رواية رضوخ للعشق بقلم قسمة الشبينى - الفصل الثالث عشر
اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة
تابع أيضا: قصص رومانسية
رواية رضوخ للعشق بقلم قسمة الشبينى - الفصل الثالث عشر
اتجه هلال عائداً للمنزل بعد عدة اتصالات من أبيه يأمره فيها بسرعة العودة وهو يعلم جيداً الأمر الذى يستدعيه لأجله لذا لم يتسرع عله يتفهم الأمر لكن مع تكرار الاتصال اضطر للعودة.
اتجه فوراً للدور العلوى ليجد أبيه يجوب الردهة ويبدو عليه الغضب الشديد وما إن وقعت عليه عينيه حتى سحبه نحو غرفته واغلق الباب لينظر له بحدة: هو احنا ناقصين خدم علشان تجيب خدامة من دار فرج علام؟ ولا هى مشاكل وجر شكل والسلام؟
جلس هلال فوق فراشه بهدوء: يا أبا الموضوع مش كده خالص.. خالة جليلة مش خدامة .. خالة جليلة مرات فرج علام
ظهرت الصدمة جلية على وجه عرفة الذى لم يبد مصدقا لما أخبره به ولده للتو، إلتقى حاجبيه رافضا وعاجزا عن الحديث للحظات ثم تساءل: انت بتخرف بتقول ايه؟ مين اللي قالك الكلام الفارغ ده!؟
أجاب هلال بلا مراوغة: مهيب اللى قالى وهى مستجيرة بينا يا أبا
تابع عرفة حدته: وحتى لو هى مراته بتعمل ايه فى دارنا؟
أشار له نحو الخارج: قوم أجرى مشيها من هنا . إحنا مش عاوزين مشاكل مع فرج . اصلا هيبقى راكبنا الغلط لما نخبى مراته منه.
ابتسم هلال ووقف بوجه أبيه: تقدر تعملها يا أبا؟ إذا كنت انت مدخلنى الاوضة وموطى حسك علشان ماتسمعش وتكسر خاطرها.. عاوزانى اطردها من دارنا؟ من أمته يا أبا بنرد اللى يجى على بابنا؟ ومن أمته بنخاف من نصرة المظلوم؟
مسح عرفة وجهه وصمت قليلا، هو لا يرفض مساعدة أيا كان، لكن تلك الأخبار التى يخبره ابنه بها للتو تدعوه للتراجع .. هو لا يهتم متى تزوجها فرج ولماذا ؟ لكنه لن يسمح أن يشاع أنه أخفى زوجة فرج عنه .. كما أنه لا يحب أن يتأثر زواج هلال وأمينة بسبب ذلك.. لم يقم ابنه بما يغضب فرج ورغم ذلك حاول منع إتمام الخطبة فماذا بعد علمه بوجود زوجته فى بيته؟؟
عاد بعينيه نحو هلال الذى لم تغب ابتسامته التى تربت فوق غضبه ليتساءل: عارف التمن ممكن يبقى إيه؟؟
تنهد هلال واتسعت ابتسامته: مايقدرش يا أبا.. يمكن أمينة لسه قلبها بعيد اوى عنى بس عقلها قريب
ضرب عرفة كفيه ببعضهما بحيرة متعجباً أمر فرج الذى يبدع فى الدناءة مع الجميع حتى زوجته أو زوجتيه على ما يبدو منذ زمن طويل.
اتجه نحو الباب محتفظا بكل تخبطه الذى لن يبارح صدره لكنه توقف ليقول: ماتخرجش من أوضة ستك لما نشوف هنعمل ايه
أومأ هلال وكأنه يراه ليغادر عرفة فيعود نحو فراشه مستلقيا فوقه بأريحية، كان يعلم أن أبيه لن يرفض مساعدة جليلة رغم أنه لم يطلعه على ما أطلعه عليه مهيب .
عجبا لأمر فرج علام!!
يريد مناطحة رجل له قلب مثل أبيه بينما لا يملك هو سوى صخورا مترسخة بصدره ورأسه على حد سواء.
دارت عينيه مع صورتها التى ترسخت داخله، أيام قليلة منحته فيها العديد من الذكريات التى تضم كافة المشاعر التى لا تسمح لأى منها بالسيطرة عليها وهذا يثبت له كم هى فتاة مميزة
كان حدسه صادقاً، هى فتاة نادرة الوجود، احسن لنفسه حين تمسك بها.
فمن يمكنها منح هذا الكم من المشاعر فى أيام يمكنها منح عمرا يفيض بها وهو مستعد لتقبل هذا الفيض مرحباً بغمرها له فبعد هذا الفيض ستزهر حياته وتؤتى ثمارها.
*****
دخلت غرفتها لتغلق الباب دون الجميع وتخرج هاتفها، طلبت رقمه ليجيب وكأنه بإنتظار هذا الاتصال، ساد الصمت بعد ترحيبه بها ليتعجب: أمينة انت كويسة؟
وصلته زفرة تعلن عن الضيق الذى يتمكن من صدرها ثم تساءلت: ليه مش قولتى لى الصبح؟
أجاب بلا تفكير: خوفت عليكى
رددت بدهشة: خوفت ! ليه ؟
أجاب بتساؤل: ينفع نتقابل ؟
أغمضت عينيها وهي تشعر به يحاصرها: تانى؟ عموماً إحنا راجعين مصر النهاردة وهنعدى عندكم ناخد طنط جليلة معانا.
تساءل فورا مع رفض داخلى للفكرة: تاخدوها فين؟ أمينة بلاش تقفى قدام جدك انت مش عارفاه كويس
بل هى تعرف جدها حق المعرفة رغم أنها لم تحيا بهذه القرية، جدها لا يهتم سوى لنفسه وحين يصبه اليأس من إيجاد جليلة فسيبحث عن أخرى، هو لا يهتم لكون جليلة فرت بقدر ما يغضبه أنها فرت منه هو .
ماذا كان ينتظر بعد هذه السنوات التى استخدمها فيها لأغراضه الخاصة؟
ماذا كان ينتظر بعد أن حرمها حقوقها كإنسانة؟ كأنثى؟ كزوجة؟
ساد صمت قصير العمر قبل أن تجيب بثقة: ماتخافش يا هلال انا عارفاه كويس جدا. انا كمان عاوزة أقابل تيتة نعمة واتعرف عليها. بلغ طنط وداد إننا هنيجى .
لم يجب لتنظر للهاتف تتفقد الإتصال ثم تعيده متسائلة: هلال سامعنى؟
أجاب هلال متنهدا: هتاخدينى لفين يا أمينة تانى ؟ وهتاخدى منى إيه تانى؟
دارت تنظر لانعكاس صورتها فى المرآة وقد اشعرتها حيرته بسطوة على قلبه تبدو لها مغرية لزيادة القرب والتشبع من هذا الإحساس.
رأت تلك اللمعة بعينيها لتبتسم مرغمة وسرعان ما آثرت طمر كل هذا تحت دثار من المرح وتتدعى الصدمة : كل ده علشان رمانتين اكلتهم من جنينتك! شكلك هتطلع بخيل وتتعبنى يا تنين انت
وصلتها ضحكاته التى تنبئ بتنحية مشاعره حالياً وحصولها على مشاكسة جيدة ستغير مزاجها بكل تأكيد.
.....
أنهى هلال الاتصال وهو يستلقى مجددا بوجيب صدر يعلو بتتابع مزعج دفعه للأنتفاض عن الفراش وهو يتلفت حوله بحيرة واضحة قبل أن ينزع قميصه ويبحث عن غيره فوجود أمينة بمنزل أبيه حدث يستحق الاحتفال.
....
وقف فرج أمام ماكينة المياة ذات الفم الدائرى الذى تتدفق منه المياة بسرعة لرى الأرض لتشبه تماما غضبه الذى تتدفق منه الدماء الحارة لكن لتؤلم كل ما فيه.
سمع خطوات يعرف صاحبها جيداً تقترب لتتوقف فيتساءل: لاقيتها؟
أجاب مروان: لا يا جدى. مالهاش اثر فى البلد كلها.
تعجب فرج؛ فأين يمكن أن تكون امرأة مثل جليلة بلا أهل ولا مأوى؟
هل غادرت البلدة؟
من أين لها بالمال؟
لقد توقف عن دفع راتبها منذ تزوجها تحسباً ليوم كهذا تثور فيه على سطوته وعليه.
هل وهبتها أمينة المال قبل الرحيل؟
تراها كانت بهذه القوة ؟
لقد كانت بالفعل اقوى مما ظن ، لقد عاشت عمرا تعرى خباياه وهو يحيا وهم تعذيبه لها.
قاطع أفكاره صوت مروان الذى يتساءل: انت زعلان علشانها يا جدى؟
انشقت شفتي فرج عن سخرية خالصة وهو يجيب بحدة: تغور فى داهية تاخدها. هستنى إيه من واحدة ملهاش اصل.
ثم تحرك ينهر العامل بالحقل: انت يا زفت اقفل الميه الشمس فى قلب السما. انتو ماتعرفوش تعملوا حاجة لوحدكم أبدا.
تابع حركته مع هرولة الرجل ليتبعه مروان بصمت .
.....
وصل جمال وسليمان الذى يبدو رفضه جليا لبيت فرج فيتجه سليمان من فوره نحو السرادق القائم منذ أمس رافضاً دخول المنزل ليتجه جمال للداخل وحده فقد رفضت أمينة أيضا التوجه للبيت الكبير متعللة بالارهاق وضرورة الاستعداد للسفر .
كان البيت صامتاً بشكل يزرع الوحشة فى الصدور ، تعلقت عينيه بالأريكة التى كانت مجلس أمه المفضل ليشعر بالمزيد من الوحشة .
رأى الفتيات العملات بالمنزل وكل منهن تحمل حقيبة لتضعها قرب الباب الكبير وتعود للدور العلوى وسرعان ما ظهرت فاطمة برداءها الأسود تهبط الدرج بتوءده تظهر مدى إنهاك روحها .
رفع رأسه لتنظر نحوه: سليمان فين يا ابن عمى؟
أشار للخارج: قاعد في الصوان.
اومأت بتفهم ليتساءل: ابويا فين؟
اتجهت نحو الباب وهى تجيب : شوية وهتلاقيه راجع هو بيرجع قبل الضهر.
غادرت تبحث عن زوجها بينما جلس جمال ينتظر أبيه ولم يطل انتظاره.
مرت دقائق على جلوسه وعبر أبيه الباب تظهر خطواته الواسعة مدى غضبه ليتأكد أنه رأى أخيه وزوجته بالخارج، عجباً لتسلطه!
ألا يكفيه اتباع مروان له بهذا الخضوع الظاهر الذى يعلم جيدا أنه ادعاء لكسب المزيد من اطماعه الخاصة .
اجتاز الردهة بحدة ليقف جمال: انا راجع مصر النهاردة
تهكمت ملامح فرج: انت كمان! براحتك انا مش محتاج حد منكم جارى . اللى عاوز يشرد يشرد واللى عاوز يتغرب يتغرب.
لم تنجح ثورته فى تهدئة مكنون صدر جمال الذى تساءل: كنت مستنى إيه يا أبا؟ بعد ما شوفنا موت أمنا مقهورة بالشكل ده! بعد ما حرمت عليا طول عمرى اشوف أمى وادخل بيتك علشان رافض مراتى المهندسة بنت الأصول وانت متجوز جليلة؟ كانت إيه جليلة علشان تتجوزها على امى؟
ضرب فرج الأرض بعصاه: انت هتحاسبنى ولا إيه؟
انشقت شفتي جمال عن مرار خالص وهو يجيب: للاسف مش من حقى. بس فى رب هيحاسبنا كلنا .
اتجه للخارج ليتوقف قرب مروان: خد بالك من جدك يا مروان
تابع سيره وتمنى مروان أن يستوقفه ويعلن عن رفضه القاطع لزواج أمينة من هلال بل والتوعد بعدم تمامه إلا أن الوقت غير مناسب بالمرة وقد يخسر بسبب هذا التوقيت لذا تابع بصمت مغادرته وما إن غاب عن الأعين همس فرج : الجوازة مش هتتم يا جمال. اذا كنت فاكر انك هتقوى جدرك هنا بولاد البحيرى تبقى غلطان. ابن البحيرى مش هيلحق يتجوز بنتك .. تعالى ورايا يا مروان.
شاعت السعادة بصدر مروان وهو يتبع جده. ظن منذ لحظات أنه خسر فرصة محتملة لكن جده سيمنحه فرصة مؤكدة.
......
أقترب جمال من أخيه الذى ينتظر خروجه وكان مهيب فى هذا الوقت يرتب الحقائب التى جمعتها فاطمة بالسيارة ، وقف جمال قبالة سليمان : هتروح فين يا سليمان؟
ابتسم سليمان لقد كان يفتقد حماية أخيه الأكبر وتفقده له، هو لا يحب أن يعيش دور الأخ الأكبر أو الأبن الوحيد: حداى دار صغير هروح اقعد فيه انا وفاطنة ومهيب . لا محتاجين دار كبير ولا خدم ولا مال.
تساءل جمال بقلق: انت عندك ارض تزرعها يا سليمان؟
هز سليمان رأسه مطمئناً أخيه: حداى يا جمال . انت عارف ماليش غية غير الارض والزرع ولما كان حد بيعرض أرضه للبيع كنت بشترى. والحمد لله عندى اللى يكفينى وزيادة.
.....
أنهت دهبية ترتيب الحقيبة لتنظر نحو أمينة الجالسة بهدوء برفقة مها تتهامسان لتقترب: حاجة تانى يا ست؟
نظرت لها امينة: شكرا يا دهبية . وقولت لك بلاش حكاية ست دى أنا أسمى أمينة.
اومأت الفتاة ثم اتجهت للخارج ثم تقهقرت لتشعر أمينة أن ثمة ما تريد قوله فتتساءل: عاوزة حاجة يا دهبية؟
نظرت الفتاة أرضا: كنت يعنى بسأل لو حضرتك يعنى..
قاطعتها أمينة: اتكلمى علطول ماتخافيش
تابعت بترقب: إذا تحبى اجى اخدمك فى مصر؟ انا ماليش حد فى البلد .
نظرت لها أمينة لترى صورة تكررت أمام عينيها كثيرا ، الفتاة الفقيرة اليتيمة التى تستخدم فى الخدمة بشكل محجف ولا يتناسب مع صغر أعمارهن.
ابتسمت لها بمودة: تعالى يا دهبية حتى نتسلى سوا.
عبرت قسماتها البريئة عن سعادتها لتتابع أمينة: روحى جهزى نفسك.
هرولت دهبية لتتساءل مها : هتاخديها ازاى وانت هتاخدى طنط جليلة؟
أجابت أمينة بثقة: الغلابة دول طيبين اوى يا مها. بيحسوا ببعض ويمكن الاتنين يلاقوا الونس مع بعض.
.....
دخل جمال ليجد كل الحقائب معدة وكان يرافقه مهيب الذى تهكم: انا النهاردة حاسس انى شيال
اتجه نحو الحقائب ليستوقفه جمال : استنى يا مهيب إحنا كل واحد بيشيل شنطته .
ظهرت مها تسحب حقيبتها الصغيرة لتتجه للخارج : انا برة يا عمو
نظرت لمهيب نظرة بدت له قاسية ليحمل حقيبتين ويلحق بها متعجباً بينما اتجه جمال لتفقد المنزل مع ظهور أمينة: انا تممت يا بابا ماتقلقش بس دهبية هتيجى معانا.
لم يعترض جمال بل نظر للفتاة: استنى فى العربية
اسرعت تتحرك ليتساءل: أمينة كلمتى هلال؟
أخبرته أمينة عن المحادثة وعن رغبة هلال فى لقائها بينما هى تريد أن تقابل جدته لذا قد تطول الزيارة عدة دقائق فحسب.
......
ترك الحقيبتين بجوار سيارة عمه واتجه نحو سيارتها. كانت تهم بحمل الحقيبة ليسرع فيرفعها عنها ويضعها بالسيارة فتنظر له بنفس الحدة: شكراً
تساءل فوراً: مالك يا مها؟ انت زعلانة منى ؟
أجابت بصوت شبه حاد: ايوه زعلانة قولت لك عاوزة اتفسح على الجرجار وانت ولا سألت عنى. ولا كأنى ضيفة عندكم والمفروض تشوف طلباتى
ضحك مهيب: هو انت لسه عاوزة تتفسحى على الجرجار؟
نظرت له بحدة تظن أنه يسخر منها لكنه تابع: اصل هنا أرياف وانك تركبى جمبى كده الناس هتجيب سيرتك.
عقدت ساعديها بغضب: ويجيبوا سيرتى ليه يعنى؟ خلاص مش عاوزة انا مسافرة أصلا ومش جاية عندكم تانى.
حك جبينه مدعياً التفكير: هو فى حل واحد علشان افسحك زى ما انت عاوزة بالجرجار.
نظرت له تنتظر تتمة حديثه بينما اقترب قليلا: اتجوزينى وانا افسحك بالجرجار طول عمرى
تابع من هنا: جميع فصول رواية اماريتا بقلم عمرو عبدالحميد
تابع أيضاً: جميع فصول رواية انتقام اثم بقلم زينب مصطفى
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات مصرية كاملة
اقرأ أيضا: رواية شرسة ولكن بقلم لولو طارق
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا