مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات مع رواية رومانسية جديدة ذات طابع إجتماعى تدور أحداثه فى بيئة مصرية, وموعدنا اليوم علي موقع قصص 26 مع الفصل الخامس من رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح.
رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح - الفصل الخامس
تابع من هنا: روايات زوجية جريئة
رواية قلوب ضائعة بقلم رانيا صلاح - الفصل الخامس
"خفقان قلب"
عندما تفقد حق الحياة في العِشق فأنت ميت لا مُحال، ولكن تبقى التساؤلات تطرح نفسها بقوة، هل أنت تستحق هذا، أم هم من فعلوا ذاك، أم أثمً وقعت بهِ ذات يوم ووجب عليك ردهُ من راحتك، فربما كُنت أنت سارق الراحة من الغير؟...أنهت تسليم ما تبقى لها في الطابق العلوي، ونزلت تلتهم الدرج بسعادة غامرة، عاقدة العزم على عمل وليمة تبهج قلوبهم بها، ليبدأ عقلها بتذكيرها بما يلزمها من خُضار ولحم لإتمامها على أكمل وجه.
ومع هذا لم يستطع عقلها التوقف عن تخيُل ابتسامة والدتها عندما تجلب لها الكُرسي، وتُساعدها على التجول في أرجاء البيت بدلًا من جلوسها منذُ سنوات داخل غُرفتها، وعندها وثب قلبها بقوة كطفل حصل على حلوى العيد بغزارة من يد الجد...
أغلق "خالد" باب غرفة مكتبه فور خروجه منها، ويدهُ تحمل احدي الملفات التي استطاع إنهائها، ووضع بها ما يلزم من التكاليف الازمة لتصليح الأجهزة المتوقفة، وقبل أن تتحرك قدماهُ قيد أنمله، كان هاتفهُ يعلوا بالرنين من "رحمة"، وقبل أن يُجيب كان قد أُظلمَ؛ نفاذ شحنه.. همس مُتذمر أقرب إلى السخط، امتزج مع دقات قلبه؛ ظن أن مكروه قد أصاب أخيه، وقبل أن يُفكر بالركوض كان...
توقف "صابر" أمامه، وبنبرة عملية يشوبها الاحترام : - أستاذ "خالد"..
-ايوه..
-الأستاذ "ثروت" عاوزك في المكتب..
ظهر التخبط والانشغال جليًا على صفحات وجهه، وهتف بتوتر : - معلش يا عم "صابر" بلغوا أن حصلي ظرف طارئ، وسلموا الملف دا، وبلغوا كُل حاجه طلبها موجوده هنا.. ولم ينتظر ردهُ بل ركض سريعًا للخارج كأن مسًا شيطاني أصابُه، ولكن قبل أن تصل قدماهُ إلى الطابق الأرضي تلاشت الرؤية من عيناهُ شيئًا فشيئا، ومادت الأرض من تحته، ورجفة باردة مرت بسائر جسده، وقبل أن يسقُط أرضًا مُرحبًا بالرخام من تحته...
توقف عقل "صابرين" عن الومضات؛ رؤيتها جسد ما اقترب أن يتسلم إلى الأرض، لتُزيد من ركوضها، وترتفع نبرتها في صياح : - حاسب.. ودقيقة وكانت يدها كعُكاز يستندُ عليه، وبهلع من الموقف برمته، اتفرج السؤال بحلقها : - حضرتك كويس... ومع هذا كانت يدها تُساعدهُ على الجلوس على الدرج، وشفتها ما زالت تُكرر السؤال :- حضرتك كويس..
كاد أن يستسلم لظلام المُحيط به، ولكن صوتًا ما أعاد إليهِ جُزءً من وعيه الضائع، ليتشبث بوهن بدوران السُلم، ليشعُر بصوت أُنثوي يُحدثُه، ويد ما تمتد في مُحاولة واهنه لمُساعدتُه على الوقوف، ليُحاول موازنة جسده، التحامُل على قدميه، قبل أن تلتقط أُذنيه صوتها " حاول تساعدني ترتاح".. ليثني ركبتيهِ ويجلس على الدرج، قبل أن يُجيب على سؤالها بوهن وإرهاق شديد :- ايوه..
أخرجت قنينه ماء من حقيبتها، ومدتها إليه :- اتفضل أشرب..
لم تكد تُعيد طلبها من جديد الأ وامتدت يداهُ للقنينة لتجرع ما بها، ليشعُر بمذاق السُكر في حلقه عندما يمتزج بالليمون اللاذع، فيُكمل تجرُعه دون حرج لم يطرُق باب عقله إلا عندما أفرغ مُحتوها بالكامل، وبحرج : - أسف..
-ولا يهمك، حضرتك بقيت كويس..
-ايوه... ولكن تلاشت الحروف مع ادراكهُ الكامل للواقفة أمامه، ليتفجر أسمها كبُركان خامل "صابرين"، ليهمس اسمها، وعيناهُ مُثبته على بركتي العسل الخاصة بها...
غزى الاحمرار وجنتيها بقوة كجنود تزحف في تسلُل لسيطرة على الأرضي الخاصة بالغير، تنحنحت بإحراج، قبل أن تُردف :- عن إذنك...
هب واقفًا، وبنداء :- "صابرين".. ولكن قبل أن يُعاود النِداء كاد أن يختل توازُنه، ليتحامل على حاجة جسده في نيل قسط من الراحة، ويهرول خلفها على الدرج، ودغدغة خافته تُداعب وتينُه.. ويُعيد النِداء من جديد :- "صابرين" استني... ليقطع البوابة عليها، وانفهُ تقوم بدورها في التقاط الهواء..
كادت أن تتعثر في فُستانها، والخجل قد استوطنها، وقدت انبثق اسمهُ في ذكرتها، وانتصرت الجنود في إراقة الدِماء في وجنتيها، وقلبها الأحمق يقفز داخل قفصها الصدري كمن أصابُه الجنون، وفراشات ناعمة تُداعبُها... بلعت غصة في حلقها، وبتعلثُم اعتراها : - لو سمحت أبعد، كده مينفعش..
-حاضر هبعد، بس.. وقبل أن يُكمل كانت فرت هاربه من جوره، ليستدير للبحث عنها، ودغدغات قلبه تتزايد في صخب، ليهمس مُحدثًا حاله :- وبعدين بقا... ليهمس اسمها بتلذُذ لم يعرفُه من قبل:- "صابرين"...
جلد الذات اشتعل بداخلها، وقدمها تتعثر، وقلبها يخفق بصخب غريب ، لتُعنف نفسها، وتلحق بأول مواصلة قادها القدر بها..
**
ضجيج حاد انفجر في ردهات المستشفى، وهرولت الأطباء باتت أقرب لركض، والصخب ازاد بقوة بفعل تجمُع الصحافين، فقبل ساعتين أصدرت غُرفة" حازم الرماح" أو على حد صحيح، أصدرت الأجهزة تنبيهًا بوجود خطب ما، وارتفعت مُعدلات النبض، لتنفرج شفتاهُ عن أنين، على اثره هرولت "رحمة" للهاتف المُجاور لسريرة طالبة طبيب العِناية، وما هي الا دقائق وتجمهر عدد لا بأس به من الأطباء بالغُرفة، ليُعلنوا بعد ما يُقارب من ساعة ونصف بإفاقته، وأن جميع العلامات الحيوية بخير، عدا ارتفاع طفيف في ضغط الدم من آن لأخر..
أنهى طبيب العِناية كُل الفحوصات التي يستطيع منها الاطمئنان على الحالة، وبنبرة عملية تخللتها الابتسامة : - حمد لله على السلامة يا كابتن.. نص ساعة وهتتنقل غُرفة عادية، عن إذنكم...
بادلهُ "حازم" الابتسامة بأُخرى، قبل أن يجذب انبتاهُ صوت أخر...
عدل "مُعاذ" من وضع نظارتهُ الطبية، وبلهجة مُميته ليس من الحِنق على شخصه، ولكن من غيظة من تلك الواقفة، ليُكمل قائلًا :- حمد لله على السلامة، إن شاء الله هنقيم أثر الكسر الفترة الجاية، لكن يُفضل تكون على عِلم بالحاله، رجلك اليمين حصل فيها كسر مُضاعف من الفخذ، وتهتُك في الأنسجة، وطبعاً دا هيأثر شوية عليك، لكن مع العِلاج الطبيعي هتبقى تمام.. عن إذنك..
حاول "حازم" الاعتدال في نومة، ولكنهُ عجز عن هذا، ولكن عقلهُ كاد أن يُجن من الذهول؛ الأحلام تتحقق، أم حدث لهُ نبؤه، أم ماذا!.. تلك الفتاة رآها في نومة الفترة السابقة، ولكن لا يستطيع تذكُر حدث لها، فقط تشوش وصورتها دون أي حدث، وبتساؤل :- أنتِ مين؟..
سُلِبت أنفاسها منذُ رؤية عينيهِ، ولكن ما لم يُريحُها؛ نظراتُه الغامضة المُثبتة عليها، لتُجيب بعملية رادعة :- التمريض الخاص بحضرتك..
-متأكدة أننا متقابلناش قبل كده..
-مظنش ، تحب تطلب حاجة..
-لا، في حد سئل عليا..
-لا.. عن إذنك، ورحلت من الغُرفة ونواقيس الخطر تتراقص بداخلها، لتهرول لتُبدل ملابسها، فقد تأخرت بما فيهِ الكِفاية على البيت..
ظل يُحدق في أثرها، ولكن ليس بهيام وعَشق، ولكن بغموض، ليدع غموصُه جانبًا، وقبضة أليمة تعتصر قلبه؛ فلا أحد اهتم لوجوده، لم يفتقدهُ بشر قط، ظن أن والدهُ سيخشي عليهِ من الموت.. لتحتل بسمة ساخرة وجهه على ذاك الظن، وعقلهُ يُردد "أفق يا أحمق، هو لم يفتقُدك في طفولتك، ليفتقدُك وأنت على شفا الرحيل، أخذًا معك ذنبًا اقترفهُ في حق زوجته المصون..
ليضع كُل هذا جانبًا، ويغرق في ثبات عميق، طالبًا الراحة..
**
انتصف النهار سريعًا، وتوهج القرص الذهبي لينشُر خيوطهُ الحارقة في الأرجاء، أوقف" خالد" سيارتهُ في المرأب الخاص بالمستشفى، و قلبهُ يُحاكي الشمس الحارقة في توهجها، وخيوط ما حدث قبل قليل تنغزل في عقلهِ من جديد مُطالبه بحقها في الاحتماء أسفل مظلات العِشق، لتِداعب بسمة مشاكسة ثغرهُ، قبل أن يعقد العزم على الخروج من سيارتهُ، حينها أطلق العنان لقدماهُ وركض صوب المشفى قاصدًا غُرفة أخيهِ..
مرت دقيقتان كان قد وصل إلى باب الغُرفة المُخصصة، ولكن قبل أن يفتح الباب...
أنهت "رحمة" دوامها بعد ساعات طويله، لتعقد أمرها أن تأخذ اليوم أجازه، فعينها لم تنعم بدقائق من الراحة منذُ أمس، وجسدها يزأر مُطالبًا بالنوم، لم تتوقف شفتها عن التثاؤب، وقبل أن تصل لبوابة الخروج التقطت عينها ركض "خالد"، فارتفعت نبترها بالنداء؛ لإخباره بالمُستجدات :
-أستاذ "خالد".
توقفت يداهُ عن تحريك مقبض الباب، وتفجرت ملامح اللهفة، والتساؤل القلق :
-"حازم" كويس..
شعرت بذبذبات القلق ترنوا عليهم، فأكملت بنبرة هادئة :
-ايوه، وأستاذ "حازم" فاق...
حروف اللهفة والسعادة عندما امتزج معًا تكُن أقوى رفيقًا بالروح، فتُبهج من حولها دون استئذان :
-بجد..
-ايوه.. عن أذنك، ورحلت سريعًا، وهي تنهر عقلها على تخاذلهُ من جديد في حقها، لتُمني نفسها بجلسة استرخاء تقضيها في غرفتها مع قدح الكاكوا يُعيد إليها ما تبعثر، بفعل رعونة مشاعرها، وربما تعطُشها لتلك القصة التي تسمع عنها من آن لأخر، وتقرأها في حروف الغير...
دخل "خالد" الغُرفة بلهفة، لتسقط عيناهُ على ملامح وجه أخيه المُكفرة، ليحتل التعجب وجهه، ويخفق في السؤال وبدلًا من أن يسئل على حالته، سئل عن عبوس ملامحه :
-مالك يا كابتن مبوز ليه؟..
ابتسامة ساخرة أقرب لتهكُمية شقت وجههُ، وبنبرة جامدة حطمت كُل حصون التحضُر والضبط النفسي بداخله؛ يستيقظ من غيبوبته دون رفيق يطمئن عليه، ألهذا الحد لا قيمة لهُ في قلوب الغير، وهنا صدع عقلهُ بسخرية مماثلة غير من يا أحمق أبيك أم... وهنا خرجت حروف قوله كالحجارة أو أشدُ قسوة :
-مرحبًا يا... وبنبرة مُمطوطة تصطك بها الأسنان من الانفعال المكبوت... أخي، لما كلفت حالك بالقدوم؟..
قهقه ساخرًا، ظن أن هذا مزحة فقرر مُجارته بها، وتزامن هذا مع جلوسه على الكُرسي بترفع شديد، ليُردف :
-رأفتُ بحالك يا صغيري، فقررت القدوم أوليس زيارة المريض صدقة...
تفجرت براكين غضبة، وعجز عن رؤية المِزاح بقول أخيه، فأردف بلهجة هادرة :
-برة يا "خالد"..
انفجر بدورة في نوبة ضحك، فهو يعرف أخيه جيدًا دائمًا يشتعل كطفل أُخذت منهُ لعبتُه على الرغم من ثباتهُ الشديد في النِزلات والمباريات..
-قلت برة..
رفع يداهُ في استسلام :
-خلاص أنا مروح أصلًا أروح أنام سنة كدة ول حاجة، وخرج من الغُرفة، غافلًا عن أخر يغلي كالمرجل، ليضغط على الزر بجوار سريرهُ، عاقدًا العزم على أمرًا ما....
**
حل الليل سريعًا فقد حمل النهار في جعبتهِ الكثير والكثير، ولكن مع هذا كانت "صابرين" تبتسم بإستحياء عندما يمُر في خُلدها ومضات الصباح، فتتخضب وجنتيها بالحمُرة وتشتعل كالموقد الذي أمامها، لتنفض كُل تلك الومضات؛ رائحة احتراق الطعام تتسرب إلى أنفها، فتشهق وتهرول في عجلة لتبعد الوعاء عن اللهب، فترتد للخلف بفعل السخونة، وتغلق الموقد، وشفتها تنفرج في سخط وتأنيب لإفسادها الطعام، ولكنها تحركت في عجلة لنقل قطع اللحم لإناء أخر لإنقاذ ما يُمكن إنقاذُه، ولكن...
عجزت "رحمة" عن النوم، وكأن عِظام جسدها لم تأن من فرط الإرهاق، ولكن عقلها الابله رفض رفضًا قاطعًا أخذ قسطًا من الراحة، وعينها اللعينة تحالفت بضراوة وقررت شن أعتى الحروب فكُلما أغلقت عينها تعود ساعات الصباح لعينها، وحينها تفتح جفنيها بفزع فتجد صورتهُ تُنير الجدار، وامواج بحره ما زالت ثائرة، ولكن شفتاهُ ساخرة... لتزفر بضيق وتهمس لذاتها بالتقريع "وماذا بعد يا...؟"َلكن تسقُط الماذا في بئرًا سحيق، ويرتفع الجواب كالدلوٍ مُلِء لتو بما يسكنُ البئر الا وهو مُداعبات الفراشات لمعدتها، فترتفع يداها وتبعد الغِطاء بعُنف، وتخرج طالبة الحصول على قدح الكاكاو خاصتها رُبما يهدأ عقلها قليلًا...
مرت دقيقة أو أقل وكانت تقف أمام المطبخ تُراقب ابتسامة أختها باستغراب شديد، فليست ابتسامة فرح بريئة فحسب، بل بسمة حالمة تعكس تخبُط حالها، كما تخبط أخوة يوسف في العثور على دليل الذئب المُقدم لأبيهم، وما زاد الشك بقلبها، همسات أختها الساخطة وعجز أنهار عسلها عن رؤيتها، لتنفرج شفتيها عن ابتسامة ماكرة ، وقدمها تتحرك بحذر؛ لفعل مقلبًا بها، وعندما توقفت بجوارها، سمعت همسها اللائم "أبعد بقا"، وبهمس خافت مثلها :مين الي يبعد يا "صابرين"؟...
أجفلت من ذاك الصوت المُشارك لها في سكون البيت، وبفزع :يا لهههوي..
جمعت ذراعيها أسفل صدرها بقليل، وبخبث :- اصمله عليكِ من الخضة، بس...
أصابها سهم الارتباك والتعثُر :- بس... بس أيه؟... في حد يخض حد كدة..
-أخص عليا... وبدأت في رفع حاجبيها في مُشاكسة.. أصل في ناس ملناش دعوة بيهم كانوا سرحانين وهيمانين، وتوقفت لتُكمل قولها مع حركة يدها المُماثله للقول.. وابتسامتهم من الود للودن... عارفة الناس دول..
تحركت في فرار من ذاك التحقيق، وبدأت في البحث عن وعاء جديد لطهو ما تبقى، ولكنها أخفقت في الوصول...
كتمت بسمتها بشق الأنفُس، وبمكر :بدوري على أيه؟..
-حلة..
-الحلل هناك مش فوق الثلاجة...
شعرت أنها مُسِكت بالجُرم المشهود، وبنفس النبرة المُتعثرة :أصل..
-أصل أيه بقا، أنا أروح أنام أحسن.. وقبل أن تتحرك أرتفع صوت الباب مُطالبًا بالجواب...
-روحي افتحي الباب أحسن، متعمليش فيها المُفتش كرمبو..
-طيب، والايام جايه ومسير الملوخية تقع تحت المخرطة، ورحلت سريعًا وضحكتها ترنوا في أرجاء البيت.. لتفتح الباب وتتجسد البسمة المُرحبة لوجنتيها مع رؤية الطارق وبترحاب :- اتفضل يا عم "صابر"..
تنحنح "صابر" في إحراج وعيناهُ ما زالت مُتعلقة بقدمه ، وبنبرة رجولية :- ازيك يا زقردة..
حركت رأسها بنفاذ صبر من ذاك القلب المُلازم لها منهُ، وبمشاكسة :- زقردة ايه بس يا عم "صابر"، أنا بقيت شحطة كبيره أهو...
قهقهة في ود، دون أن يتزحزح قيد انملة عن مُشاكستها :- بس يا زقردة، شحطة ايه وأنتِ متجيش لركبتي...
-أنا عارفة هي ليلة باينه من أولها.. وسُرعان ما بلعت مشاكستها والجدية تحتل رسومها، وبهمس مُثير لريبة، ويدها تُشير لهُ يُقرب أذنهُ منها :- يا عم "صابر"..
وبهمس مُماثل يتناسب من نبرتها المُنخفضة :- في ايه...
-"صابرين"..
-مالها..
-مش باين عليها أي حاجة غريبة في المجلة النحس..
عجز عن كبح جِماح ضحكاتُه فخرجت مُجلجلة مصحوبة بتعثُر خفيفة بفعل السُعال اللعين، فهو يعرف جيدًا رفضها لتلك المجلة، وعلى وجه التحديد سماجة "ثروت" معها عندما قرر الزواج من أختها سرًا، ولن ينكُر رفضهُ للأمر، ولكن قرر الاحتفاظ برأيه فلم يكُن على علاقة وطيدة بالفتيات، كان مُجرد صديقة لوالدهم، وليس لذاك الحد من الصداقة الذي يُجب بمعرفة سُكان البيت، ولكن أزمة وفاة زوجته وابنه، الزي تزامن مع طلاق "صابرين" بعد وفاة والدها أثار لديه نزعة الشهامة ولعلمهُ بطُغيان "جابر"، ليفق من شروده ...
خرجت "صابرين" من المطبخ، وهي تُجفف يدها، وبتساؤل :- دا كلو بتشوفي الي بيخبط، لتتوقف عن الإكمال، وبترحاب :اتفضل يا عم "صابر" ماما صاحية، وأكملت دون تُوقف عَلَا هذا يُخفف من وطء الأحراج عليهِ.. كُنت لسه هتصل بيك أنا مرضتش أحمر العيش الا لما تيجي..
-يدوم كرمك يا بنتي ويجعلوا عامر، وارتفعت يداهُ لتستوطن صدرهُ في تعبير صريح عن الإعفاء الذي أمتزج بقوله : - معلش يا بنتي أعفيني أنا..
-والله أبدًا، تعالي أتفضل وهسيب الباب مفتوح...
تحرك في حياء، ويداهُ تدفع الكُرسي صوب الردهة، دون حديث يُذكر...
تلاشى الهمس سريعًا، وبرقت اعيُنهم كقط وجد مخزون كافٍ من الحليب، ليقطع تأملهُم تحرك "رحمة" نحوهُ بسعادة وكأنها لم تراهُ بعملها، وبهمس غير مصدق :- جبتيه أزاي؟.. مش كنا متفقين نجيبو كمان ثلاث شهور..
-ملكيش دعوة يا رخمة، يلا يا ست المُمرضة وديه لماما، وأنا هشوف الي على النار.. ورحلت دون انتظار الجواب، وشفتيها تهمس بالكثير من الحمد...
نظرت "رحمة" خلفها وعينها تلبدت بالغيوم المُبهجة دون سقوط، وبنبرة مُتحشرجة :- كده يا عم "صابر" متقوليش...
-يلا روحي لأمك، وبعدين نتكلم...
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا