مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات مع رواية رومانسية جديدة ذات طابع إجتماعى تدور أحداثه فى بيئة مصرية, وموعدنا اليوم علي موقع قصص 26 مع الفصل الحادى عشر من رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح.
رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح - الفصل الحادى عشر
تابع من هنا: روايات زوجية جريئة
رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح - الفصل الحادى عشر
وتبقى جِراح الروح الأكثر قسوة، فهي دائمةُ النزيف وكأنها لا تعرف طريقًا لشفاء، فتنتظر رياح القدر بغبارُها لتزيد الألم نكاية.. أغلق "حازم" عيناهُ مانعًا ذرات الهواء من العبث بتلك الغيوم المُتجمعة في حدقتيهِ، ولكن كانت لأنفه رأي أخر فقد اعترفت الكثير والكثير من الذرات؛ لتُطفأ ذاك البُركان المُشتعل بداخلهُ من رحيلها.. لو أخبرهُ أحدهم قبل سنوات أن شعور اليتم سيعود ليستوطن روحه من جديد ما كان صدق بل كان أوسعهُ ضربًا، ولكن تلك الحقيقة المُرة أن اليتيم لم ولن يُشفى من جِراح الاحتياج، وهي كانت كمادة لاذعة لشفاء، بها يُشفي الجرح ولكن مع ندبة أعمق في الروح تقيح الجرحُ على أثرها لإخراج ما بداخلهُ من خُبث الدماء.. لترتفع يداهُ لتمسد ذاك الألم النابض من بين أضلُعه، ولكن الألم يزداد قسوة ولهيب العجز يأكُل ما تبقى لديه من معالم للحياة، فهو أيقن أن شُعاع الحياة المُتبقي لهُ قد ولى..
خرج "توفيق" من المطبخ مُحاولًا أثناء "رحمة" عن قرارها، ولكن قد سبق السيف العزم مع إغلاقها الباب، ليعتصر فؤادهُ من الألم برؤية رسوم ابنه النابضة بالألم، ليتبرع قائلًا : لو بتحبها بجد الحقها، وهي عندها الي يخليها ترفض أي حاجة، بلاش تبقى زي تبكي على الي فات كل دقيقة..
لم يستطع الرد ولكن تلك النظرة المُطلة من عيناهُ أبلغ من كلِمات لا تُعد ول تُحصي، ليدفع مقعدهُ المُتحرك قاصدًا الشُرفة، و قلبهُ يعتصر من الحزن، وما هي الا دقيقة وكان ينتظر خروجها من البناية، لتلتقط عيناهُ رأسها الضائعة بين كتفيها المُتهدلين، خطواتها المُنهكة، وقبل أن تنفرج شفتاهُ عن النداء...
قبل دقائق أنهى "حمدي" تناول إحدى اللفافات من سرواله، وعيناهُ مُثبتة على البناية ينتظر خروجها، و جسدهُ يغلي كالمرجل من فرط الغضب، وعقلهُ يُحيك الألف القصص والتخيُلات السافرة لما يجري معاها مع ذاك الرجلان.. ليستنشق عدة أنفاس من تلك المحمولة بين إصبعية ويخرجها بتمهل شديد وكأن ينقصهُ جنون من غِياب العقل، وقبل أن يخرج أخر ذرة من عبق النيكوتين بتلك المادة المُخدرة، التقطت عيناهُ هيئتها مُشعثه الشعر، ووجهها المُنتفخ، ليضع تخمين أقذر من السابق، ويتحرك تاركًا تلك العربة خلفُه..
قبل أن تتحرك قدمها من البناية كانت يدها ترتفع لإزالة ما تبقى من دموعها، لتتوقف بغتة بسبب ظهور ذاك الجسد أمامها، وقبل أن تصب جمام غضبها، كانت شفتها تهتف بذهول : "حمدي"..
كمضخة ضخمة رجت بهدير قلبه، فقد على أثرها التنفُس لدقائق قبل أن ينفض ذاك الشعور، ويرسم بسمتهُ الحزينة ونبرتهُ المُماثلة : كُنتِ فين يا أبله الدنيا مقلوبة عليكِ..
خفق قلبها بقوة، وبلهفة : ماما جرلها حاجة؟..
-لا يا ابلة الست نعيمة بخير، لكن..
لم تُفصح شفتها عن القول، فما زالت على أثر الصدمة، ولكن بعينها رأي آخر بالتساؤل..
أجاد رسم قِناع الأسف الذي تركهُ منذُ معرفتهُ بعُهرها، ليُكمل : البت "رضوى" بقالها كام يوم في دنيا غير الدنيا، ومبتكلش أي حاجة..
-ممكن يكون دور برد..
-لا يا أبلة، شكل حاجة من أيهم حصلتها في المدرسة وعاوزين نوديها لدكتور نفساني..
فزع أحل بعينها على تلك الصغيرة، لتُسارع بفتح حقيبتها، وشفتاها تُخبرهُ : هكتبلك رقم دكتور كويس... وقبل أن تُكمل كانت تسقُط في براثن سُلطان النوم..
ألقى "حمدي" نظرة على المكان من حولها قبل أن يحملها ويضعها في سيارتهُ مُنطلقًا إلى ما لا يعرف..
كانت عيني "حازم" تجحظ أكثر من ذي قبل، ويداهُ تقبض بقوة على مقعدهُ المعدني، ونبرة قاسية تُفارق حنجرتيهِ كالقذيفة : "رحمـــــــة".. لتبحث عيناهُ عن الهاتف طالبًا رقم أخيه، ليبدأ بدفع مقعدهُ بكُل ما لديه من قوة..
**
أخر ما يُمكنُنا توقعهُ هو أول صفعة تمرُ بنا وهو ليس صفعة فحسب، بل ضربة لا مثيل لها من سواط العشق الضائع.. حُبِست أنفاسها لوهلة وأغمضت عينها لتأكد من وقوفهُ أمامها وقبل أن تُبدي رفضًا لوجوده ببيتهم، فقد عقدت العزم على الرفض، لتنفرج شفتها بحروف اسمه ما بين الكثير والكثير : "خالد"..
لم يستطع المكوث دقيقة أُخرى في البيت بعد حوارهُ مع والدتهُ، ليجد نفسهُ يأتي إلى منزلها دون تردد، وبنبرتهُ : ممكن أدخل..
نظرت حولها عدة مرات ليس للاختباء من حالها ولكن لذاك المُداهمة الغير محسوبة من هجوم جيوش الغير، وقبل أن تُجيب بأي شيء، كان صوت والدتها الجواب : مين يا "صابرين"؟..
أجلت حنجرتيها سريعًا، ولكن ليس لديها بطاقة تعريف لوجوده، ليتبرع هو بالدخول : مساء الخير..
غريب يقتحم بيتك، و يُلقي ترحيبًا، فما من مفر سوى الجواب والجود بكرم الضيافة، وعيناهُ تُرسل الكثير لابنتها مع قولها : اتفضل يا ابني..
رجفة قوية مرت بسائر جسدها، وقطرات العرق تتجمع بقوة، وبنبرة شبة ثابتة : أستاذ "خالد" مديري في المجلة..
حركت "نعيمة" عينها بغموض، فهي دائما لا تُهين فتياتها أمام أحد، وبنبرتها : شوفي الأستاذ يشرب أيه..
حركت رأسها بنعم، وهي تعلم أن بعد رحيلهُ ستأخذ الكثير والكثير من غضب والدتها ، وبهدوء : تشرب أيه؟..
كان "خالد" يُراقب تعابير وجوههم من طرفًا خفي، وبهدوء لا يُنافي تلك النظرات : شاي..
هرولت للمطبخ تحتمي به من كُل شيء فالقادم لا يُبشر بالخير، لتبدأ بإعداد الشاي واخراج بعض المخبوزات بجواره.. لتمر الخمس دقائق، لتحمل صنيه وتتحرك بارتجاف نحو الردهة ولسانها يُتمتم بالكثير، لتجحظ عينها؛ والدتها تبتسم بانشراح، وضحكاتهُ الرجولية تملاء البيت، لتقف كالبلهاء تُحدق بهم، لتفق من شرودها على صوت والدتها بالتقدم... تحركت لتضع ما بيدها، وعينها ما زالت بجحوظها، وقبل أن تنحني قليلًا لوضع ما بيدها، كان..
خرج صوت "نعيمة" بابتهاج : قدمي الشاي لخطيبك..
هل فقدت قدرتها على السمع أم أن خيالات عقلها والأحلام تتجلى بقوة؟!..
ليصدع صوت "خالد" : لا خطوبة ايه نمشيها جواز على طول..
لتُجيب "نعيمة" بهدوء : الرأي لـ "صابرين"..
ليُكمل بمرحة : والسكوت علامة الرضا مش كدة برضو..
صل إليها حديثهم كالضباب هو والدتها يقررون زواج رفضتهُ، لتنجلي حنجرتيها بتساؤل : خطوبة ايه؟..
لم يدع لها مجال القول، ليُكمل : أهي زي هنتجوز أمتي؟..
لتُجيب "نعيمة" بقليل من التوجس من هيئة ابنتها :" صابرين"..
ولكن "خالد" لم يدع لها مجال للجواب، فنهض على الفور نحوها مُتمتمًا : بعد إذنك يا طنط اتكلم معاها..
نظرة خاطفة من عينها نحو عيني والدتها تطلب منها العون، ولكن عينيها كانت غافلة في غيوم السعادة فتلك البسمة الضائعة من وجهها قد عادت لتهزم خطوط الزمان.. لتبتلع تلك الغصة في جوفها كأشواك، وتمضي قدمًا نحو دربٍ لم تعرف هل هو الخير أم لقبٌ أخر سيُضاف لأحزانها.. لتمر دقيقة كانت تقف أمامهُ مُنكسه رأسها تُراقب خطوط الأرض من أسفل قدمها، تتمنى أن تختفي مثل ذاك الخط أسفل إحدى الأغطية.. لتُجلي صوتها وبانهزام مرير أقسى من سابقه همست بما يقتُل روحها : موافقة..
هل جواب الموافقة بذاك الميثاق مؤلم لهذا الحد أم هو يتوهم؟.. لا يعرف ولكن هيئتها تلك طعنتهُ في مقتل، ليبحث بين حروفهُ عن شيئًا يُعيد إليه المفقود : "صابرين"..
-أرجوك بلاش تقولها حاجة وأنا مُتنازلة عن أي حاجة في حقي، دموعها عينها تنفُر من رِبطها، لتخرُج حروفها مُهتزة؛ بفعل دموعها : بلاش تكسر فرحتها..
لو كان القتل مُباح لفعلهُ على الفور، فهيئتها تلك بهمستها كـطير مذبوح أخر شيء يتمنى رؤيته، ليُخبرها بنبره رخيمة : أنا بحبك يا "صابرين" وأسف على الي حصل إمبارح..
حلم أخر من أحلام الأمس يطفو على سطح يومها، وبصدمة ونبرة مُهتزة من عدم التصديق : يعني مش هتأذيني زي ما قولت.. ويأتي الجواب في ابتسامة صادقة احتلت عيناهُ بجدارة رافعه بين ستائرهُ السوداء رايات الفرح، وإيماء خافت من الرأس اقترن بقوله : نتجوز أمتي، معنديش مانع النهاردة..
تسربت ضحكاتها بإستحياء، و رأسها تهتز بالموافقة.. ليترفع صوتهُ بجنون مع حركة قدميه :ما تزغرطي يا طنط... وقبل أن تخطو قدماهُ الخطوة الثانية كانت ترانيم الفرح تنتقل من شفتها لقلبه..
تمتمة ناعمة بالحمد ودمعة هاربة من براثن الزمن، اقترنت بيدي "صابرين" تلتف حول عُنقي والدتها...
ارتفع صوت الهاتف بالرنين، ليُجيب "خالد" بلهفة : "حازم".. ولكن دقيقة كانت كفيلة بقلب وجههُ رأسًا على عقب، ليُتمتم بفزع: ايه.. مسافة الطريق وأكون عندك.. ليتحرك على عجل مُتمتمًا بالاعتذار.. أسف يا طنط حصل ظرف طارئ ومضر أمشي..
-خير يا ابني..
-مش عارف، بس ممرضة أخويا أتخطفت..
صرخة حادة شقت الجدران : بنتي..
فر التساؤل : بنت أيه يا ماما..
-هو "خالد توفيق الرماح"، و "رحمة" ممرضة "حازم الرماح"..
صدمة تجلت في وجه كلاهما، ليقطع تلك الرسوم الفزعة، هرولت "خالد" للخارج، هامسًا : أن كُل شيء سيكون على ما يُرام..
**
شبح أم جان!.. كلاهُما الأكثر رُعبًا لدى أحدهم رغم اعتناقه سن الرشد فكيف لطفل لم يبلغ إدراك العقل التام ببعض الهمهمات من الذكر لتحصين من كينونة ما يطفو في خياله وأمام عينة في كُل صباح ومساء.. صرخة حادة شقت جُدران روحها المُتألمة من فعل مُشين لم يصل لها يزورها في كل دقيقة وكأن عينها لا ترى سوي انتفاض جسدها وهرولت ساقيها رغم اهتزازهم.. عاود جسدها للارتعاش من جديد، وخيط دافئ يتسلل بانكسار أسفل ملابسها ليُبلل الشراشف...
التقطت أذني "جميلة" تلك الصرخة الحادة فهرولت صوب غرفة ابنتها، وبلهفة أضأت المصباح وتحركت لتضمها، ولسانها ينفرج عن التساؤل : مالك يا ضنايا.. والصمت جوابها من تلك الرجفة المُنتقلة إليها من جسد الصغيرة، لترتفع يدها لرؤية وجها ابنتها الشاحب وقبل أن تهمس بحرف كانت صغيرتها تسقُط في جُب اللاوعي.. لتفزع من رؤيتها فتهرول للهاتف؛ لتطلب العون من زوجها، ولكن لا جواب.. لتدع الهاتف وتهرول لنافذة؛ لتُطلب العون الأخر من أخيها ولكن شرفة بيتهم مُعلقة، فتركض للخروج من البيت طالبة العون من ابنة غريمتها... دقيقتان كانت الفيصل من ترك شقتها والنزول لطابق الأرضي لتطرق الباب بكُل ما لديها من قوة، مُنتظرة الجواب، ويدها الثانية تضغط على الجرس..
قبل دقيقتان بالأسفل، حاولت "صابرين" مُحاربة خوفها؛ لتُطمئن والدتها، ولكن لقرع الباب رأي أخر جعل الرُعب يدُب في أوصلها، فتهرول بفزع، لتمر دقيقة من فتح الباب والتعب الشديد يحتل رسومها طاغيًا على فزعها؛ فزوجة عمها لا تأتي ألا في مصائب الدهر لشماتة، ولكن بفزع هذا مصدر التعجُب الشديد، وبتساؤل : في ايه؟..
حروف نافرة من حلقها فخرجت مُشعثه لا توحي بالمعنى الذي تُريدُه : "رضوى"... نامت.. أغمى عليها..
لن تدع لها مجال لاستكمال فهرولت على الدرج، قاصدة غُرفة الصغيرة، لتفزع من هيئتها وجه شاحب يُضاهي الموتى، وشفاه أقرب لبياض الثلج.. لتجلس بجوارها مُحاولة إفاقتها، ولكن لا فائد، لتبدأ برفع الشراشف ولسانها يُتمتم : يلا نوديها المُستشفى، وانحنت لتحملها بسهولة؛ فجسد الصغير ضعيف للغاية، لتهرول على الدرج وصوت أنفاسها يصل لمن في الحارة..
**
ظلام دامس بعبق رائحة الجيف، يُثير بالجسد النفور والغثيان، ولكن مع تلك الرائحة التي لا يتحملها بشر قرر "حمدي" المضي قدمًا، فتلك الغُرفة في إحدى البنايات القديمة بحارة أخرى، كانت أسهل شيء يُمكن الحصول عليه، فهي غُرفة تحت الأرض تُعرف "البدروم"، لا تحتاج سوى لبعض النقود والحصول عليها، ولكن تلك الرائحة النافذة لم تُثنيه عن الرحيل منها، ليُكمل سيجارتهُ بانتشاء غريب، وعيناهُ تُسافر لذاك الجسد العاري أمامهُ، لا يسترهُ سوى رقعة قُماشية مُهترئ، ليُكمل أنفاسُه وطواحين عدة تدور في رأسه ما بين مؤيد ومعارض لما فعلهُ، ليسقُط المُعارضين في بئر أن هذا هو الصواب لنيلها دون قيود، أخذ نفسًا أخر قبل أن يُلقيها أرضًا، وبنبرة فجة لا تحمل من الرحمة مثقال ذرة : قومي.. وقدماهُ تركُلها بعُنف في خصرها..
سُلطان الظلام يجمع ستائرهُ ويرحل ببُطء شديد، وعينها لا تستطع الانفراج، ولكن تشعر بالرطوبة الشديدة أسفل جسدها، فتأن بخفوت ضائعة، وعينها ما زالت تُجاهد للاستيقاظ، لتُفتح عينها على ذاك الشُعاع الضوئي الباهت الموجة نحوها، فتعود لغلق عينها من جديد، ومع تحرك يدها شعرت بُعري جسدها ففزعت بخوف وحاولت الجلوس من فورها لكن جسدها اللعين خانها، وبفزع :أنا فين؟.. ودارت عينها سريعًا لتجد جُدران صفراء باهتة، وعناكب عدة في جميع الزوايا، و.... وبرعب شديد.. "حمدي" لا يرتدي من ملابسهُ سوي سروال قُطني... دقيقة أم عشر لا يهُم سوى نيران تضرب بأحشائها وخيط من المياه الحارقة يُفارق عينها وبحروف لا تعرفُها وكأنها لم تعرف الكلم يومًا : هو... فين... ازاي.. لتنشق غُمة الصمت عن حنجرتيها وتصرخ بكُل ما لديها من قوة.. أاااااااااااااااااه...
قهقهة رجولية تُفارق شفتيه، وبهمس كفحيح الأفعى : مسمعش صوتك والا فيديو صغنن هينور الحارة كُلها.. والست الوالدة مش هتستحمل السفيرة عزيزة...
حركت رأسها بالموافقة ، ودموعها لا تتوقف عن الهطول وبرجاء : بلاش ماما والنبي وأنا هعمل الي أنت عاوزوا...
ليُكمل بتلك النبرة السابقة : ماشي بس لو صوتك طلع متلوميش إلا نفسك... ليتحرك خطوة للأمام جالبًا ملابسها؛ ليُلقيهم بوجهها مُكملًا.. البسي مش طايق أشوفك..
حركت رأسها بنعم ويدها مازالت مُتشبثة بتلك القطعة القُماشية، والأخرى تجمع ملابسها بانكسار وخذي شديد.. ليصل إليها حروفه الساخرة : أخلصي عشان أروحك ولو فتحتي بوقك متلوميش الا نفسك... وبتهكم.. يا أبلة..
حركت رأسها بنعم وملوحة عينها تكوي وجنتيها بلهيب مُشتعل، ولكن ما باليد حيلة فما عات دموعها تُجدي نفعًا سوى نكاية بالجُرح الذي لم ولن يندمل سوى بموتها...
**
من قال أن العجز يعني عدم الحركة فقط فهو أثم ول سبيل لشفاعتهُ.. مرت الساعتان ببطء مُقيت وكلاهُما ينتظر أن تنتهي تلك الزجاجة الدوائية من السكب في عروقها من خلال تلك الإبرة المعدنية المُثبتة بمعصمها.. دقيقة تتلوها أخرى وتلك المادة البيضاء لم تنتهي بعد، والطبيب اخبرهم بالتشخيص المبدئي إعياء شديد وفقر في الدم، وعندما علم بصمتها قرر أن يعود إليها مرةً أخرى بعد الانتهاء من تلك الزجاجة.. وهي هي قاربت على النفاذ، لتهرول "صابرين" من تلك الغرفة الكبيرة المُسماة بعنبر لاستضافة عدد لا بأس به من الحالات في مكان واحد، ومع كل خطوة تخطوه تتقلص معدتها أكثر من ذي قبل فهذا يبكي، وتلك تتحدث، وأخرى تُلقي عبارات المواساة، ونظرات الاشمئزاز تطل من عين تلك.. بلعت غصتها المريرة وخرجت من باب الغُرفة عينها تبحث عن أحدي العاملين في مجال للتمريض، لتعثُر على أحدهم فتهرول صوبها، لتُخبرها بنفاذ المادة الدوائية لجلب الطبيب..
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا