مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات مع رواية رومانسية جديدة ذات طابع إجتماعى تدور أحداثه فى بيئة مصرية, وموعدنا اليوم علي موقع قصص 26 مع الفصل العاشر من رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح.
رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح - الفصل العاشر
تابع من هنا: روايات زوجية جريئة
رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح - الفصل العاشر
رحل الليل سريعًا حاملًا في جوفهِ الكثير، وتناثرت خيوط النهار تارك بصمتها من الضوء في كُل ما تقع عليه .. وعيناهُ الجاحظة لم تستطع أن تُسدل ستائرها، فكُلما حاول أن يستجيب إليه سلطان النوم، يأتي طيفيها الباكي مُسببًا رحيل السلطان من جديد .. ترك "خالد" النافذة وتحرك لجلب قدح أخر من القهوة عاقدًا العزم على أنهاء دراسة الجدول؛ من أجل أنشاء عمل خاص به.
فتح باب غرفتهُ ببطء، فهو يعلم نوم والدته، وتحرك بحذر مُعتمدًا على الضوء المُتسرب من النوافذ، وذاك المصباح الخافت في نهاية الردهة، ولكن قبل أن تطء قدماهُ المطبخ كان صوت باب المنزل يُفتح، ليُصاب بالذهول وسُرعان ما تركهُ جانبًا فوالدهُ لن يأتي لذاك المنزل قط.. وهرول إلى الباب لتجحظ عيناهُ من رؤية والدتهُ في غير وعيها وتلك الملابس التي بالكاد تُغطي جسدها، ليُصاب بصاعقة من الضيق من تلك الهيئة، فيُجبر قدماهُ على الوصول إليه، وبصوت حاول أن يكون طبيعيًا : كُنتِ فين يا "صافي"..
لم تستطع شفتها الرد سوى ببعض الهمهمات، وجسدها ما زال يترنج، ويداه قابضة على المقبض..
أخذ بضع أنفاس مُحاولًا السيطرة على غضبة، ويداهُ تمتد لإسناد جسدها، ويداهُ الأخرى تُخرج مُفتاحها من الباب مُقرنًا هذا بنبرتهُ السابقة : يلا يا "صافي".. وتحرك معاها قاصدًا الحمام، وما هي إلا دقيقة ويداهُ كانت تفتح الصنبور بماء بارد لملأ المغطس لها، وابتعدت للخلف تاركًا الصنبور مُتجهًا إلى حوض الوجه فاتحًا الصنبور الأخر، ويداهُ تغترف من الماء وتنثرهُ على وجهها، وصوتهُ الجامد يُناديها : "صافي".. "صافي"..
مرت عدة دقائق على ذاك الوضع، قبل أن تشهق بقوة، وحلقها يعود لتحكم في مخارج الحروف، وقدمها تستطيع حمل جسدها دون ميالًا، ويدها ترتفع لإزالة تلك القطرات العالقة بوجهها، وبتعلثُم :"خالد"..
اغتصب بسمة باهتة، وبهدوء : هستناكي برة.. وخرج مُغلقًا الباب خلفهُ، مُتجهًا إلى المطبخ من جديد لصُنع قدحين كبيرين من القهوة..
**
على الجانب الأخر بنفس الوقت، كانت "صابرين" تزفر أنفاسها للمرة التي لا تعلم عددها، فقد قضت ليلتها في إنهاء جميع ما لديها من الأقمشة، وقلبت غُرفتها رأسًا على عقب؛ عل هذا يُريح تخبطها، وها قد تسلل الضوء من نافذة الغرفة معهُ الحل الأمثل لذاك الأمر الذي يُرق مضجعها، ولكن ذاك الحل سيترُك جُرحٌ غائر في قلبها وثقوب عدة في حياتها ولكن ما من حل سوى هذا فهي لم ولن تقبل أن تكون بتلك النظرة العاهرة في عيناهُ، ربما خطئها في البداية أنها تركت مقاليد أمورها لما يُعرف بالحب بعدما تجرعت من أكوابهُ الكثير، ليصدع جرس الإنذار مُنبهًا أنها لم تُحب من قبل، فذاك كان أشبه بعلكة الفراولة التي طالما اشتهتا ولكن مع أول مضغة كان جسدها يتحسس ويُصيبهُ الحُمى.. زفير أخر تعبهُ شهيق وعزم قوي يتولد بداخلها، غدًا سترفض في قلب بيتها وجوده ولتحترق في نيران غبائها.. فاقت من تخبطها سريعًا وألقت نظرة راضية على غرفتها ورائحة النظافة تتسلل إلى أنفاسها تاركة القليل من السلام النفسي الذي سيذهب في دربٍ غير دربها.. وضعت الشريط اللاصق على ذاك الغُلاف وتحركت لتُحضر طعام الإفطار لوالدتها.. فتحت باب الغُرفة وتحركت لغرفة والدتها قاطعة الردهة وبنبرة هامسة؛ حتى لا تفزع والدتها : ماما.. وقبل أن تُعيد النداء كان صوت "نعيمة" يعلوا بالجواب : تعالي يا "صابرين"..
تحركت على الفور من جوار الباب لاتجاه نوم والدتها وبتساؤل : ماما في حاجة تعباكِ؟..
-لا يا حبيبتي، مجليش نوم بس.. يلا ساعديني أصلي.
-حاضر.. وتحركت من فورها لجلب الكُرسي وتثبيتُه؛ من أجل وضعها عليه.. وما هي إلا ثلاث دقائق وكانت تفتح باب الغرفة على مصرعيه؛ لخروج الكرسي ودفعة صوب الحمام.. مرت النصف ساعة وكانت "صابرين" أنهت وضوء والدتها وتبديل ملابسها، ودفعها الكرسي باتجاه القبلة تاركة والدتها لصلاتها، وتحركت لتضع البيض على الموقد وأنهاء صلاتها قبل شروق الشمس..
**
صمت مُهيب يرنو على تلك الغُرفة لا يقطعهُ سوى صوت الأجهزة الطبية.. عينها تنتقل بهدوء بين ذاك الجسد الغافي الذي قرر ترك همهماتهُ منذُ ساعات مُستسلمًا لنوم، وذاك الكهل الغافي الذي رفض الاستجابة لها والذهاب لمنزلة.. تحركت بهدوء للاختلاء بنفسها، وجلب قدح قهوة لها، وكوب حليب أغلقت باب الغُرفة بحذر يُنافي ذاك التخبط بداخلها وذاك التساؤل يلحُ عليها منذ أمس، على وجه التحديد بعدما أغلقت الهاتف مع والدتها ودخولها غُرفته.. زفرت أنفاسها بتمهل والكثير يموجوا بداخلها ولكن ما يطفو على السطح أن وجودها لا يصح من أجل والدتها على الأقل، لتعقد العزم أنها ستخبر والدهُ بصعوبة حضورها.. أخذت قدحها وكوب الحليب وعادت للغرفة من جديد، لتفتح الباب بحذر وعينها تسقط على موضع الكرسي ولكن لا أحد، لتدور عينها نصف حركة دائرية لتقع عيناها عليه بجوار النافذة، فتتحرك بخفة على الأرضية، وبهمس : باشا..
رفع "توفيق" عيناهُ لها، والقلق يطلُ من حدقتيه...
بلعت غصة في حلقها، وبثبات اعتادت عليه :هو كويس.. وتنحنحت بإحراج : ممكن تشرب، وأشارت بعينها لسائل الأبيض في الكوب.. ليصلها الجواب تحريك جفنيه بنعم.. لتتحرك لترك قدحها وجلب المقعد؛ من أجل الجلوس أمامهُ ومساعدته.. مرت دقيقة وصمت تام يطبق عليهم قطعتهُ بمرحها : وحدوه..
ابتسم بهدوء وهمس بالتوحيد، وبنبرتهُ الرجولية : قولي الي أنتِ عاوزه..
زفرت بتمهل قبل أن تشرع في القول :أستاذ "توفيق" أنت عارف كويس أنا بحترمك أزاي ونفسي أعمل أي حاجة أرد بيها جميلك عليا، لكن وجودي الفترة دي صعب.. وتوقفت لبرهة لمعرفة أثر كلماتها عليه ولكن ملامح خاوية كانت الجواب، التقطت أنفاسها من جديد وأكملت : لكن كابتن "حازم" الفترة الجاية محتاج راحة تامة وأنا مش هقدر أتعامل مع الوضع..
-طيب..
-طيب أيه، يعني حضرتك مش مدايق مني..
-طبعًا لا، بس على الأقل خليكي معانا فترة لحد ما نلاقي شخص مناسب..
-طيب.. وتلحفت بالصمت وابتعدت بمقعدها لتتجرع قدحها بعدما أصابهُ البرد، فكان بمرارة العلقم لجوفها...وعينها تُسافر في نقطة ما غافلة عن ذاك الذي استيقظ وسمع حديثهم..
قبل دقائق استيقظ "حازم" من نومة على صمت تام يُحيط به، ولكن لم تمضي الثانية إلا وصوتها يخترق صيوان أُذنيهِ بهمس خافت مع صوت ما يحفظهُ عن ظهر قلب، ليبتلع غصة ما في حلقة، ويغمض عيناهُ من جديد وأذنهُ تُكمل التقاط المُتبقي من همسهم، وعقلهُ يعقد العزم على وجودها بجواره، وسخرية لاذعة تجلدهُ "هل ظننتها تكنُ لكَ شيء يا أحمق".. ليفتح عيناهُ وبنبرتهُ الرجولية : "رحمة"..
فاقت من تحديقها في الفراغ على صوته، فخفق قلبها بقوة، وهرولت نحوه : أيوه يا كابتن..
بحزم ثابت : عاوز أروح..
-صعب يا كابتن، حضرتك لسه... وابتلعت باقي حروفها مع غضبه المُتفجر كبُركان خامل...
ارتفع صوتهُ بغضب: شوفيلي مدير المخروبة دي عاوز أروح على مسئوليتي ..
-يا كابتن ما ينفعش.. وقبل أن تحاول إقناعهُ بالعدول عن رأيه صدع صوت..
راقب "توفيق" هرولتها وبريق عينها، وتلك النبرة الجامدة في صوت ابنه، فهو قد علم باستيقاظ عندما وقعت عيناهُ عليه وهو يستمع لاعتذار "رحمة" عن العمل، وبنبرة ثابته : أطلبي الدكتور يا "رحمة"..
وباعتراض : لكن يا باشا..
-اطلبيه يا "رحمة"..
تحركت بإذعان لضغط على زر استدعاء الخدمة الطبية..
**
أنهى "خالد" تحضير قدحي القهوة وشطيرتين من الجبن، فلم يستطع فعل أكثر من ذاك، وتحرك بهم إلى الردهة جالسًا على ذاك المقعد من خشب الاربيسك مُنتظرًا خروج والدتُه، وقبل أن يُغمض عيناهُ مُستمتعًا بمذاق القهوة شعر بحركة قدميها، ليعتدل في جلسته ليضع القهوة والطعام أمامها دون أن تنبث شفتاهُ بأدني كلمة...
تصحر شديد أحتل حلق "صفية" وشعور عارم بالأسف أحتل رسومها، وبنبرة شبة طبيعية : "خالد"..
-كلي يا "صافي" وبعدين لينا كلام..
رفعت الشطيرة إلى فهما وقطعها ببطء وكأن قواطعها عجزت عن وظيفتها، وسُرعان ما ابتاعت ما في جوفها فهو لا طعم لهُ بفمها، لتحاول تجاذب أطراف الحديث : أنت كويس..
لم تستطع ملامح وجه إخراج أدنى تعبير يحتل وجهه، فأكمل بجمود : بقالك كتير مسئلتنيش عن حالي!.. "صافي" الوضع أتغير وأكيد مش أنا الي هتكلم عن مكانتك الاجتماعية وسمعة العيلة، عارف أنك مصدومة والوضع صعب من كل الجوانب لكن لازم نتعايش مع الوضع دا، مش هطلب منك غير بس توفير شوية وتقليل من خروجك، وشغل البيت أنا هقوم بيه لحين لما أتجوز.. وقبل أن يُكمل ..
كانت تستمع بهدوء لما يقولهُ ابنها، ولكن تجسدت الصدمة بخبر زواجه ليس رفضًا للفكرة ولكن خوفًا من أن يدعها كوالدُه ، وبذهول : تتجوز!..
حرك رأسهُ بهدوء اقترن بقوله : أيوه.. لكن الجواز مش موضوعي دلوقتي.. وأكمل قائلًا عندما رأي نظرة التساؤل تقفزُ من عينها... هبيع العربية وهشتري المحل الي قدام العمارة..
صدمة أم صاعقة لا يهم فجميع أجزاء جسدها نافرة من هول ما سمعت، ورسومها تحكي الكثير من الاستياء وبنبرتها السابقة : تبيع العربية عشان حتة محل.. أنت أتجننت رسمي يا "خالد"، أنا مش هسمح بكده أبدًا..
حاول الحصول على الهدوء فهو يعلم جيدًا عشق والدتُه للمظاهر الاجتماعية، وبنبرتهُ الرخيمة : "صافي" دا الحل الوحيد والا هنشحت...
كان لواقع تلك الحروف أثرًا مدويًا على عقلها، سرعان ما انبثقت شفتها : روح لـ "توفيق" هو هيتصرف..
حرك رأسهُ بلا فائدة؛ فوالدتها دائمًا تُلقي معاناتها على أكتاف الغير، ليكمل بصرامة : العربية أنا عرضتها للبيع، وطبعًا مفيش نادي على الأقل سنة لحد ما الأوضاع تتصلح.. وتحرك إلى غرفته وقبل أن يدلف إلى غرفته فجر أكثر القنابل قوة : أنا هتجوز مُطلقة ومن منطقة شعبية..
لم تدع "صفية" جزء من الثانية يمضي بعد انتهاء ابنها من تلك الصفعات ليزيد الطين بله بقرارهُ المعتوه، وبصياح مُستنكر : أيه؟... مُستحيل..
-خالص يا "صافي" لكن أنا بحبها ولولا وجودها كنا بنشحت دلوقتي، وأغلق الباب خلفهُ غير قابل لرأيها..
**
أنهت "صابرين" صلاتها وتحركت لتطوي المصلاة وتدعها في موضعها، وتحركت لجلب طعام والدتها والدواء.. وبعد خمس دقائق كانت تضع ما بيدها على المائدة، وبنبرة مرتفعة بعض الشيء : يلا يا ماما الفِطار جاهز..
أغمضت "نعيمة" عينها، وحمدت القدير على عطاياهُ، قبل أن تُجيب : تعالي يا" صابرين" محتاجة أتكلم معاكي..
قطعت الخطوات الفاصلة بين طاولة الطعام ومقعد والدتها، لتجلس على تلك الأريكة المُقابلة، وباستغراب : أيوه يا ماما..
-وبعدين يا بنت بطني؟..
-بعدين أيه بس؟..
-حالك المتشقلب أنتِ وأختك، كُل وحدة فيكوا فاكرة أني عاجزة ومش هعرف، و...
لم تدع والدتها تُكمل وبفزع : بعد الشر عليكِ ، إحنا...
حركت رأسها بالرفض، اقترن مع قولها : شر ايه يا بنت بطني، لما كل وحدة فيكم وجهها يتلون في اليوم مية مرة، وعينها تلمع زي النجوم وتتكسر زي الزجاج.. وانتظرت دقيقة تُراقب تعبير وجه ابنتها التائه لتُكمل : القلوب ملهاش سلطان لكن سلطان العقل والدين ميغلطش يا بنت عبدالله، ومتنسيش أنك في نظر الناس مُطلقة، لقمة ساهلة لأي حد، عقلك في رأسك تعرفي خلاصك...
لأول مرة تشعر "صابرين" بتلك المهانة ليس اعتراضًا على والدتها ولكن؛ لأن الكلِمات لمست وترًا أخر قررت تركهُ منذُ مدة، لتنفرج شفتيها عدة مرات باحثة عن قول يُذكر ولكن، حروفها عُقِدة ول يُمكنها فك العُقد.. ليصدع صوت جرس البيت مُنتشلها من ذاك الموقف، فتهرول لطارق..
**
توسطت شمس الظهيرة كبد السماء، فكان الجو حارق للغاية، وكأن بابًا من أبواب جهنم فُتِح علي مصرعيهِ.. ارتفعت يدها بهدوء تُزيل قطرات العرق، وتتحرك لتُنهي تبديل تلك الشراشف، ولسانها يتمتم بحنق على تلك العائلة المجذوبة في كُل شيء أب يُجبر ابنه على البقاء، وابن يُصيح كالدجاج رفضًا لمكوث والده، وكلاهما يعتكف بالغرفة كالأطفال.. زفرت بحنق وقدمها تتعثر في السرير لتُطلق صرخة مكتومة من الألم، وتهمس : اللعنة.. وتتحرك صوب سلة الملابس وتضع بها الشراشف المُتسخة وتحملها لتنظيف ومتمتمه بكلمات غير مفهومة.. لتدخل المطبخ وتضع السلة بعُنف بجوار الغسالة وتبدأ بنقل ما فيها إلى الغسالة، وقبل أن تضبط المؤشر صدع صوت "حازم" بالنداء، فتحركت على مضض..
قبل دقائق كان "حازم" جالسًا على مقعدهُ المُتحرك، يُريد الحديث معاها ول يعرف بماذا يبدأ، ليظل على تلك الحالة من التردد فتحسمها حنجرتيه القرار وبنداء : "رحمة" يا "رحمة"..
-أيوه..
-كُنتي فين...
- هكون فين يعني..
-طب أعمليلي شاي..
-مفيش غير حليب..
بنبرة هادرة من غيظه :" رحمة"..
بابتسامة صفراء : بلا "رحمة" بلا بتاع ، هتشرب حليب تمام، مش هتشرب يبقي أحسن.. وتحركت قاصدة المطبخ، ويدها تعبث بهاتفها؛ للحصول على طريقة ما لصُنع حساء الدجاج ولكن هاتفها نفذ شحنه، لتغمض عينها محاولة جلب الهدوء وتذكر حديث اختها عن تصنيع الدجاج، ولكن الذاكرة لا تستجيب، لتجلس بضيق على مقعد مائدة المطبخ تُراقب الفراغ.. قبل أن تشعر بنداء اسمها، فتبتسم بهدوء : ايوة يا باشا..
أكمل "توفيق" الضغط على زر كرسيه المُتحرك، وبمشاكسة قاصدها : الجميل زعلان ليه..
رفعت إحدى حاجبيها باستنكار، وردت بعملية : تحب أعملك حاجة أستاذ "توفيق"..
-لا.. بس لقيتك مدايقة قلت أتكلم معاكي شوية..
-شكرًا يا باشا، عن إذنك أنا لازم أمشي، والمستشفى هتبعت تمريض مكاني.. وقبل أن تتجاوز باب المطبخ للخروج.. تجمدت من قولة..
راقب تعابير وجهها جيدًا، ليُخبرها : حبتيه وخايفه ول أنا كبرت وخرفت..
بدأ الاستنكار والذهول جليًا على وجهها : نعم..
-تعالي نتكلم، يمكن دي أخر مرة نتقابل فيها..
استجابت قدمها للحركة والعودة المقعد من جديد رغم رفض عقلها هذا : ليه حضرتك قلت كده؟..
ابتسم برزانة وبنبرتهُ الرخيمة : كنت بعتبرك بنتي يمكن لأني شفتك شبها، لكن تعاملك برسمية معايا بلاش..
-أيوة بس.. وابتلعت حروفها مع..
-بس ايه... دماغك راحت فين؟..
-مارحتش لكن أنت شايف الوضع مينفعش، يمكن أنا لحد دلوقتي بقول ليه شخص بمكانتك يساعد بنت زي.. مش غريبة حبتين، لحد ما أقنعت نفسي أنها صدقة منك انك تساعدني أشتغل..
-عارفة يا "رحمة" أنتِ شبها في كُل حاجة من زمان رفضت شغلها عندي وقالت مبقبلش صدقة، بس الي متعرفيهوش أن الراجل مبيعملش صدقة مع أنثى الا لو شاف فيها حاجة وأنا شفتها فيكِ خوفت يحصلك زيها لما عرفت حكايتك، لكن أنتِ أقوى منها بكتير.. وأغمض عيناهُ قابضًا على تلك الدمعة العالقة بأهدابه، جامعًا البعض من ذرات الهواء، قبل أن يُكمل.. العين مراية القلب يمكن عينك لحد دلوقتي خايفه لكن الي بتعملية مع "حازم" ليه دافع تاني أنتِ خايفه منو.. يوم ما طلبت منك تنتقلي معاه هنا قلت لو رفضت يبقي أنا خرفت لكن...
-الحكاية أكبر من كده لا أنا ول هو ننفع، العقد مبتنفعش مع بعضها..
-بس بتقوي بعضها، الشيبة دي مش من فراغ..
-صعب، عن إذنك، وتحركت تقاوم دموعها، لتصدم بكرسيه المُتحرك، فتبتسم برزانة وتتحرك بهدوء صوب الخارج لتتوقف على..
كان "حازم" يستمع لما قيل، وقبل أن يُخبرها بمكنون قلبه، كانت قررت الرحيل دون عودة، مُلقية نظرتها الغائمة وبسمتها الباهتة بوجهه، لتنفرج شفتاهُ : "تتجوزيني"..
صفعة حادة نالت من قلبها، على اثرها اهتز جسدها، ولكنها استعانت بتلك القطع الخشبية لثبات، وبجمود : الحكاية ملهاش بداية يا كابتن، واغلقت الباب خلفها بقوة تاركة لعينها العنان..
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا