انتهت من وضع مساحيق التجميل حتى قامت بارتداء الفستان الذي اختاره لها غازى لتلبسه بأمر مشدد الا ترتدى غيره وما ان انتهت نظرت لنفسها فالمرآه ثم وضعت يدها على فمها خجلا مما رأت فقد كان الفستان باللون الاحمر القانى ضيق كاللعنه يبرز تقاسيم جسدها بدقه على الرغم من انه محتشم الا ان ضيقه يعتبر الاثاره فى حد زاتها ..
نظر غازى لها بعيون زائغه من هول مارآه من جمال ماان انتهت وبلع ريقه بصعوبه بالغه وهو يحدث نفسه :عرفت ان حكيم مهينقيش حاجه عفشه لنفسه واصل ...بس عمرى ماكنت اتوقع انه يعتر على احلى حوريه نزلت على الارض وكان عاوز ياخدها لحاله .. ثم تنحنح يحاول تمالك نفسه لكى لا ينقض عليها فورا وامرها بالتحرك وخرج امامها وخرجت هى خلفه مرغمه فأتجاه السرايا ...
دلف لداخل السرايا وماان اصبح بالداخل حتى تكلم بصوت جهورى مصحوب بضربات يديه ببعضهم مصدراً ضجيجا مزعج :
يااهل الدااار ..ياللى اهنه وينكم كلكم ..اكيد فطرتو لحالكم وقولتو ارتحنا من غازى النهارده ..بس ديه بعدكم دانى جيتلكم ومعاى العروسه كمانى عشان نفطرو اهنه وهتوفطرو معانا تانى حتى لو كنتو فطرتو ...
فتح حكيم عينيه على صوت غازى وعلى ضوضائه المزعجه وابتعد عن حجر امه وعدل جلسته وفرك وجهه بتعب ثم نهض وقام بحمل والدته ووضعها على كرسيها المتحرك ودفعه وتحرك للخارج وماان رفع عينيه اللاتى كانتا تتفقدان الطريق امامه حتى صعق من هول مارآه ...انتفض غضباً وعلت انفاسه واطبق بيديه الاثنين على مقبضى الكرسى المتحرك حتى ابيضت مفاصل اصابعه من شدة الضغط وتحول فى ثانيه من اسد جريح لاسد غاضب على وشك القيام باشرس هجوم لاسيما وهو يري تلك التى تحاول ان تستتر منه وراء غازى ولم تكف منذ ان خرج من الغرفه من محاولات اخفاء تفاصيل جسدها البارزه بيديها وهى فى حيرة اى مكان يجب عليها تغطيته اكثر ويداها الناعمتين تنتقلان بتشتت فى كل مكان
مااصعبه شعور وهو يرى طفلته التى طالما تمنى ان يخفيها عن عيون سائر البشر محتكراً الحق وحده فى رؤيتها وهى تسير خلف ديوث لا يبالى بنظرات الرجال لعرضه والبسها ثوبا يدعو الغافل للنظر اليها ...
إلي هنا ينتهي الفصل الأول من رواية جمارة بقلم ريناد
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا