مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات حيث نغوص اليوم مع رواية رومانسية مصرية جديدة للكاتبة زكية محمد, وموعدنا اليوم علي موقع قصص 26 مع الفصل الثامن عشر من رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد .
رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد - الفصل الثامن عشر
تابع من هنا: روايات زوجية جريئة
رواية ذئب يوسف بقلم زكية محمد - الفصل الثامن عشر
وضعت يدها في خصرها قائلة بحنق :- و مستني إيه يا أخويا ما تطلقها دلوقتي، بدل ما أنت عمال تدينا حكم و مواعظ، من إمتى؟
أردف بغضب :- لأني فوقت من الدوامة اللي غرقتوني فيها، فقت بس متأخر.
مصمصت شفتيها قائلة :- هو حد ضربك على إيدك؟
هز رأسه بنفي قائلاً بحزن :- في دي عندك حق، بس في إيدي أصلح كل حاجة.
أردفت بسخرية :- إزاي ومنين يا حسرة؟ أنت ناسي الفلوس اللي عليك اللي صرفتها على مزاجك للناس اللي مستعجلة على فلوسها، لولايا أنا كان زمانك مفضوح دلوقتي و مشرف في السجون.
زفر بضيق قائلاً :- بسمة مش كل شوية هتقعدي تزني بأم الكلمتين دول .
أردفت بحاجب مرفوع :- لا يا حبيبي أنا ما بزنش بس بعرفك إنك زيك زينا يعني متطلعش نفسك برئ و لا مظلوم.
ثم تابعت بدموع زائفة :- وبعدين أنت معاملتك أتغيرت ليا من ساعة ما حملت هو أنا يعني كنت جبته من الشارع ولا جبته من الشارع، أوعى تقول بتشك في إنه مش ابنك؟
جعد أنفه قائلاً بضيق :- لا طبعاً، هو أنا لو مش متأكد من دة كنت خليتك واقفة دلوقت تكلميني؟
لفت ذراعيها حول رقبته قائلة بدلال :- و أهون عليك دة أنا أم ابنك، بقولك إيه ما تيجي أرقصلك شوية؟
رفع حاجبه قائلاً باستنكار :- ترقصي! و اللي في بطنك دة إن شاء الله؟
أردفت بتذمر :- حاسة إني نسيت الرقص من وقت ما اتجوزتك.
أردف بضيق :- إيه بتحني للقديم ولا إيه؟
اقتربت منه بإغواء قائلة :- لا قديم ولا جديد أنا بحن بس للي قدامي دة.
و بدهاء أنثى استطاعت أن تؤثر عليه ليخضع لها في كل مرة، أما بالداخل كانت تضع يدها على ثغرها بصدمة مما سمعت.
بعد مرور ثلاثة أشهر ألحت عليه بسمة في أن يخبر أهله، فأخبرها بأن تعطيه مزيداً من الوقت، فوالده لم يبت في الأمر بعد، فالوضع مزري فهو يخشى أن يذهب بها لعائلته حينئذ لن يقبلوا ولن يقبلوه هو بالمرة، لطالما رسم لهم صورة الشاب المثالي المكافح الذي يعمل بجد و نشاط و ترقى لحسن خلقه في العمل، زادت حيرته في أمر ابنه القادم، فماذا سيفعل ؟
بدرت على ذهنه فكرة لجأ لها كحل مؤقت لذا لا مفر من التحدث معها في هذا الأمر، تحدث مع مريم بأن تتصل بالعائلة و تخبرهم بأنها حامل في ثلاثة أشهر، فتفاجئت الأخرى و ألجمتها الصدمة، ليلجأ بدناءة لمساومتها بين تعليمها وأن تفعل ذلك، و بالطبع رجحت الكفة الأولى فنفذت له كل شيء وكم سعدوا هم بذلك الخبر و أخبروها بأن تأتي تقضي شهور الحمل فارتبكت و لكنها أخبرتهم بهدوء، ليس الآن ما زال هناك كثيراً وأنها بصحة جيدة وما إن علمت الأخرى استشاطت غضباً قائلة :- لا والله! و جاي على نفسك ليه؟ أنت إزاي تنسب ابني للسنيورة دي، مش بقولك مستعر مني، ومش راضي تقول لأهلك، بس لا عليا و على أعدائي .
أردف بغضب :- بسمة أهدي و خلي ليلتك تعدي، بعدين هفهمك. بقلم زكية محمد
أصابها الحرج فهتفت بخفوت :- أنا هدخل أوضتي.
تركتهم ليجذبها بقوة قائلاً بغيظ :- و بعدين معاكي ما تهمدي!
أردفت بسخط :- بقولك إيه أنت هتلعب بديلك من ورايا ولا إيه؟
جز على أسنانه بعنف قائلاً :- أنا لا بلعب من وراكي ولا من قدامك، أنا بهيأ بس الظروف لأني مش عارف بابا هيكتب الأرض ليا إمتى و خايف أكلمه تاني في حاجة.
أردفت باستنكار :- أومال قولتلها ليه تقولهم أنها حامل؟
أردف بروية :- علشان لسة ما قولتلهمش إني متجوز واحدة تانية غير اللي جوزوهالي.
قطبت جبينها بضيق قائلة :- و ناوي إمتى يا عنيا تقولهم ولا هي هتاخد الواد على الجاهز .
أردف بغيظ مكبوت :- ما هتخدش حد أنا بس بظبط الأمور، و يا ستي دة كلام لا راح ولا جه،كل حاجة تهون علشان الأرض دلوقتي يا بوسبوس.
لمعت عينيها بمكر قائلة :- بجد يا لولو يعني مش بتضحك عليا زي كل مرة؟
هز رأسه قائلاً بصدق :- لا مش بضحك عليكي، كلها شوية وقت بس علشان خاطري.
هزت رأسها باستسلام قائلة :- ماشي يا لولو. ثم أضافت بغيرة :- طيب و بنت عمك دي؟
ابتسم بخفوت على غيرتها فهي ترفض تسميتها بزوجته و أردف بهدوء :- زي ما قولتلك إني هطلقها بس الصبر يا بوسبوس.
أردفت بحنق :- ماشي لما نشوف أخرتها يا علي!
بعد أيام كانت تتصل بأحدهم، بعد أن انتهزت فرصة غيابه في العمل قائلة بضيق :- أهو يا أخويا قعدتني قباله و خلتني أحمل منه، و أبوه لسة ما كتبش الأرض باسمه.
أتاها رد الطرف الآخر قائلاً بروية :- الصبر حلو يا بوسبوس، فات الكتير ما بقى إلا القليل .
أردفت بحنق :- مش باين يا أخويا أنا طهقت نفسي أرجع للصالة تاني و الرقص بدل الحمل و الخلفة و القرف اللي أنت ورطتني فيه دة، أنا مش عارفة إزاي سمعت كلامك.
أردف بغيظ :- إيه يا بسمة ما تهدي كدة، إحنا هنكمل اللعبة لآخرها ، و هو زي ما قالك خلينا وراه لحد ما أبوه يكتبله الأرض وأنتِ و شطارتك بقى تخليه يتنازل عنها و بعدها نخلع سوا.
أردفت بحنق :- واللي في بطني دة أوديه فين؟ ما كنت باخد برشام الأول!
أردف بتهكم :- علشان يا حلوة يبقى باقي عليكي ما يخلعش و يسيبك يا فالحة، استحملي بس أنتِ كدة على ما تبقى كل حاجة في إيدنا .
تأففت بضيق قائلة :- ماشي يا أخويا لما نشوف، يلا سلام لأحسن يجي. بقلم زكية محمد
بعد مرور شهر آخر استمرت فيه العائلة بالاطمئنان عليهم وعلى سير حمل مريم المزعوم، استمرت مريم تتابع محاضراتها و انشغلت بها حتى أصبحت بالكاد تراهم فباتت لا تعبأ من الأساس لا بهم. و لا بمشاكلهم.
ذات يوم توجهت لرؤية ذاك الذي تحدثه مراراً من خلف زوجها واتفقت معه مسبقاً على ذلك المخطط الدنيء للإيقاع بعلي، فأتت لتتحدث معه و تعرف ما هي الخطوة التالية بعد أن نفذت المطلوب، و ما إن كادت أن تضع يدها على مقبض الباب لتفتحه، وقفت محلها واحتلت الصدمة محياها وهي تسمع حديثه بالداخل.
هتف فريد بتساؤل :- وهتعمل ايه دلوقتي يا نديم؟
أجابه بضحك خافت :- ولا حاجة هستنى الهانم تبصمهولي على الأرض و اخدها وابني الكابريه اللي نفسي فيه .
ضيق عينيه قائلاً :- طيب وهي هتعمل معاها ايه؟
أردف بتهكم :- هرميها في الشارع يا حبيبي بعد ما تمضيلي العقد بيع وشرا، دة أنا مستحملها بالعافية.
أردف بحذر :- يعني أنت مش هتكمل معاها؟
ضحك بصخب قائلاً :- أكمل مع مين يا ابني دي أنا اللي عاملها، و زي ما عملتها قادر في لحظة أمحيها.
لم تتحمل المزيد من ذلك الحديث، إذ دلفت للغرفة بدون استئذان، فطالعها بتوتر خشية أن تكون قد سمعت أي شيء فهتف بشبح ابتسامة :- إزيك يا بوسبوس، عاملة إيه وحشتيني يا بيبي؟
رفعت شفتها العليا باستنكار قائلة :- والله! لا واضح فعلاً.
نظرا لبعضهما بشك و تساورت المخاوف بداخل نديم خشية أن تكون قد سمعت أي شيء، إلا أنه تأكد من ظنونه حينما أردفت بحدة :- بقى عاوز تضحك عليا و تقرطسني؟ أخص عليك يا نديم دة إحنا عشرة والعشرة مش بتهون غير على ولاد الحرام.
أردف بتلعثم :- أااا...في إيه بس يا بسمة كلام إيه اللي أنتِ بتقوليه دة؟ أكيد سمعتي غلط ..
قاطعته قائلة بغضب :- لا يا أخويا الكلام سمعته كله و خرم ودني كويس أوي، أيوة كدة أظهر وبان على حقيقتك يا راجل يا دون يا واطي..
أردف بغلظة :- الله ! ما تلمي لسانك يا بسمة و أقعدي نتفاهم.
هزت رأسها بسخرية قائلة :- نقعد و نتفاهم هو بعد اللي سمعته عاوزني اقعد و نتفاهم ! لا يا عمر شيل دة من دة يرتاح دة عن دة .
ضيق عينيه قائلاً بريبة :- قصدك إيه يا بسمة ؟
أردفت بحاجب مرفوع :- قصدي إنك تنسى الإتفاق يا روح طنط يبقى بتحلم لو بس شميت ريحة الأرض دي.
نهض من مكانه قائلاً بخشونة :- أهدي بس كدة يا بسمة و أقعدي نتفق.
مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- هنتفق على إيه يا عنيا إزاي هتألف كدبة جديدة و تلعب بيها عليا؟ اسمع أما اقولك من اللحظة دي ملكش دعوة بيا ولا بعلي، أنت فاهم؟. بقلم زكية محمد
أردف باستنكار :- لا يا حلوة أنتِ اللي ملكيش دعوة بعلي من هنا و رايح أنتِ ناسية إن أنا اللي عرفتك عليه؟ يعني أنتِ اللي تطلعي منها.
ابتسمت بسخرية قائلة :- لا يا عمر دة أنا هروح و أقول لعلي على كل حاجة و ههد المعبد على الكل.
جذبها من ذراعها بقسوة قائلاً :- لا يا حلوة مش بعد دة كله أسيبك تبوظي كل حاجة دة أنا أقتلك.
سحبت ذراعها منه بعنف قائلة :- أوعى إيدك جات قطعها، والله لأندمك يا نديم..
ما إن استدارت لترحل، فوجئت بشئ صلب يضرب رأسها فالتفت لتجده ممسكاً بماسورة معدنية إلتقطها بعشوائية وبلحظة تهور ضربها بها.
استندت على الجدار ووقعت وهي تشعر بتراخي جسدها، بينما هتف فريد بخوف :- إيه اللي أنت عملته دة يا مجنون دي مصيبة!
أردف بجمود وهو يشاهد حالتها المزرية :- دة اللي كان لازم يحصل، يلا بينا نهرب ولا من شاف ولا من دري لحد ما تتصفى وتطلع روحها.
وبالفعل تركاها تأن بألم، فمدت يدها بصعوبة لتتصل بعلي و ما إن أتاها الرد هتفت بوهن :- علي ألحقني.
أتاها رده قائلاً بقلق :- بسمة مالك؟
أردفت بتعب :- اسمعني مفيش وقت سامحني أرجوك أنا.... أنا كنت بضحك عليك علشان.... علشان ناخد الأرض بتاعتك.....نديم ضحك عليا.... و دلوقتي ضربني بماسورة وهودع أمانة عليك لتسامحني و خلي بالك من نفسك منه.
أردف بضياع :- طيب أنتِ فين ؟ فين قوليلي..
أملته العنوان بسرعة لينهي المكالمة و يسرع نحوها ، لتشعر بألم شديد ببطنها فتضع يدها عليها قائلة :- سامحني مقدرتش أحافظ عليك..
قالت ذلك قبل أن تغيب عن الوعي، وبعد ساعات خرج الطبيب من الغرفة وعلى وجهه إمارات الأسى فهتف على بلهفة :- مراتي عاملة إيه يا دكتور ؟
هز رأسه بأسف قائلاً :- الحالة جات متدهورة جداً و مقدرناش ننقذها البقاء لله شد حيلك، ابنك هيتنقل للحضانة و هيقعد فيها يومين و لا تلاتة كدة.
هز رأسه بضياع قائلاً :- ابني!
أومأ بتأكيد قائلاً :- أيوة ابنك الحمد لله قدرنا ننقذه، لو إتأخرت كمان دقايق كنت هتترحم عليهم هما الاتنين، خليك جاهز للمحضر اللي هيتفتح دلوقتي لأنهم هياخدوا أقوالك.
جلس بإهمال وعلى وجهه علامات الصدمة وهو يسترجع حديثها في أنها كانت تخدعه، كيف لها أن تفعل مثل هذا الشيء؟ أبعد ما فعله معها يلاقي الخيانة والغدر منها؟
بعد وقت قام بالاتصال بمريم التي أتت على الفور وعلى وجهها إمارات الهلع، وهتفت بخوف :- علي هو هو بسمة فين وايه الكلام اللي أنت قولته؟
هتف بتيه:- بسمة ماتت، و ضحكت عليا...و كلهم ضحكوا عليا..
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- ضحكوا عليك إزاي؟
هز رأسه بضياع ثم هتف :- أنا لازم أتأكد من حاجة .
قال ذلك ثم توجه للداخل لإجراء فحص حمض نووي ليتبين له ما إن كان هو اب هذا الطفل أم هو أيضاً جزء من مخططهم الدنيء .
وبعد ساعات خرجت نتيجة التحاليل لتثبت نسب الطفل له، فحمد الله على ذلك و تساقطت دموعه ندماً على ما أقترفت يداه.
بعد مرور أسبوع بعد أن سُجلت القضية ضد مجهول، أخذ الصغير الذي ما إن وضعه بين ذراعيه شعر بالأسى قائلاً بأسف :- أنا آسف يا ابني آسف حقك عليا معرفتش أختار أمك صح، مشيت ورا شيطاني لحد ما وصلت للي أنا فيه..
دلف به للداخل فوجد مريم التي كانت تطالعه بحزن منذ أن علمت ما حدث، و نظرت للصغير باشفاق و حزن، فولِد ولم يرى أمه نصب عينيه و ما أصعب الفقد منذ الصغر.
تقدم ناحيتها قائلاً بصوت أجش :- مريم من النهاردة أحمد هيبقى مسؤوليتك و كمان هتصل على الجماعة وأقولهم أنك ولدتي بدري على 8 شهور عادي بتحصل.
اتسعت عيناها بذهول قائلة :- بس، بس إزاي تقول إني أمه ؟
أردف بإصرار :- بقولك إيه مش ناقص خوتة أنتِ هتنفذي اللي قولتلك عليه من غير نقاش و كلمة كمان هقعدك من الكلية اللي أنتِ فرحانة بيها، و هتمم جوازي منك غصب عنك و أنسي أي حاجة قولتها..
هزت رأسها بخوف من هيئته تلك و ما كان منها سوى الإذعان، وهي تطالعه بذعر خائفة منه فما سمعته عنه ليس بقليل..
سافرت العائلتين للإسكندرية ما إن علموا بولادة مريم المزعومة، و مكثوا معهم لأيام أمتدت لشهر، وبعدها طلب من مريم أن تتوجه بالصغير معهم للقاهرة حتى يسوي أموره هنا فهو خائف عليها وعلى الصغير من هؤلاء الذين تسببوا في مقتل زوجته والتي أتفقت معهم مسبقاً للتخلص منه.
مرت الشهور بعد ذلك عليهم فعلي قرر أن يغير كل شيء و يتغير، إذ ترك منصبه لمن يستحقه وعمل بجد وكد لجمع الأموال لإعطائها لهؤلاء المدنسين ليتخلص من شرهم نهائياً دون الحاجة لبيع تلك القطعة وكم هو ممتن للظروف التي أظهرت له حقيقتهم فهم خدعوه من أجل أن ينصبوا عليه و يأخذوا النقود و يتخلصوا منه، ابتسم بمرار على ما فعله بنفسه و للحظة أقر بأنه يستحق أكثر من ذلك فما فعله ليس بهين، كما أنه خطا في تلك الطريق طواعية دون أن يجبره أحد على ذلك.
استمر في الإتصال بمريم للاطمئنان على الصغير الذي اعتبرته الأخرى ابنا حقيقياً لها فكانت تعامله بحنان نابع من عاطفة الأمومة عندها، و وازنت بينه و بين دراستها .
غاب عاماً كاملاً، استطاع فيه أن يتخلص من ذلك الثقل الذي وقع على عاتقه، حارب نفسه و جاهدها جهاداً فولاذياً حتى استطاع أن يتلغب على مشكلة الإدمان لديه ليعود لابنه و زوجته كي يبدأ معهما حياة جديدة دون أية خطوط سوداء بالطريق، استطاع أن يسدد النقود لأصحابها الذين ما كره مثلهم. رُسمت ابتسامة عريضة على ثغره منذ زمن وهو يستنشق نفحات الهواء باستمتاع و كأنه كان في قاع البحر و تم إنقاذه.
على الجانب الآخر كان فريد و نديم يغليان كالمرجل فهم شعروا بالخسارة الفادحة منذ أن فشل مخططهم فصاح فريد بغيظ :- هتعمل ايه أدي كل حاجة راحت علينا يا نديم!
نظر أمامه بشر قائلاً :- البيه دفع الفلوس مفكر أنه خلاص كدة هيفلت مني..
أردف الآخر بكره :- و هتعمل ايه دي كل حاجة باظت!
لمع الشر بعينيه قائلاً :- مش هسيبه يتهنى بيها أبداً و هتشوف هعمل إيه؟
ضيق عينيه بحذر قائلاً :- هتعمل ايه؟
أردف بخبث :- هسجنه هو فاكر أنه كدة ناصح، دة أنا زورت وصولات الأمانة اللي أدتهاله و بكدة هقدر أقدم الأصلية للمحكمة و بعدين يبقوا يتصافوا.
ضحك بمكر قائلاً :- يا ابن اللعيبة يعني هتاخد المبلغ مضاعف؟
أومأ بتأكيد قائلاً بشر :- أيوة نديم ميطلعش بلوشي من ورا أي مصلحة.
و بالفعل تفاجئ علي في اليوم التالي بوجود رجال الشرطة الذين أخذوه دون أن يعرف ما السبب وما إن وصل للقسم وعلم السبب صاح بانفعال :- والله سددتهم إمبارح و الوصولات معايا في البيت.
أردف رجل الشرطة بغلظة :- وطي صوتك يا روح امك مش قاعد في سوق التلات هنا، ثم إن الوصولات أهي قدامنا وأنت مسددتهاش في المعاد يبقى تتحبس..
أخذ يعارض معهم و يؤكد لهم بأنه دفع المبلغ البارحة لهم، و عندما أحضروا الوصولات التي أخبرهم إياها وجدوها مزورة، و عندما لم يستطع دفع المبلغ تم الحكم عليه بعامين ( معلش يا جماعة مش عارفة الحكم إيه بالظبط فعدوها 😂)
قضى تلك المدة في السجن ولم يخبر أحد، و كان يتصل بهم خلسة من داخل السجن و أخبرهم أنه اضطر للسفر إلى إحدى دول الخليج و سيمكث هناك مدة و بعدها سيعود.
استغل فترة السجن في أن يعود لله و يستغفره عما اقترف من ذنب في حق خالقه، ندم أشد الندم على كل معصية أبعدته عن طريق الله .
ما إن خرج و أنهى مدته أسرع يهندم مظهره لينطلق كالريح لرؤية ابنه و أهله، وقد ابتاع لعبة زهيدة الثمن للصغير الذي بلغ العامين و نص ولم يراه إلا في الصور. بقلم زكية محمد
أثناء الطريق وعلى مقربة من القاهرة انقلبت الأجواء فجأة و أصبح هناك شبورة بالكاد رأى منها السائق، و انتهى الأمر بانقلاب الأتوبيس و اصتدامه بشاحنة كبيرة على الطريق السريع.
بعد وقت وصلت الفاجعة لعائلته الذين انطلقوا بسرعة البرق نحو المشفى المتواجد به، و تعالت الصرخات و النحيب حينما أخبرهم بوفاته منذ لحظات حيث تعرض لإصابة خطيرة في الرأس و الصدر، و صعدت الروح لخالقها.
حزنت عليه كثيراً و نظرت للصغير الذي بين ذراعيها و دموعها لم تتوقف عن الجريان، و ضمته بحنان لصدرها وهي تهتف بداخلها :- بقيت يتيم الأم والاب يا أحمد.
ثم هزت رأسها قائلة بتصميم :- لا لا أنت مش يتيم يا حبيبي مش يتيم أنا هكون ماما و هكون بابا هعوضك ومش هحرمك من أى حاجة، ربنا يرحمهم و يغفرلهم ذنوبهم.
أقيم العزاء و خيم الحزن على المنزل لابنهم الفقيد، لتمر الأيام بعدها بحلوها و مرها على الجميع، تابعت مريم دراستها في القاهرة بعد تحويل أوراقها من الإسكندرية تحت ضغط كبير على والدها لإتمام مرحلتها الجامعية، واعتنت بالصغير الذي كان شمسها المشرقة والذي أعاد البسمة لوجهها و للجميع فهو العوض عن فقيدهم و ذكرى منه.
دفنت مريم ذلك السر في أعماقها و أقامت جداراً صلباً صعب اختراقه، لتظل صورته أمام أهله كما زينها هو لهم، فماذا إن علموا سيصابوا بالخذلان، كما أنها خافت على مستقبل الصغير لذا التزمت الصمت، و تابعت دور كونها والدته الحقيقة و بالفعل لم تبخل عنه بشيء فأغدقته بحنانها و عطفها فبات الصغير متعلقاً بها وكم غمرتها السعادة للفظه إياها ب" ماما".
عادت لمحطة الواقع بعد أن استقلت رحلة إلى الماضي الأليم، الذي كان نتيجته أحمد ذلك البرئ الذي تشفق عليه حتى الآن كلما تذكرت والديه، و لكنها بات عندها شيئاً رئيسياً بحياتها فهو ابنها الروحي بالفعل.
مسحت عبراتها التي أغرقت وجهها حتى أصبحت عينيها بلون الدماء، و صوت شهقاتها يعلو ويعم الغرفة.
ظل محدقاً بها و هو أشبه بأبو الهول لم يتحرك قيد أنملة، و لولا أنفاسه البطيئة لقلنا أنه بالفعل تمثالاً حجرياً. و كيف له أن ينطق بعد سماعه لكل ذلك، أهذا شقيقه الذي كان يدعي الأخلاق الحميدة و الشخصية المثالية يفعل ذلك؟!
يا الله لقد كاد يصيبه الجنون وهو يستمع للحقائق التي تسردها عليه. حرك مقلتيه لتقع على وجهها الدامي و تساءل بداخله كيف تحملت كل ذلك دون أن تشتكي أو تمل، فهي ليست مجبرة على أن تتحمل مسؤولية طفل ليس ابنها، كما أنها ليست مضطرة لأن تخفي ذلك السر عنهم، ذلك السر العظيم الذي قلب كافة الموازين.
ما هذا الجبل الذي تحمل كل تلك الصعاب؟! فهو لن يقول عليها غير ذلك فهذا اللقب مناسباً لها، فمن يمر بتلك الظروف منذ البداية حتى الآن بالفعل جبل و منحه الله قوة تحمل غير موجودة في أي مخلوق آخر.
ألهذا السبب عندما كان يقترب منها ترتجف و كأنها تعيش ذلك لأول مرة، و هو كالأبله لا يعلم أنها بالفعل المرة الأولى أن تجرب هذه المشاعر إلى جواره، شعر بنغزة قوية حينما تذكر اعترافها بأنها تحبه لا بل ومن الصغر، أي غفران سيطلبه منها الآن بعدما ارتكبه في حقها، فهو أصبح مثلهم الجلاد الذي أدمى روحها النقية و هي أبعد ما يكون عن ذلك.
أراد التحدث ولكن ما أثقل الحروف على لسانه فماذا سيقول، فلن يجدي أي شيء لإصلاح الأمر الآن.
نهض من مكانه و توجه ناحيتها بخطا متعثرة كطفل يتعلم المشي حديثاً، جلس على مقربة منها، و رفع ذراعه ليضعه على منكبها، إلا أنها انتفضت مبتعدة عنه قائلة بصراخ ينبع من قلب ذبيح ذُبح على يد الجميع و أولهم هو:- ما تقربليش أنت فاهم؟
نهضت قائلة بدموع و حدة :- مش محتاجة لا عطفك ولا شفقتك، و يا ريت تكون عند كلمتك و تطلقني.
هتف بمهاودة :- اسمعي يا مريم...
قاطعته قائلة بوجع :- أسمع إيه؟ مفيش حاجة تتقال أصلاً يا أستاذ إسلام بعد اللي عملته...
قالت ذلك ثم هرولت لغرفتها لتلقي بنفسها على الفراش تبكي على تلك الجروح و الندبات التي فُتحت من جديد، مع زيادة الجروح لوجع آخر بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
وضع رأسه بين راحتي يده و الندم حليفه على ما أقترف بحقها.
انقضى الليل ما بين بكاء و عض على أنامل اليد لينسدل الستار على الليل و تشرق شمس يوم جديد تحمل الكثير في طياته.
فتح عينيه و اعتدل يبعثر خصلات شعره وهو يتطلع حوله، فقد غفي البارحة دون أن يشعر بعد أن ظل طيلة الليل يسير بالصالة ذهاباً و إياباً، يشعر بالعجز وهو يسمع صوت بكائها الذي يقطع نياط القلوب غير قادر على الدلوف و ترميم ما يمكن إصلاحه قدر المستطاع .
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا